خلال الندوة التي أقامتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي بمسجد “أهالي العصافرة” بالإسكندرية
د / هشام عبد العزيز :
وزير الأوقاف يحمل لواء التجديد في الفكر المستنير
في العالمين العربي والإسلامي
ويؤكد :
ارتباط بين الإيمان وحب الوطن
نتعلمه من تحويل القبلة
د/ عبد الرحمن نصار :
الأمة الإسلامية أمة القبلة الواحدة
والتمسك بالحق والثبات على المبدأ من خصائصها
د/ خالد السيد غانم :
نتعلم من أحداث شهر شعبان التربية الإيمانية والوطنية
وهو شهر معراج أعمال الإنسان إلى الله
وتوطئة لدخول شهر رمضان بقلب سليم وفكر مستنير
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة ، ومواصلةً لدور وزارة الأوقاف التوعوي والتنويري ، ورسالتها الدعوية التي تُبصر الناس بأمور دينهم ، وعلى هامش فعاليات الفوج الثامن لمعسكر أبي بكر الصديق التثقيفي ، والذي يستضيف عدد (100) إمام من الأئمة المتميزين المرشحين للمشاركة في ملتقيات الفكر الإسلامي خلال شهر رمضان المبارك ، أقيمت يوم الخميس الموافق 4 / 4 / ٢٠١٩م ندوة علمية كبرى تحت عنوان : ” فضائل شهر شعبان ” بمسجد “أهالي العصافرة” بالإسكندرية, حاضر فيها كل من الدكتور / هشام عبد العزيز المدير العام بمكتب معالي وزير الأوقاف, والدكتور/ عبد الرحمن نصار وكيل مديرية أوقاف الإسكندرية ، والدكتور/ خالد السيد غانم مدير إدارة الإعلام بوزارة الأوقاف , وبمشاركة عدد كبير من السادة الأئمة المشاركين في المعسكر , وجمع غفير من المصلين رجالًا ونساءً حرصًا منهم على تعلم أمور دينهم.
وقدم للندوة الأستاذ / إبراهيم نصر مدير تحرير صحيفة عقيدتي مثمنًا جهود معلي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف على إقامة مثل هذه الندوات التي تسهم في بناء الإنسان.
وفي كلمته ثمَّن الدكتور / هشام عبد العزيز المدير العام بمكتب الوزير جهود معالي أ.د / محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ، وأنه حامل لواء التجديد في الفكر الديني في العالمين العربي والإسلامي , حتى جعله فكرًا مستنيرًا يخاطب الناس بواقعهم , مؤكدًا أننا نستقبل في هذه الأيام المباركة شهرًا جليلا عظيما ، وهو شهر “شعبان” وفيه نستعد لاستقبال شهر رمضان , والذي يهل علينا بخيره وعطاياه ومنحه الإلهية , فعلينا أن نتعرض لنفحات الله في هذه الأيام المباركة كما قال (صلَّى الله عليه وسلَّم): (إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا).
وقد أوضح فضيلته أن المسلمين كانوا يأتمون برسول الله (صلى الله عليه وسلم ) في صلاتهم متوجهين إلى البيت المقدس إلى ما يقرب من سبعة عشر شهرًا ، وظل النبي (صلى الله عليه وسلم) يقلب وجهه الشريف في السماء داعيًا الله “تعالى” أن يجعل قبلة المسلمين الكعبة المشرفة التي هي أول بيت وضع للناس ، حتى أنزل الله “سبحانه وتعالى” عليه قوله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِك فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} .
كما أكد فضيلته على أن الحق “سبحانه وتعالى” ربط بين الإيمان وحب الأوطان , فهما لا ينفكان أبدًا , فتوجه المسلم ووقوفه أمام الله في صلاته خمس مرات متجهًا إلى البيت الحرام – قبلة المسلمين- هو ارتباط بين الإيمان وحب الوطن.
كما أشار فضيلته إلى أن الوطن ليس مجرد حفنة من تراب أو حبات من رمال كما يدعي بعض سفهاء هذا العصر من المرتزقة المتنطعين ممن لا يؤمنون بقيمة الوطن , ولا يشعرون بفضله ومكانته.
ولقد كان تحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة اختبارًا وتمحيصًا للبعض , وتنقية لصفوف المسلمين من المنافقين ، فكان موقف المسلمين الصادقين واضحًا جليًّا قولًا وفعلًا , أما المنافقون فأصابهم الشك والحيرة والاستكبار ، فكان التحويل تنقية للمسلمين وتنقيحًا لقلوبهم .
وفي كلمته أكد الدكتور/ عبد الرحمن نصار وكيل مديرية أوقاف الإسكندرية أن تحويل القبلة يعتبر حدثا غاية في الأهمية ، لقوله تعالى : { سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} , وفي تلك الأثناء كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يمتثل للحُكم الإلهي ، وفي فؤاده أمنية كبيرة طالما ظلّت تراوده ، وتتمثّل في التوجّه إلى الكعبة بدلاً من بيت المقدس ، لأنها قبلة أبيه إبراهيم (عليه السلام) وهو أولى الناس به ، وأوّل بيتٍ وضع للناس ، ويدلّ على ذلك قول البراء بن عازب (رضي الله عنه) : ” وكان يحب أن يُوجّه إلى الكعبة ” رواه البخاري .
وأضاف فضيلته أن الله (عز وجل) أراد أن يجلِّي لنبيه حقيقة الأمر حتى لا يشغل نفسه إلا بما يفيد ، فأخبره خبرًا أكيدًا فقال تعالى : “وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ” أي بكل معجزة , وبكل دليل , وبكل برهان , فلن يسيروا خلفك ولا يتبعوا قبلتك , “وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ” ؛ لأنك تعرف أنه الحق اليقين ، الحق الذي حدده لك رب العالمين من قبل , “وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ” فلن يمشي أحدهم تابعا للآخر , وقوله : “وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ” بمعنى السفر لأي مكان ،”فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ” للتأكيد على أن هذا هو الحق حتى لا نشك لحظة في أمر الله (عز وجل) “وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ” , مؤكدًا أنه لا توجد أمة من الأمم كلها وُصفت بأنها أمة القبلة إلا أمة سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) , وهذا دليل على التمسك بالحق والثبات على المبدأ .
وفي كلمته أكد فضيلة الدكتور / خالد السيد غانم مدير إدارة الإعلام بالوزارة أن الأمر الإلهي لرسوله (صلى الله عليه وسلم) جاء بضرورة أن يُحدث الناس بمجريات الأحداث السالفة , وأن يذكرهم بأيام الله تعالى, ثم كان الأمر مُوسعًا ليشمل عموم الأمة في وجوب تذكير الناس بأيام الله سبحانه , قال تعالى: “وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ”, ومن أيام الله تعالى شهر شعبان , وهو شهر حدثت فيه معركة “المريسيع” , وتحولت فيه القبلة , وفُرض فيه صيام رمضان ، وولد فيه الحسين بن علي (رضي الله عنهما) , موضحًا فضيلته أنه استلهامًا من هذه الأحداث التي وقعت في شهر شعبان نتعلم التربية الإيمانية والتربية الوطنية والاجتماعية من خلال تحويل القبلة, والتربية الروحية والسلوكية من خلال مواظبة الرسول (صلى الله عليه وسلم) على نافلة الصيام.
وفي السياق ذاته أشار فضيلته إلى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) عندما سُئل عن شهر شعبان أجاب بقوله: “ذلك شهرٌ يغفُل الناس عنه بين رجَب ورمضان ، وهو شهرٌ تُرفَع فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين، فأحبُّ أن يُرفَع عملي وأنا صائِم”, مبينًا فضيلته أن ثمة تقارير عن أعمال الإنسان تُرفع إلى الله تعالى ، وهي تقارير يومية كما جاء في حديث أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – قال (صلى الله عليه وسلم) : “إن الله – عز وجل – لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام ، يَخفِض القسط ويَرْفَعه ، يُرفَع إليه عملُ الليل قبل النهار ، وعملُ النهار قبل الليل”.
وثمة تقارير أسبوعية لعرض أعمال الإنسان على ربه فترفع كل اثنين وخميس؛ كما جاء في حديث أبي هريرة ( رضي الله عنه) أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ” تُعرَض أعمال الناس في كلِّ جمعةٍ مرتين ، يوم الاثنين ويوم الخميس، فيُغفَر لكل عبد مؤمن ، إلا عبد بينه وبين أخيه شَحْنَاء ، فيقال: أَنظِروا هذين حتى يصطلحا”.
وأما التقارير السنوية فتُرفَع في شهر شعبانَ ؛ ولهذا كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يحرص على الإكثار من نافلة الصيام فيه.
وفي ختام كلمته أكد فضيلته أن شهر شعبان بمثابة توطئة روحانية لدخول شهر رمضان بقلب سليم وفكر مستنير , يستطيع الإنسان من خلاله أن يبني المستقبل الحقيقي لنفسه إن خيرًا فخيرُُ وإن شرًّا فيجزى بمثله.