قافلة علماء الأوقاف بمحافظة مطروح تؤكد :
الشرائع السماوية كلها جاءت لتحقق السعادة للبشرية جمعاء
ورسالات الأنبياء والرسل غايتها هداية الخلق
وإقامة الحق والعدل ونشر الهدى والنور ومكارم الأخلاق
الدينُ الحقيقي ليس جزءا من مشاكل واقعنا المعاصر
ولا يمكن أن يكون ولكن المشكلة قصور الفهم
بتوجيهات من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة وجه رئيس القطاع الديني فضيلة الشيخ/ جابر طايع يوسف بتسيير قافلة دعوية لمحافظة مرسى مطروح يوم الجمعة 28 / 12 / 2018م ، وقد واصلت القافلة عطاءها الدعوي بالمساجد الكبرى بمحافظة مرسى مطروح .
حيث قام أعضاء القافلة بإلقاء خطبة الجمعة الموحدة بالمساجد الكبرى تحت عنوان : ” حاجتنا إلى الدين وضرورة محاسبة النفس ” ، فمن على منبر المسجد الكبير بمطروح أكد الشيخ/ محمد رفعت إبراهيم مدير إدارة الأضرحة بالديوان العام أن الدين فطرة الله التي فطر الناس عليها , حيث يقول الحق سبحانه: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} , ويقول سبحانه : {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}، ويقول (عز وجل) في الحديث القدسي : (إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا).
وأوضح فضيلته أن الله (عز وجل) أرسل الأنبياء والمرسلين بالشرائع التي تنظم علاقة الإنسان بربه ، وعلاقته بأخيه الإنسان ، وعلاقته بالكون كله ؛ ليتحقق في الأرض الحق والعدل ، حيث يقول تعالى : {لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}، ويقول سبحانه مخاطبًا نبيه داود (عليه السلام) : {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} ، ومما لا شك فيه أن الشرائع السماوية كلها قد جاءت لتحقق السعادة للبشرية جمعاء ، يقول الحق سبحانه مخاطبًا نبينا محمدًا (صلى الله عليه وسلم) : {طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى} .
ومن على منبر مسجد العتيق أكد الشيخ / محمد سمير محمد عبد الغني مدير إدارة الدول العربية بالإدارة العامة للعلاقات الخارجية بديوان عام الوزارة أن المتدبر لكتاب الله (عز وجل) لا يخفى عليه أن رسالات الأنبياء والرسل غايتها هداية الخلق , وإقامة الحق والعدل , ونشر الهدى والنور ومكارم الأخلاق , وتحقيق الرحمة للعالمين في الدنيا والآخرة , فها هو خطيب الأنبياء شعيب (عليه السلام) يدعو قومه إلى عدم التطفيف في الكيل والميزان ، فيقول كما حكى القرآن الكريم على لسانه : {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}، وهذا نبي الله صالح (عليه السلام) يقول لقومه : {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ}.
وأوضح فضيلته أنه عندما نقف مع الهدف الأسمى لرسالة خاتم الأنبياء والمرسلين نجد أنه يقوم على ركيزتين أساسيتين ؛ الأولى : في قوله تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}, وهي أخص خصوصيات رسالة نبينا (صلى الله عليه وسلم) , أما الركيزة الثانية : فهي الأعم وتتضمن الأولى وتدعمها وتؤكدها , حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ) ، فلا خلاف أن الشرائع السماوية كلها قد أجمعت على ما فيه خير البشرية ، وما يؤدي إلى سلامة النفس والمال والعرض ، وقيم : العدل ، والمساواة ، والصدق ، والأمانة ، والحلم ، والصفح ، وحفظ العهود ، وصلة الأرحام ، وحق الجوار ، وبر الوالدين، وحرمة مال اليتيم, وهي كلها مبادئ إنسانية عامة ، لم تختلف عليها الشرائع السماوية ، ولم تنسخ في أي شريعة منها ، حيث يقول الحق سبحانه : {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وقد ذكر سيدنا عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) أن هذه الآيات آيات محكمات لم تنسخ في أي ملة من الملل أو شريعة من الشرائع .
ومن على منبر مسجد الصفا والمروة أكد فضيلة الشيخ / حسام بيومي مدير إدارة الخطباء بوزارة الأوقاف أن الدين الحقيقيّ الذي شرعه الله (عزّ وجلّ) لعباده ميزانٌ قويمٌ لضبط سلوك الإنسان ، وقيمه ، وأخلاقه ، وحسن مراقبته لله (عزّ وجلّ) ، ليس في عباداته التي يتوجه بها إلى الله (عزّ وجلّ) فحسب ؛ بل في سائر حركاته وسكناته ، سرّه وعلنه ، رضاه وغضبه ، عمله وعلاقاته ، وسائر تصرفاته ، وهو صمام أمان للبشرية جمعاء ؛ لذا فإن الدين فن صناعة الحياة ، وعمارة الكون ، وهو الطريق المستقيم الذي ارتضاه الله (عز وجل) للبشرية ، حيث يقول سبحانه : {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
كما بين فضيلته أن الإلحاد والخروج على منهج الله وفطرته التي فطر الناس عليها له مفاسد وشرور لا تُحصى ولا تُعد على الفرد والمجتمع ، والأمم والشعوب ، منها : اختلال القيم ، وانتشار الجريمة ، وتفكك الأسرة والمجتمع ، والفراغ الروحي ، والاضطراب النفسي ، وتفشى ظواهر خطيرة كالانتحار ، والشذوذ ، والاكتئاب النفسي ، فالسير في طريق الإلحاد والضلال مُدمّر لصاحبه ، مُهلِك له في دنياه وآخرته ، فواقع الملحدين مُرّ , مليء بالأمراض والعقد النفسية , حيث يقول الحق سبحانه : {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى}، ويقول سبحانه : {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}.
كما أكد فضيلته أن الدينُ الحقيقي ليس جزءا من مشاكل واقعنا المعاصر ، ولا يمكن أن يكون ، ومن يقول ذلك فهو ظالمٌ للأديان كلّها ، الدين الصحيح الرشيد القويم جزء من الحل دائمًا ، فالأديانُ رحمة ، والأديانُ سماحة ، والأديانُ هداية ، والأديانُ بناءٌ لا هدم فيه ؛ إنما المشكلة في المتاجرين بالدين وعلينا كشفهم وبيان أمرهم والتصدي لهم ، وفِي الذين لا يحسنون فهم الدين الحقيقي ، وعلينا بالحكمة والموعظة الحسنة بذل الجهد لتعليمهم ، ومن ثمة فإنه يجب على علماء الدين المخلصين بيان صحيح الدّين ، وردّ الناس إليه ردًّا جميلا ، لا عنف فيه ، ولا إكراه ، ولا إفراط ، ولا تفريط ، ولا غُلُوّ ، ولا تقصير .