الأوقاف: الصلاة سكينة وخشوع ووقار وكل ما يخرج بها عن ذلك يخرج بها من دائرة الإخلاص
صلاة التراويح بجزء ليست أمرًا مسنونا ولا محظورًا
صلاة التراويح بجزء ليست أمرًا مسنونا فنعممه ، ولا أمرًا محظورًا فنمنعه , فالأمر في ذلك على السعة ، غير أن محاولة حمل الناس على الصلاة بجزء أو غيره زيادة أو نقصًا حملا واعتبار ذلك هو السنة أمر غير صحيح ، لأن صلاة القيام بجزء كل ليلة من رمضان أمر لم يؤثر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ولم يأمر به ، ولا قال به أحد من الأئمة الأربعة ، كما أن حمل الناس على رأي واحد أمر فيه مشقة , وهو ما يقال في مثله : اختلاف الفقهاء رحمة ، طالما أنه لم يصادم أصلاً شرعيًّا ولا نصًا ثابتًا ، ومع ذلك فلا حرج على من صلى بجزء ولا إنكار عليه ما دام لا يدعي أن هذا هو السنة , ويدرك كذلك أن من أخذ بغيره زيادة أو نقصا لا حرج عليه على الإطلاق , فتعدد المشارب والمسالك هو الأصل, والضعيف أمير الركب .
ولذلك تحرص وزارة الأوقاف على قبول هذا التنوع مراعية حال من لا يطيق طول القيام , وحال من يناسبه التوسط , وحال من لديه القدرة على الإطالة , مؤكدة أن العبرة إنما هي بالإخلاص وصدق النية , مع مراعاة ظروف كل مسجدٍ أو منطقة , من خلال التنسيق مع المديرية والقطاع الديني بديوان عام الوزارة.
مع التأكيد على أن كل ما يخرج بالصلاة من دائرة الخشوع والخضوع والسكينة والوقار يخرج بها من دائرة الإخلاص , لذا فهي وإن تطلبت حسن الصوت وتمثيل المعاني صوتيا لا تحتمل أي لون من ألوان التفاخر أو التمثيل بحركات اليد أو نحوه , وقد نعى النبي (صلى الله عليه وسلم) على بعض أصحابه مبالغتهم في رفع أيديهم في الصلاة , فقال : “مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيَكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلِ شُمُسٍ اُسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ ” (صحيح مسلم) , وقال : “أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا – أي هونوا – عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا ، وَلَكِنْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا” (صحيح البخاري).
وعلينا أن نعلم أن الغاية من العبادة هي تقويم النفس والسلوك , وما لم ينعكس أثر العبادة على السلوك كانت شاهدة على صاحبها لا له.
ويجب ألا يقتصر التدين عند الجانب العاطفي ومجرد أداء الشعائر , إنما يجب أن يترجم إلى سلوك وفن عمارة الكون وصناعة الحياة.
شعائر الصلاة توقيفية , حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي” (متفق عليه ) , فلا يستحب الخروج فيها عن المأثور إلى غيره , حتى لا يخرج بها البعض من أمر الدين إلى أمر الدنيا دون أن يدرك أنه قد ينزلق إلى هاوية , وفي الحديث ” مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ طُمِسَ وَجهُهُ ، وَمُحِقَ ذِكْرُهُ ، وَأُثْبِتَ اسْمُهُ فِي النَّارِ” (المعجم الكبير للطبراني).