*:*الأخبارأخبار الأوقاف2

خلال خطبة الجمعة
من مسجد الرحمن الرحيم
بمحافظة القاهرة

وزيــر الأوقـاف يــؤكــد :

على أهمية محاسبة النفس

ويدعو لمصر وأهلها بكل خير

  ألقى معالي وزير الأوقاف أ.د/محمد مختار جمعة خطبة الجمعة اليوم 21 من ربيع الآخر 1440هـ ـ الموافق 28 من ديسمبر 2018م بمسجد الرحمن الرحيم بمحافظة القاهرة ، بعنوان :” حاجتنا إلى الدين وضرورة محاسبة النفس”، بحضور السيد اللواء / خالد عبدالعال محافظ القاهرة، والحاج محمود العربي مؤسس مسجد الرحمن الرحيم ، ولفيف من القيادات التنفيذية والشعبية لمحافظة القاهرة وجمع غفير من المصلين .

  وفي بداية خطبته أكد وزير الأوقاف على أن الله ( عز وجل ) قد دلنا على عظيم خلقه فقال سبحانه : ”  وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ  ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ  ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ  فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ” مشيرًا إلى أن بعض الناس قد جحدوا نعمة الله عليهم ، فقال تعالى : ” وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ  قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ  وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ  أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ  إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ  فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ  “.

  كما أكد معاليه على أهمية محاسبة النفس ، فالعاقل هو من حاسب نفسه على كل ما يصدر منه ، وأدرك بعين البصيرة أنه لا ينجيه من حساب الله في الآخرة إلا لزوم ودوام المحاسبة لنفسه ،  وصدق المراقبة لله (عز وجل) في الدنيا ، فمن حاسب نفسه في الدنيا ، خف يوم القيامة حسابُه، وثقل ميزانه ، ومن أهمل المحاسبة ربما دامت حسراته ، وخاب وخسر ، وكان سيدنا عمر (رضي الله عنه) يقول: (حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، وَتَجَهَّزُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ، وَإِنَّمَا يَخِفُّ الْحِسَابُ يَوْمَئِذٍ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا).

  والناس في محاسبتهم لأنفسهم على أحوال مختلفة ، فمن الناس من يحاسب نفسه كل لحظة , ومنهم من يحاسبها كل يوم وليلة , ومنهم من يحاسبها كل عام , ومنهم من لا يحاسب نفسه حتى يجدها موقوفة للحساب ، ولا شك أننا في نهاية عام وبداية عام جديد لا بد وأن تكون لنا وقفة محاسبة مع النفس، فما الدنيا بأسرها إلا كسوق امتلأ ثم انفض ، ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر , والسعيد العاقل من وعظ بغيره , والشقي الأحمق من لا يوعظ إلا بنفسه .

  غير أن بعض الناس قد لا يفطن إلى جوهر المحاسبة وكيفيتها ، فيظن أن محاسبة النفس تقف عند أداء الشعائر والعبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج فحسب, أو حتى مجرد اجتناب الكبائر , غير أن بعضهم قد يغفل عن محاسبة نفسه عن مدى إتقانه للعمل ، أو إهماله فيه وتفلته منه , وقد لا يحاسبها على كل ما اكتسبه أو حصله من مال ومدى حله أو حرمته ، أو احتمال وقوعه في الشبهات التي حذرنا نبينا (صلى الله عليه وسلم) من الوقوع فيها , حيث قال (صلى الله عليه وسلم) : (إنَّ الحَلاَلَ بَيِّنٌ ، وَإنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبَهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ ، اسْتَبْرَأَ لِدِينهِ وَعِرْضِهِ ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ في الحَرَامِ ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أنْ يَرْتَعَ فِيهِ ، ألاَ وَإنَّ لكُلّ مَلِكٍ حِمَىً ، ألاَ وَإنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ ، ألاَ وَإنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَت صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، ألاَ وَهِيَ القَلْبُ) ، وقد كان الصالحون يتركون بعض الحلال مخافة أن تكون فيه شبهة حرام ، وقال بعضهم: إنما سُمي المتقون متقين لأنهم اتقوا ما لا يتقيه غيرهم .

  وقد لا يحاسب الإنسان نفسه على تجبرها ، أو تكبرها ، أو استعلائها ، أو جورها ، أو تقصيرها في حق اليتيم والضعيف والمسكين والمحتاج , وقد لا يحاسبها على عدم الوفاء بالحقوق الخاصة والعامة , وقد لا يحاسبها على عدم أداء واجباتها المجتمعية والوطنية , وقد لا يحاسبها على كل لحظة وكل نفس خرج ، سواء أكان في خير أم في شر , وقد لا يدرك كامل الإدراك أن من يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره , حيث يقول الحق سبحانه : {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}، وإن أدرك ربما تناسى أو تغافل .

  كما دعا معاليه لمصر وأهلها بكل خير سائلاً الله (عزّ وجلّ) أن يجعل عامنا المقبل عام أمن وأمان وسعة ورخاء لمصرنا العزيزة الغالية وسائر بلاد العالمين .

اظهر المزيد

منشور حديثّا

زر الذهاب إلى الأعلى