حينما يدرك الوزير مسئولياته بقلم : إبراهيم نصر
حين يتحمل الوزير – أي وزير – مهام منصبه ، ويقدر حجم المسئولية الملقاة على عاتقه، فإنه بالضرورة سوف يهجر فراشه ولا يهجع من الليل إلا قليلاً.
إذا كان هذا هو المطلوب من الوزراء في الظروف العادية لأي دولة ، فإنه فرض واجب على وزراء مصر جميعًا في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلدنا العزيز ، وفي ظل الأوضاع المتردية التي تحيط بنا شرقا وغربًا .. شمالاً وجنوبًا.
هذا الفرض الواجب يتأكد أكثر وأكثر ، حين يكون على رأس الدولة رئيس جمهورية منتخب لفترة ثانية ، وهو يسابق الزمن ويصارع كل الظروف لإعادة بناء الدولة، وينهض بها من كبوتها ، ليفي بما وعد وينقل مصر نقلة تلبي طموحات شعبه الصابر المثابر الذي راهن على تحمله ومساندته حتى نعبر من الضيق إلى السعة ، ومن العسر إلى اليسر – إن شاء الله تعالى – في فترة رئاسية وجيزة لا تمثل زمنا في عمر الدول والشعوب.
لا أكون مبالغًا حين أقول: إن وزير الأوقاف الدكتور/ محمد مختار جمعة – بحكم متابعتي لنشاط الوزارة – يعد الأنموذج والقدوة والمثل لهذا الوزير المدرك لمهام منصبه، فهو يقوم بفريضة الوقت ، وهي الجهاد الفكري لمحاربة الظواهر الغريبة التي استشرت في مجتمعنا ، وروج لها أدعياء التدين من خلال جماعات متطرفة ، وأخرى إرهابية استحوذت على عقول عدد لا بأس به من الشباب من خلال مساجد كانت محتلة ، ومنابر كانت مستباحة.
لقد استطاع وزير الأوقاف أن يحكم السيطرة على المساجد ومنابرها في ربوع مصر كلها ، بحكم مسئوليته الشرعية والقانونية ، لأن وزارة الأوقاف هي صاحبة الولاية على المساجد ، ولا يجوز لأحد أن ينازعها هذا الاختصاص، فردًا كان أو جماعة دينية أوجمعية خيرية أو حزبًا سياسيًّا.
وبالتوازي مع عملية التطهير والغربلة والتمحيص ، سار الوزير في طريق إعداد إمام متطور يجيد لغة العصر ” التعامل مع الكمبيوتر ومواقع التواصل الاجتماعى، ولا مانع من إجادة لغة ثانية غير العربية”، ويهتم كذلك بالتأصيل العلمي والفقهي للقضايا المطروحة، وتحصيل الحد الأدنى الذي يؤهله لصعود المنبر ، وهذا الحد الأدنى الذي يتطلع إليه وزير الأوقاف – في تقديري الشخصي – هو الحصول على درجة الدكتوراه في علوم الشريعة ، وهو آخذ في تسكين شباب العلماء الحاصلين على الدكتوراه أو الماجستير على الأقل في المساجد الكبرى ذات الكثافة الجماهيرية.
وفي الوقت نفسه ، يرعى السيد الوزير الندوات التي تجوب محافظات مصر، بالتعاون مع صحيفة “عقيدتي” ويعطيها الدعم اللازم من فكره وجهده ووقته ، فهو الذي يختار الموضوعات المناسبة ، ويجتهد معنا في توفير العلماء المحاضرين، ويشارك هو نفسه أحيانًا بإلقاء المحاضرات في تلك الندوات.
ناهيك عن تنظيم المؤتمرات والمسابقات المحلية والعالمية، وتأليف العديد من الكتب التي تناهض الفكر المتطرف وتصحح المفاهيم، وترسي مفهوم احترام ودعم الدولة الوطنية كواجب ديني وليس هدفًا سياسيًّا، بالإضافة إلى الإشراف على ما يصدر من كتب يؤلفها غيره في هذا الصدد ، ويقوم المجلس الأعلى للشئون الإسلامية التابع للوزارة بطباعتها.
ولا يفوت وزير الأوقاف أن يشارك جميع محافظات مصر احتفالاتها بأعيادها القومية، بتسيير قوافل دعوية تجوب المحافظة ، وعقد لقاء مع وكيل الوزارة ومديري الإدارات بالمحافظة يحضره المحافظ غالبا ، ثم يلقي خطبة الجمعة هناك ، فيحدث بذلك حركة دعوية موسعة في مناسبة قومية ، وكأنه يريد توصيل رسالة تمحو من الأذهان ما أصلت له الجماعات المتطرفة منذ عقود بأن المناسبات القومية لا علاقة لها بالدين، وأن دعم الدولة الوطنية ليس من الواجبات الدينية ، بل جعلوه أحيانا خروجًا على الدين.
ما دفعني لكتابة هذا المقال هو النشاط الملموس والنشاط الواسع لوزير الأوقاف، الذي أعتبره أحيانا فوق طاقة المتابعة الإخبارية ، وفوق القدرة البدنية على ملاحقة تحركاته ، رغم التقارب العمري مع سيادة الوزير.
خالص دعواتي له بالصحة والعافية ، والقدرة على المزيد من العطاء الذي تحتاجه مصرنا الحبية من كل الوطنيين المخلصين الشرفاء .