قافلة علماء الأوقاف بمحافظة المنيا تؤكد: عالمية الرسالة المحمدية تأتي من القيم العادلة والمبادئ السامية التي تحملها من رحمة للعالمين
بتوجيهات من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة وجه رئيس القطاع الديني فضيلة الشيخ/ جابر طايع يوسف بتسيير قافلة دعوية لمحافظة المنيا يومي الخميس والجمعة 22 ، 23 / 11 / 2018 م ، وقد واصلت القافلة عطاءها الدعوي بالمساجد الكبرى بمحافظة المنيا ، حيث قام أعضاء القافلة بإلقاء خطبة الجمعة الموحدة بالمساجد الكبرى تحت عنوان: “عالمية الرسالة المحمدية كما يجب أن نفهمها”.
فمن على منبر مسجد “القرطبي” أكد الدكتور/ محمد سمير محمد عبد الغني بالديوان العام أن الرسالة المحمدية رسالة عالمية ، ولم تكن يوما رسالة خاصة بالعرب وحدهم ، أو محدودة بمكان دون مكان ، أو مقيَّدة بزمان دون زمان ، ولم يكن القرآن يوما لقوم بعينهم ، حيث يقول سبحانه: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}، ويقول تعالى: {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}، فهو منذ نزوله على قلب النبي (صلى الله عليه وسلم) يخاطب الناس كافة، بمبدأ واحد ، وهدف واحد هو إخلاص العبودية لله (عز وجل) ، وحمل الخير للإنسانية قاطبة ، ونشر السلم والسلام ، والأمن والأمان ، والرحمة والعدل والمساواة بين البشر جميعا .
كما أشار فضيلته إلى أن الله (عز وجل) قد بعث رسوله محمدًا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هاديًا وبشيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا برسالةٍ خاتمةٍ عالميةٍ صالحةٍ ومصلحةٍ لكل زمان ومكان، حيث يقول سبحانه : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}، فاستوجب ذلك أن يكون رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أسوة وقدوة للبشرية كلها قال تعالى: {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّه وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}.
ومن على منبر مسجد ” الحاج فارس ” أكد فضيلة الدكتور / السيد محمد حسن عطية بالإرشاد الديني أن البعد العالمي للرسالة المحمدية، وصلاحيتها لكل زمان ومكان واضح كل الوضوح في مظاهر كثيرة، منها :
عالمية المبادئ والقيم : فالرسالة المحمدية أرست الأخلاق الفاضلة ، والقيم العادلة، والمبادئ السامية، والأخوة الإنسانية التي تقوي ترابط وتماسك الأمم والشعوب وتعاونها، حيث يقول سبحانه :{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }، ويقول (عز وجل) : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }، فهي رسالة عالمية تدعو إلى تعايش أفرادها مع اختلاف معتقداتهم ، في تعاملهم، وفي أعمالهم، وفي أقوالهم، وفي كل شئون حياتهم ، والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقرِّر هذا الإخاء ويؤكِّده، بقوله: ) أَنَا شَهِيدٌ أَنَّ الْعِبَادَ كُلَّهُمْ إِخْوَةٌ ( فهو (صلى الله عليه وسلم) يعلن من خلال هذا الدعاء أن الأخوة بين عباد الله جميعا ، لا بين العرب وحدهم ، ولا بين المسلمين وحدهم ، بل هي أخوة بين بني البشر جميعا ، على اختلاف أجناسهم وأعراقهم ، وألوانهم ، ومعتقداتهم .
ومن على منبر مسجد ” صلاح الدين ” أكد فضيلة الدكتور/ عادل محمد المعصراني عضو المكتب الفني أن الإخاء الإنساني حقيقة دينية لا ريب فيها ، ويزداد هذا الإخاء ترابطا إذا أضيف إليه الإيمان بالله فتكتمل الأخوة الإنسانية ، يقول سبحانه : ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾ ، ولقد طبَّق الإسلامُ هذا الإخاء الرفيع، وأقام على أساسه مجتمعا إنسانيا فريدا ، ذابت فيه فوارق الجنس واللون والعرق واللغة ، يقول نبينا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : ” لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ” وكلمة “أخيه” في الحديث لم تُقيد بصفة ، بل هي على إطلاقها لتشمل عموم الأخوة الإنسانية.
كما بين فضيلته أن الرسالة المحمدية خَطَت بالحضارة الإنسانية خطوات وثابة ، ارتقت من خلالها بقيمة الإنسان إلى منزلة سامية ، ومكانة عالية لم يعرف التاريخ لها مثيلًا، حيث رسّخ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) دعائم الأخلاق وأتمها ، وأعلى شأن القيم الإنسانية ورفع عمادها ، فقال (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ) .
ومن على منبر مسجد ” الفولي” أكد فضيلة الشيخ / كمال عشري قرني الإمام بأوقاف بني سويف أنه من القيم التي عملت الرسالة المحمدية على ترسيخها مبدأ المساواة الإنسانية ، الذي قرره الإسلام ونادى به ، احترامًا للإنسان وتكريمًا له من حيث كونه إنسانًا ، ودعوتها إلى السلام بكل ما تحمله الكلمة من معان على مستوى الأفراد والمجتمعات ، يقول سبحانه : {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، فهي رسالة تحمل كلَّ معاني الإنسانية والرحمة والسلام للناس جميعًا ، حيث أمَرَ الله (عز وجل) بِبِرِّ غير المسلمين والإحسان إليهم ، بقوله سبحانه: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، فالبر الذي هو قِمَّةُ الأدب والإحسان مع الوالدين ، مطلوبٌ هو بعينه مع الناس جميعًا ، والقسط والعدل والوفاء هو خُلق الإنسان مع أخيه في الإنسانية سواء بسواء .
ومن على منبر مسجد ” القشيري ” أكد فضيلة الشيخ/ محمد عبدالعظيم محمد خليفة الإمام بأوقاف بني سويف أن عالمية الرسالة المحمدية شرف لهذه الأمة ، ولا غنى للبشرية عنها ، فهي تحمل الخير والنفع للإنسانية جمعاء ، وبها يتحقق التقدم والرخـاء ، وبتشريعـاتهــا يأمن الناس على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم ، وهذا بدوره يحقق الأمن والأمان بين أفراد المجتمع ويصنع جوًّا من التسامح والتحاب الذي هو أحوج ما تكون إليه البشرية الآن ، فالرسالة المحمدية تحمل أبعادًا إنسانية واجتماعية ، وتعمل لخدمة القضايا الإنسانية النبيلة التي تنمي العطاء المجتمعي والإنساني والخيري ، وتعزز روح المسئولية المجتمعية ، وتراعي الحقوق وتفي بالعهود ، وتحافظ على الواجبات مع جميع البشر ، على اختلاف ألسنتهم وألوانهم وأجناسهم وأعراقهم ومعتقداتهم ، وقد علمنا ديننا أن خير الناس أنفعهم للناس كل الناس ، وهذا النفع معنى واسع يشمل المساعدات الإنسانية ، كما يشمل جميع المنافع المتبادلة سياسيًّا واقتصاديًّا وتجاريًّا وعلميًّا وحضاريًّا ، وكما قالوا: ما استحق أن يولد من عاش لنفسه , وإننا لمأمورون بالإحسان إلى الخلق جميعًا، والرحمة بهم جميعًا ، وحب الخير لهم جميعا .