خلال الندوة التي أقامتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي بمسجد ” آل حمد ” بمحافظة الجيزة
د/ محمد أحمد حامد :
العمل أساس في استمرار الحياة وإعمار الأرض
الشيخ/ صابر زايدة :
الدين الإسلامي عظم مكانة العمل
الشيخ / زكريا حسونه :
العمل أساسُ نهضة الأمم وتطورها
برعاية كريمة من معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف , وبالتعاون مع صحيفة عقيدتي أقيمت يوم السبت 27 / 4 / 2019 م ندوة علمية كبرى بعنوان : ” قيمة العمل ” بمسجد ( آل حمد ) بمحافظة الجيزة , وحاضر فيها كل من : د/ محمد أحمد حامد مدير إدارة نشر الدين والحياة بديوان عام الوزارة , والشيخ/ صابر زايد مدير إدارة أوقاف بولاق الدكرور , والشيخ / زكريا حسونه إمام المسجد , وأدار الندوة الأستاذ / إبراهيم نصر مدير تحرير صحيفة عقيدتي والذي أكد على أهمية مواصلة هذه الندوات التي تعالج قضايا مهمة في المجتمع .
وفي كلمته أكد د/ محمد أحمد حامد مدير إدارة نشر الدين والحياة بديوان عام وزارة الأوقاف أن أهمية العمل تتمثل في استمرار الحياة، وإعمار الأرض، قال تعالى: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} ، وقال جل شأنه : “هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ “، وقال (صلى الله عليه وسلم) : ” إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ” ، موضحًا أنه ينبغي أن يكون هذا العمل خالصا لله (عزوجل) ، قال تعالى: ” وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ” ، مبينًا أن الإسلام جعل العمل واجبًا على كل من يستطع أن يعمل، فليس في الإسلام خمول ولا كسل ولا تضييع وقت ؛ إنما جد واجتهاد وعمل، قال (صلى الله عليه وسلم) : (مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ، خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ) ، فالإنسان يكتسب قيمته في الحياة من خلال ما يعمل، قال الشاعر :
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه *** والجاهلون لأهل العلم أعداء
كما أكد فضيلته أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يصنع فرص عمل للناس، فعَنْ سيدنا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (رضي الله عنه)، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ: لَكَ فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: بَلَى، حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ، وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَدَحٌ نَشْرَبُ فِيهِ الْمَاءَ، قَالَ: «ائْتِنِي بِهِمَا» ، قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟» فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: «مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ، وَقَالَ: «اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ، وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا، فَأْتِنِي بِهِ» ، فَفَعَلَ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَدَّ فِيهِ عُودًا بِيَدِهِ، وَقَالَ: «اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَلَا أَرَاكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا» ، فَجَعَلَ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ، فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، فَقَالَ: «اشْتَرِ بِبَعْضِهَا طَعَامًا وَبِبَعْضِهَا ثَوْبًا» ، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ وَالْمَسْأَلَةُ نُكْتَةٌ فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ دَمٍ مُوجِعٍ”.
وفي كلمته أكد الشيخ/ صابر زايد مدير إدارة أوقاف بولاق الدكرور أن الدين الإسلامي عظم مكانة العمل واعتبره ضربًا من الجهاد في سبيل الله تعالى ، يجاهد فيه المؤمن لتحقيق ذاته ، حيث لا تقتصر فائدته على جني الأموال وتأمين الغذاء والملبس والمسكن فقط ، بل يتجاوز ذلك بكثير كونه يحقق الأمن في المجتمعات ويحول دون حدوث الجرائم الناتجة عن الفراغ والفقر والحاجة ؛ كما أنه يؤدي إلى التوازن النفسي لدى الفرد وينعكس ذلك تلقائياً على تحقيق السلام الاجتماعي ، فَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ (رضي الله عنه) أَنَّ رَجُلاً مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) فَرَأَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) مِنْ جَلَدِهِ وَنَشَاطِهِ مَا أَعْجَبَهُمْ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ!! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): “إِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَفِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ لِيَعِفَّهَا فَفِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَهْلِهِ فَفِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى تَفَاخُرًا وَتَكَاثُرًا فَفِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ” .
وأضاف فضيلته أن الإسلام أعلى من شأن العمل بأن جعله عبادة من العبادات التي تقرب العبد لربه في حال اقترن العمل بالنية الخالصة لله تعالى، ، وهذا يعتبر محفزاً قوياً للإنسان على الجد والعمل بالشكل المتقن، قال تعالى : ” مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ” .
وأشار إلى أن الإسلام جعل لكل إنسان قيمة ، وكل عمل مأجور عليه بإذن الله رب العالمين، وحياة المسلم لا تخلو من العمل الذي هو من العبادة، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، فإذا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } , فالمسلم يعيش حياته كلها عبادة وعمل، لقوله تعالى: ” قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ “.
وفي كلمته أكد الشيخ / زكريا حسونه إمام مسجد ” آل حمد ” بالجيزة أن الإسلام رفع من شأن العمل ، حيث جعله بمنزلة العبادة التي يتعبد بها المسلم ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى , فالعمل هو أساسُ نهضة الأمم وتطورها ، ونظرًا لأهميّة العمل حثّ الإسلام عليه في القرآن الكريم ، كما في قوله (عزوجل) :”وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ”.
وأوضح فضيلته أن الإسلام عظم من شأن العمل مهما كان هذا العمل، وعلى قدر عمل الإنسان يكون جزاؤه، لقوله تعالى : ” فاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى” .