خلال لقائه بطلاب جامعة القاهرة
وزيـر الأوقــاف يـؤكـــد :
مؤسسات الدولة تؤمن بالشباب وقدراتهم وتوليهم اهتمامًا بالغًا
وحفظ الأوطان من صميم مقاصد الأديان
نحن في حاجة إلى أن نُحِل آليات التفكير محل آليات الحفظ والتلقين
ويجب أن نواجه التسيب والإلحاد كما نواجه الغلو والتشدد
ورئيس جامعة القاهرة يــؤكـــد :
وزير الأوقاف جهوده واضحة في مكافحة الفكر المتطرف
وهذه الندوات تسهم في تنمية العقل المصـري
في إطار الدور التوعوي الذي تقوم به وزارة الأوقاف للشباب وطلاب جامعة القاهرة، والاهتمام بالقضايا التي تمس الواقع المعيش ، وطرح جديد لرؤى قضية الخطاب الديني وتعامله مع مستجدات العصر ، وفي إطار التعاون المستمر بين وزارة الأوقاف المصرية وجامعة القاهرة ، والهيئة الوطنية للإعلام نظمت جامعة القاهرة لقاء مفتوحًا مع طلابها اليوم الثلاثاء 23 أكتوبر 2018م بقاعة الاحتفالات الكبرى بالجامعة، حاضر فيها معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ، و أ.د/ محمد عثمان الخشت رئيس الجامعة حول ” تفكيك الفكر المتطرف ” ، بحضور لفيف من أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بالجامعة ، وعدد من قيادات وأئمة وواعظات وزارة الأوقاف ، وجمع كبير من طلاب الجامعة .
وأدار الندوة الإعلامي / تامر عقل الذي ثمن جهود معالي وزير الأوقاف في نشر روح الحوار والفكر المتحضر بين الشباب ، وفي معالجة القضايا المتعلقة بالمجتمع وبالشباب .
وفي بداية كلمته أكد معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن تفكيك الفكر المتطرف يأتي من منطلق ضرورة مواجهة الجمود الفكري عند أصحابه والوقوف عند ظواهر النصوص ، كما أكد على أهمية التفرقة بين الثابت والمتغير ، وبين ما هو بشري وما هو مقدس ، فأكثر الجماعات المتطرفة تعطي كلام البشر ضربًا من القداسة ، على أن أحدهم قد يجادلك في فهمك للنص القرآني إن تناقض مع شيء من كلام شيخه، أو مما دُسَّ له عبر كتبهم ومحاضراتهم ، ولا يسمح لك أن تناقضه أو تناقشه في كلام شيخه المقدس لديه ، مؤكدًا أن قضية تأليه البشر أو تقديسهم أو رفعهم إلى درجة كبيرة أمرٌ جد خطير على التفكير المنطقي السليم ، مما يوجب علينا وبإلحاح التفريق الواضح بين النص المقدس والنتاج الفكري البشري حول هذا النص ، فالأول ثابت والثاني متغير، ومرتبط بفقه الزمان والمكان والحال ، ولا يجوز إنزال الثابت منزلة المتغير ولا العكس ، وإذا ميزنا ذلك تمييزًا واضحًا فككنا كثيرًا من الإشكاليات ونقضنا أكثر مقولات المتطرفين.
وفي السياق نفسه أكد معاليه أن المتطرفين ركزوا على ثلاث تقابليات :
التقابلية الأولى : بين الدين والدنيا ، فهم يقولون إما أن تختار الدين أو الدنيا، مع أن واجبنا أن نعمر الدنيا بالدين ، فحاولوا وضع الناس بين خيارين، إما الدين وإما الدنيا فهم خاطئ يجب تصحيحه ، وما أجمل أن نحيي الدنيا بالدين ، فالدين هو فن صناعة الحياة لا صناعة الموت ، والدين إنما جاء لسعادة البشرية حيث يقول الحق سبحانه : ”طه مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى” (طه : 1-2) ، ويقول سبحانه : ” الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ” (الرعد : 28-29)، وعمارة الكون والتخصص الدقيق في شتى مسائل العلوم ركن أساس في الدين، قال تعالى : ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) ، وقال سبحانه في العلم والعلماء : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ).
أما التقابلية الثانية : بين الدين والوطن ، فالأديان السماوية كلها إنما جاءت لسعادة البشرية , ولم تأت لشقائها ، فالمقاصد العليا للأديان إنما تعمل في ضوء جلب المصلحة أو درء المفسدة أو على تحقيقهما معا , وأهل العلم والفقه أن المصالح العليا للشرائع قائمة على حفظ الدين والنفس والعقل والمال والعرض , فكل ما يؤدي إلى حفظ هذه الخمس فهو مصلحة , وكل ما يضر بها فهو مفسدة ودفعه مصلحة.
وأما التقابلية الثالثة : بين العقل والنص ، فلا تضارب بين النص والعقل ، كما أننا نحتاج إلى إحياء المناهج العقلية في التعليم ، وإحلال مناهج التفكير محل مناهج الحفظ والتلقين ؛ لأن الجماعات المتطرفة بدأت بالتلقين والحفظ في مسائل الأحكام الجزئية ، وعدم إعمال العقل والمناقشة ؛ لأن العقلية التي تفكر وتناقش لا تنقاد وراء هؤلاء ، ضاربًا معاليه بعض الأمثلة والنماذج التي تبين عظمة الفهم المقاصدي للنصوص الشرعية ، وذلك من خلال فهم حديث النبي (صلى الله عليه وسلم) : ” إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ ” ، فلو وقفنا عند ظاهر النص فماذا يصنع من يلبس ثوبًا يصعب الأخذ بطرفه ، كأن يرتدي لباسًا عصريًّا لا يمكنّه من ذلك ؟ أما لو أخذنا بالمقصد الأسمى وهو تنظيف مكان النوم والتأكد من خلوه مما يمكن أن يسبب للإنسان أي أذى من حشرة أو نحوها ، لتأكدنا أن الإنسان يمكن أن يفعل ذلك بأية آلة تحقق المقصد وتفي بالغرض ، فالعبرة ليست بإمساك طرف الثوب ، وإنما بما يتحقق به نظافة المكان والتأكد من خلوه مما يمكن أن يسبب الأذى
وفي ختام كلمته أكد معاليه على أننا ماضون وبكل حزم وقوة في مواجهة الأفكار المتطرفة ، وتنمية العقول ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ؛ لأن ذلك يسهم في بناء الشخصية الوطنية ، ونحن في حاجة إلى بناء أوطاننا بسواعدنا وعقولنا .
وفي كلمته رحب أ.د/ محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة بالحضور، وعلى رأسهم معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، مبينًا أهمية موضوع الندوة ، فمصر تسعى للنهوض والتنمية التي تسهم في بناء المجتمع فكريا وثقافيا، ولا شك أن تفكيك الفكر المتطرف هو ركن أساس في هذا الجانب .
كما أكد سيادته على أن معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في نشاط مستمر وجهود بنًاءة نحو تفكيك الفكر المتطرف ، مضيفًا أن تنمية العقل المصري أساس النهضة الجديدة ، مؤكداً أن تطويره يمثل نهضة حقيقية نحو التفكير العلمي الصحيح والأخذ بأخلاق التقدم في بناء المجتمع ، مشيرًا إلى أن مصر لن تتقدم تنمويا إلا بتغيير أفكار الناس على أسس من الجدية والعمق والانتماء للوطن والرقي بالمنظومة العلمية والفكرية، والبعد عن الاختلافات .