خيرية الأمة تنبع من سماحتها فإذا فقدت الأمة سماحتها فقدت خيريتها
أكد معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أن خيرية أمتنا تنبع من سماحتها , فإذا فقدت الأمة سماحتها فقدت خيريتها , فقد علمنا نبينا (صلى الله عليه وسلم) أن خير الناس أنفعهم للناس , وقامت ثقافتنا على أنه ما استحق أن يولد من عاش لنفسه , وها هي أم المؤمنين السيدة خديجة (رضي الله عنها ) تصف رسولنا (صلى الله عليه وسلم) قبل بعثته فتقول : ” وَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ”.
ثم إن القرآن الكريم ذكر أول ما ذكر في مقومات خيرية هذه الأمة أنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر , وكلمة “بالمعروف ” في قوله ” كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ” إنما تتعلق بكلمة “تأمرون” , وهذا التعلق لا ينصرف إلى الغاية وحدها أي الفعل أو العمل المأمور به وحده , كبرِّ الوالدين , أو الصدق , أو الأمانة , أو الوفاء بالعهد , ونحو ذلك , إنما يتعلق إلى جانب ذلك بوسيلة الأمر , فكما أن الغاية معروف , فإن الوسيلة لا بد أن تكون كذلك , بأن تكون الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة , والأمر بالمعروف غاية ووسيلة , استجابة لقوله تعالى : ” ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ “, فلا يتصور قبول الأمر بالمعروف من شخص لا يعرف معنى المعروف ولا معنى الإحسان ولا سنة خير الأنام محمد (صلى الله عليه وسلم) في الدعوة إلى الله (عز وجل) بالحكمة والموعظة الحسنة , وهو الذي ضرب لنا أعظم المثل في ذلك , والأمثلة في حياته لا تحصى ولا تعد , بل إن كل حياته (صلى الله عليه وسلم) وسنته قائمة على ذلك , على الرحمة , على الرفق , على لين الجانب , وقصة الأعرابي الذي بال في المسجد ، فقام الناس إليه ، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : “دعوه ، وأريقوا على بوله سَجْلاً من ماء ، أو ذَنوبا من ماءِ ، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين” , خير مثال لهذه السماحة التي يجب أن نتبعها ونتعلمها في أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر وفي حياتنا كلها.