وزير الأوقاف في خطبة الجمعة من مسجد “المرسي أبو العباس” بالإسكندرية يؤكد : كل إنسان مسئول أمام الله في حدود ما ولاه إياه
والمسئولية فردية وأسرية ووظيفية ووطنية
المسئولية الوظيفية تقتضي الأمانة والتفاني في إنجاز المهام
والمسئولية الوطنية تقتضي الحفاظ على الوطن والعمل على تقدمه
في إطار دور وزارة الأوقاف التنويري ، ومحاربة الأفكار المتطرفة ، وغرس القيم الإيمانية والوطنية الصحيحة ، ألقى معالي أ.د/محمد مختار جمعة وزير الأوقاف اليوم الجمعة 29 جمادى الآخرة 1440 هـ ، الموافق 5 / 4 / 2019م خطبة الجمعة بمسجد “المرسي أبو العباس” بالإسكندرية ، بعنوان : “المسئولية” , وذلك بحضور السيد اللواء /أحمد بسيوني سكرتير عام المحافظة , والسيد اللواء/ حمدي حشاش السكرتير العام المساعد ، والسيد المستشار/ محمد خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، والسيدة المهندسة / سحر شعبان رئيس حي الجمرك ، و د/ محمد معوض المستشار الإعلامي للمحافظة، وأ.د/ أحمد عجيبة أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، و أ / أحمد عبد الهادي وكيل الوزارة بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، وفضيلة الشيخ / محمد خشبة وكيل وزارة أوقاف الإسكندرية ، و د/ عبد الرحمن نصار وكيل المديرية ، ولفيف من القيادات التنفيذية والشعبية , والأئمة المشاركون في معسكر “أبو بكر الصديق” التثقيفي ، وعدد من السادة الصحفيين والإعلاميين.
وفِي بداية خطبته بيَّن معالي أ.د/ محمد مختار جمعة أن خطبة اليوم تدور حول محورين أساسيين : المحور الأول : المسئولية، والمحور الثاني : عن بعض فضائل شهر شعبان خاصة ونحن في رحاب أيامه المباركة.
وفِي معرض حديثه عن المحور الأول : ” المسئولية” أكد على أن المسئولية مرتبطة بالعقل والتكليف وكل عاقل مسئول وفق ما هو منوط به ، ولهذا فالمسئولية متنوعة ومتعددة فثمة مسئولية فردية وأسرية ومجتمعية ووطنية.
وأوضح معاليه أن المسئولية الشخصية هي التي بين العبد وربه , فكل منا سيقف أمام الله (عز وجل) يوم القيامة ليسأله عن كل ما بدر منه في دنياه، قال تعالى ” يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ” وقوله تعالى: ” اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا”
كما أكد معاليه على أن المسئولية ليست قاصرة على الحاكم وحده، ولكنها شاملة لكل أفراد الأمة؛ فلئن كان الحاكم مسئولاً عن شعبه أمام الله (تعالى)، فإن كل فرد من أفراد الأمة مسئول كذلك عن ما يرعاه , كل في دائرة اختصاصه ؛ فالرجل مسئول عن أهل بيته، والمرأة مسئولة عن بيت زوجها، والخادم مسئول عن مال سيده، مستدلًا بحديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) “كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته ؛ الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته , فكلكم راع ومسئول عن رعيته”.
كما أوضح معاليه أن المسئولية الأسرية لا تقتصر على توفير الطعام والشراب والملبس فقط , بل تمتد إلى التعليم الجيد والتأديب والتربية الحسنة , ومكارم الأخلاق.
وفي سياق متصل أكد معاليه على أن المسئولية المجتمعية تقوم على خدمة الفرد والمجتمع , وكل من كان حول الإنسان , حيث علمنا ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في حديثه , فعن أبي موسى قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني، وأنا منهم”.
كما أشار معاليه إلى أن حدود البر والخير لا تقف عند حدود الزمان والمكان , بل إكرام كل ذي حاجة هو من صفات المؤمنين ، مؤكدًا أنه لا مانع على الإطلاق من تخصيص يوم لبعض المناسبات كيوم اليتيم , ويوم للأم , ويوم للمعلم ، مشيرًا إلى أنه من المباحات ولا حرج فيه , ولكن يجب أن لا يقف البر عند حد هذا اليوم فقط , فكانت المسئولية المجتمعية أساس وجزء أصيل من المسئولية الوطنية فهما لا ينفكان بل بينهما تكامل وترابط.
وفِي السياق ذاته أكد معاليه على أن الاهتمام باليتيم هو من المسئولية المجتمعية وهو من موجبات الجنة , مستدلًا بحديث عوف بن مالك الأشجعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة” -وأومأ يزيد بالوسطى والسبابة- “امرأةٌ آمَت من زوجها، ذات منصب وجمال، حبست نفسَها على يتاماها؛ حتى بانوا أو ماتوا”.
كما شدد معاليه على أن الحفاظ علي الوطن جزء لا يتجزأ من حب الإنسان لدينه ؛ فإذا فُقد الوطن فلا أمن , ولا أمان , ولا قيمة للمرء بدونه، موضحًا أنه إذا دخل العدو بلدًا وجب على كل أهل هذا البلد الدفاع عنه ، وعلى ذلك فالمسئولية المجتمعية والوطنية لا ينفكان بل هما متكاملان مترابطان ارتباطًا وثيقًا.
وفي سياق آخر طوَّف معاليه حول المحور الثاني: وهو عن بعض فضائل شهر شعبان ؛ حيث إنه شهر تُرفع فيه الأعمال لتعرض على الله (عز وجل) ، لذا كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يخصه بمزيد من العبادة والطاعة ، والتقرب إلى الله سبحانه ، فكان (صلى الله عليه وسلم) يكثر فيه من الصيام لدرجة لفتت أنظار أصحابه (رضوان الله تعالى عليهم) , فعن أُسَامَة بْن زَيْدٍ (رضي الله عنهما) قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: (ذَاكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ).
وفي ختام خطبته أوصى معاليه بضرورة أن نغتنم هذه الأيام المباركة في كثرة الطاعات ، وفعل الخيرات ، والتقرب إلى الله (عزّ وجل) ، امتثالًا لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : (إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ الدَّهْرِ نَفَحَاتٌ ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا ، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ نَفْحَةٌ فَلَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا) .