وزير الأوقاف في خطبة الجمعة : لا بأس بتحديد يوم للحديث عن حق اليتيم أو الأم أو المرأة أو التذكير ببعض المناسبات الدينية أو الوطنية ومصر من أفضل الدول في إكرام اللاجئين إليها
ألقى معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خطبة الجمعة بمسجد المغفرة بالجيزة اليوم22 رجب 1440هـ ـ الموافق 29 مارس 2019م بمناسبة احتفالات المحافظة بالعيد القومي ، بحضور السيد اللواء / أحمد راشد محافظ الجيزة و السيد اللواء/ محمد رأفت همام سكرتير عام المحافظة، والسيد اللواء /جمال عبد الرشيد رئيس مدينة الجيزة، وفضيلة الشيخ/ محمد نور فرحات وكيل الوزارة بالمحافظة ، والسادة أعضاء مجلس النواب ، والقيادات الشعبية والتنفيذية .
وخلال الخطبة أكد معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أنة لا بأس بتحديد يوم للتذكير بحق اليتيم ، أو الأم ، أو المرأة،أو مكانة العلم ، أوالتذكير ببعض المناسبات الدينية أو الوطنية.
كما أكد معاليه على أن مصر من أفضل الدول في معاملة اللاجئين واستضافتهم وإكرامهم ، ومعاملتهم كمواطنين وليس كغرباء، فهى لم تعزلهم في مخيمات على نحو ما تفعل بعض الدول الأخرى ، بل تقاسمهم لقمة العيش ، فمصر كل من دخلها كان آمنًا ومكرمًا ، وستظل كذلك بإذن الله تعالى إلى يوم القيامة ، بإذن من قال في حقها ” ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ”.
وحذر معالي الوزير خلال الخطبة من المساس بأموال الأيتام ، مؤكدًا أن الإسلام أوصانا بإكرام اليتيم أيّما إكرام , وجعل درجة ومنزلة من يكفل اليتيم ويكرمه هي صحبة الحبيب محمد (صلى الله عليه وسلم) في الجنة , حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ أَحْسَنَ إِلَى يَتِيمَةٍ أَوْ يَتِيمٍ عِنْدَهُ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ ، وَقَرَنَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “كَافِل الْيتيمِ -لَهُ أَوْ لِغَيرِهِ- أَنَا وهُوَ كهَاتَيْنِ في الجَنَّةِ ، وأشار بِالسَّبَّابةِ والْوُسْطى”، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “خَيْرُ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُحْسَنُ إِلَيْهِ، وَشَرُّ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُسَاءُ إِلَيْهِ”.
وقد حذر القرآن الكريم تحذيرًا كبيرًا من المساس بأموال الأيتام , فقال سبحانه : “إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا” , وقال سبحانه : “وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا”.
غير أن مفهوم أموال اليتامى يحتاج إلى تحديد , فقد ينصرف ذهن بعض الناس إلى المال الذي ورثه اليتيم عن أبيه , أو أبويه كليهما , أو أي من مورثيه : جدًّا أو جدة , أو أخًا أو عمًّا , أو غير ذلك , وهو كذلك , غير أن الأمر لا يمكن أن يقف عند هذا الحد , إنما يشمل كل مال حبس على اليتيم ، أو خصص له ، أو جمع لأجله , فكل جمعية تعمل في مجال الأيتام ، وكل شخص يقوم على أي شأن يتصل بشئونهم أو إدارة الأموال المخصصة لهم عليه أن يدرك أن المساس بهذه الأموال بغير حق بأي وجه من الوجوه ، إنما يقع في عداد من قال الله (عز وجل) في حقهم : “إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا” , فالحذر الحذر من مال اليتيم ، أو المساس به ، أو تضييعه ، أو التقصير في حقه ، أو صرفه في غير ما خصص له بأي صورة من الصور أو شكل من الأشكال.
وفي حديثه عن الإسراء والمعراج ركز معاليه على الحديث عن مقام العبودية ، حيث أكد معاليه أنه ولما كان مقام العبودية أشرف المقامات اختار نبينا محمدًا (صلى الله عليه وسلم) أن يكون عبدًا رسولاً ، لا ملكًا رسولاً , وكان تشريفه (صلى الله عليه وسلم) بهذا المقام في أعظم رحلة في تاريخ البشرية رحلة الإسراء والمعراج , حيث يقول رب العزة في كتابه العزيز : ” سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ” , ويقول سبحانه : ” ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى”, وفي إضافة العبودية إلى ضمير العظمة تشريف وتكريم للحبيب (صلى الله عليه وسلم) , فهو عبد الله ورسوله , واقتصر هنا على مقام العبودية لأنها أشرف مقامات العبد بين يدي ربه .
ثم إن مقام العبودية هو مقام النبيين والمرسلين والصالحين والمخلصين , يقول الحق سبحانه في شأن سيدنا أيوب (عليه السلام) : “إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ” , ويقول سبحانه : “وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ” , ويقول سبحانه: “ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا” , ويقول سبحانه في شأن الخضر (عليه السلام) : “فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا” .
وإذا كانت الرسالات قد ختمت ببعثة الهادي البشير محمد (صلى الله عليه وسلم) فإن مقام العبودية يظل باب رحمة واسعة لعباد الله المخلصين إلى يوم القيامة .
وقد قال بعض العارفين : من ادعى العبودية وله مراد باقٍ فهو كاذب في دعواه , إنما تصح العبودية لمن أفنى مراداته وقام بمراد سيده , فلمقام العبودية من التعبد والخضوع , والتذلل والخشوع , ورفع الأيدي وسفح الدموع بين يدي عالم السر والنجوى ، وكاشف الضر والبلوى ، أحوال تدرك ولا توصف , وأسرار لا يباح بها , فالعبودية هي مقام الأصفياء لا الأدعياء .