قافلة علماء الأوقاف بمحافظة السويس
تؤكد :
الابتلاء سنة من سنن الله (عز وجل) في الخلق
والابتلاء لا يكون بالشر وحده كما يتصور البعض
بل يكون بالخير والشر معا
والعبد إذا ابتُلي بالسراء وجب عليه أن يشكر
وإذا ابتُلي بالضراء وجب عليه أن يصبر
بتوجيهات من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة وجه فضيلة الشيخ / جابر طايع يوسف رئيس القطاع الديني بتسيير قافلة دعوية لمحافظة السويس اليوم الجمعة 26 / 10 / 2018م ، وقد واصلت القافلة عطاءها الدعوي بالمساجد الكبرى بمدينة السويس، حيث قام أعضاء القافلة بإلقاء خطبة الجمعة الموحدة تحت عنوان ” الابتلاء بالخير والشر “.
فمن على منبر مسجد ” سيدي عبد الله الغريب” بمدينة السويس أكد فضيلة الدكتور/ هشام عبد العزيز وكيل الوزارة لشئون المساجد والقرآن الكريم أن الابتلاء سنة من سنن الله (عز وجل) في الخلق ، حيث يقول سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.
كما أشار فضيلته إلى أن الابتلاء لا يكون بالشر وحده كما يتصور البعض ، بل إن الإنسان يُبتلى بالخير كما يُبتلى بالشر ، ويُبتلى بالسعة كما يُبتلى بالضيق ، ويُبتلى باليسر كما يُبتلى بالعسر ، وهذه سنة اللَّه (عز وجل) في خلقه ، {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} ، وأوضح فضيلته أن العاقل من أدرك أنه مُبتلى على كل حالٍ في الدنيا ، فالابتلاء يكون بالسعة في المال أو ضيق ذات اليد فيه , حيث يقول سبحانه: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا ..} أي ليس الأمر كذلك ، فالدنيا ليست محل جزاء للطائع بالنعم ، ولا عقاب للعاصي بالنقم ، وليست السعة أو الضيق أمارة على إكرام الله (عز وجل) للعبد أو إهانته ، وإنِمَّا يُعطِي ربنا ويمنع ليختبر عباده .
ومن فوق منبر مسجد ” سيد الشهداء حمزة ” بالسويس أكد الدكتور/ صبري حلمي أبو غياتي – عضو المركز الإعلامي بوزارة الأوقاف أن الابتلاء يكون بالصحة والمرض , فيبتلى العبد بالصحة لينظر هل سيشكر نعمة الله (عز وجل) عليه ويجعلها في خدمة الضعيف ، والشيخ الكبير ، وذوي الاحتياجات الخاصة؟ أم يفتري بصحته وقوته على خلق الله ؟ وقد يكون الابتلاء بالمرض لينظر هل سيصبر صاحبه على ما أصابه أم لا ؟ فمن صبر ورضي فله الرضا, ومن سخط فله السخط .
كما بين فضيلته أن الابتلاء يكون أيضا بإعطاء الذرية أو بالحرمان منها , يقول سبحانه: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} ، فمن ابتُلي بالولد ينظر هل سيشكر هذه النعمة, بحسن تربية أبنائه وتعهدهم , والوفاء بحقهم , والإنفاق عليهم, أم أنه سيضيع الأمانة؟ والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: (كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ) ، وقد يكون الابتلاء بعدم الولد لينظر هل سيرضى الإنسان ويقنع ويرضى بقضاء الله وقدره أم سيجزع ويسخط , وهكذا الشأن في الحال كله ما بين ابتلاء بالخير وابتلاء بالشر ؛ حتى يميز الله الكاذب من الصادق ، والخبيث من الطيب ، والشقي من السعيد ، قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}.
ومن على منبر مسجد ” الأربعين ” أكد فضيلة الدكتور / محمد رفعت إبراهيم مدير إدارة الأضرحة بالديوان العام أنه ينبغي علينا أن ندرك أن ابتلاء الله (عز وجل) لا يخلو من حكمة عَلِمَها من علمها، وجهلها من جهلها، فالحق (سبحانه وتعالى) يدبر أمر عباده بما فيه صلاحهم ؛ لأنه سبحانه يعلم ما يُصلح العبد أكثر من علم العبد بما يُصلح نفسه ، يقول ربنا سبحانه: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} ، وقال الحسن البصري (رحمه الله) : لا تكرهوا البلايا الواقعة ، والنقمات الحادثة ، فَلَرُبَّ أمرٍ تكرهه فيه نجاتك ، ولَرُبَّ أمرٍ تؤثره فيه عطبك , والواقع والتجربة يؤيدان ذلك فقد يسعى الإنسان لتحصيل أمر فيه هلاكه ، وقد يفر من أمر فيه نجاته .
كما أشار فضيلته إلى أن أنبياء الله ورسله (عليهم الصلاة والسلام) ضربوا المثل الأعلى في تحمل أشد ألوان الابتلاء ، فها هو نبيُّ الله إبراهيم (عليه السلام) يمتحن في ولده إسماعيل (عليه السلام) الذي رزقه الله إياه بعد ما بلغ من الكبر عتيًّا فيؤمر بذبحه ، وهذا ابتلاء من أشد أنواع الابتلاءات كما بين القرآن الكريم ، قال تعالى مبينًّا حال سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل (عليهما السلام) وهما يمتثلان أمر الله (عز وجل) ، في رضًا تامٍ ، واستسلامٍ كاملٍ: }فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ{ ، وهذا نبي الله أيوب (عليه السلام) يبتلى في جسده ، وفي ماله ، وولده فما كان منه إلا الرضا بقضاء الله (عز وجل) حتى فرّج الله عنه واستجاب لدعائه ، فأثنى عليه ربه قائلًا: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}
ومن فوق منبر مسجد ” بدر ” أكد فضيلة الدكتور / أسامة فخري فكري مدير إدارة المساجد الحكومية أن سنة الله (عز وجل) ماضية في خلقه لتؤكد أن العبد كلما ارتفعت منزلته عندَ ربه (عز وجل) ازداد ابتلاء الله (عز وجل ) له؛ لذا كان أنبياء الله ورسله (عليهم السلام) وهم أكمل الناس إيمانًا وأعلاهم منزلة عند الله (عز وجل) أكثرهم ابتلاءً ، وعندما سُئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً ؟ ، قَالَ: (الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ) ، كما بين فضيلته أن المؤمن الحقيقي هو من يشكر في الخير والسراء ، ويصبر في البأس والضراء , فبالشكر والصبر ينجح العبد في كل الاختبارات ، وتصبح حياته كلها خيرًا في كل أحوالها ، وفي هذا يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) .