خلال الندوة التي أقامتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع جريدة عقيدتي
بمسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) بمدينة القاهرة
تحت عنوان (وطن بلا إدمان)
أ.د/ محمد مصطفى محمد خبير السموم والمخدرات بمركز الطب الشرعي بوزارة العدل يؤكد :
مشكلة الإدمان والمخدرات مشكلة عامة ، ضاربة بأعماقها في كل فئات المجتمع
ويجب مواجهة الشائعات التي تعطي انطباعًا إيجابيا عن المخدرات
من خلال الأسرة والمسجد
الدكتور / نوح العيسوي مدير عام بحوث الدعوة :
الإدمان والمخدرات سم قاتل وداء مدمر للأفراد والمجتمعات
وزارة الأوقاف لا تألو جهدا في توعية الشباب بمخاطر الإدمان والمخدرات
ولذلك أطلقت مبادرة “وطن بلا إدمان”
قضية الإدمان قضية مجتمعية تحتاج إلى تكاتف الجهود للقضاء عليها
الدكتور / على الله الجمال إمام مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) :
للمخدرات آثار خطيرة تؤدي إلى القتل والسرقة والانتحار
والمدمن إنسان ضعيف الشخصية هارب من الواقع
غير قادر على مواجهة معضلات الحياة
برعاية كريمة من معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ، وفي إطار خطة وزارة الأوقاف الدعوية لتفعيل مبادرة ” وطن بلا إدمان ” ونشر الفكر الوسطي المستنير ، أقامت وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي ندوة علمية كبرى تحت عنوان : ” وطن بلا إدمان “ بمسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) بمحافظة القاهرة عقب صلاة المغرب يوم السبت الموافق 13 / 10 /2018م ، حاضر فيها كل من : أ.د/ محمد مصطفى محمد خبير السموم والمخدرات بمركز الطب الشرعي بوزارة العدل ، والدكتور / نوح عبد الحليم العيسوي مدير عام بحوث الدعوة ، والدكتور / على الله الجمال إمام مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) ، وحضرها جمع من المصلين حرصًا منهم على التعرف على تعاليم دينهم الحنيف ، وأدار الندوة وقدم لها الكاتب الصحفي الكبير الأستاذ / إبراهيم نصر مدير تحرير صحيفة عقيدتي.
وفي بداية كلمته أكد أ.د/ محمد مصطفى محمد خبير السموم والمخدرات بمركز الطب الشرعي بوزارة العدل أن مشكلة الإدمان والمخدرات مشكلة عامة ، ضاربة بأعماقها في كل فئات المجتمع ، ذكورًا و إناثًا ، كبارًا وصغارًا ، مثقفًا أو غير مثقف ، بل وصلت نسبة التعاطي بين الإناث في مصر 5،27% ، وذلك بسبب المفاهيم الخاطئة التي رسخت في الأذهان أن المخدرات تعوض الفوارق البدنية، والعقلية، لذا كان من الضروري مواجهة هذه المشكلة الخطيرة.
وفي سياق متصل أبان سيادته أن المخدرات تبدأ من الاعتياد على التدخين، مبينًا أن للمخدرات آثارًا سيئة من التأثير على الجهاز العصبي، وعدم التركيز والاتزان ، وقد نجح المروجون للمخدرات من خلال إطلاق شائعات كثيرة تعطي انطباعًا إيجابيًا عن المخدرات، ككونها منشطة للذاكرة، مقوية للبدن، تساعد على زيادة ساعات العمل، وتصنع الفوارق، وتحقق السعاة والنشوة العقلية، لذا فإن مواجهة هذا الداء يجب أن يبدأ من المنزل، والمسجد، وتفنيد تلك الشائعات، معربًا أن هناك فارقا كبيرًا بين التدواي بالمخدر بناء على أمر الطبيب، وبين تعاطي المخدرات ، حيث إن التداوي يساعد الجسم على تعافيه من المرض بخلاف التعاطي الذي ينقل الجسم من الاعتدال إلى المرض، لذا فإن الأول يثاب عليه بخلاف الثاني يعاقب عليه.
ومن جانبه أكد فضيلة الدكتور / نوح العيسوي مدير عام بحوث الدعوة بوزارة الأوقاف أن الدين الإسلامي دين يتميز بالعظمة في جميع جوانب الحياة ، ومن عظمته أنه يحافظ على الإنسان في دينه ونفسه وعقله وماله وعرضه، وهذه هي المقاصد الخمسة التي أمرت الشريعة الإسلامية بالحفاظ عليها ، وهي : (حفظ الدين ، والنفس ، والمال ، والعرض ، والعقل) ، فحفظ العقل من الكليات الخمس التي عني بها الإسلام عناية بالغة ، وهو من أكبر نعم الله (عز وجل) على الإنسان ، به يميز بين الخير والشر ، والضار والنافع ، وبه يدبر أموره وشئونه ، وبه يسعد في حياته ، ويأمن في آخرته ، فإذا ما فقد الإنسان عقله فلا نفع فيه ولا ينتفع به ، بل يصبح عالة على أهله ومجتمعه .
كما أكد فضيلته أن الإدمان سم قاتل ، وداء مدمر للأفراد والمجتمعات ، يفسد العقل ويفتك بشباب المجتمع ، فيجعلهم جثثًا هامدةً ، وعقولًا خاوية ، وقلوبًا فارغةً ، ويجعلهم عالة على أهليهم وأوطانهم ، فلا يستطيعون الدفاع عن أرضهم وعرضهم ، ولا يستطيعون الإسهام في تنميـة وطنـهـم ، ومن ثم فإن إدمان المخدرات والمسكرات بكل صورها واختلاف أنواعها أكبر أداة هدم للفرد والمجتمع ، ومن أجل ذلك حرم الإسلام كلَّ ما يذهبُ العقل ، أو يخرجه عن وعيه وإدراكه ، فحُرِّمت الخمر والمخدرات بأنواعها، لما لها من أضرار جسمية ونفسية واجتماعية ناتجة عنها ، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، فالخمر حرمها الله (عز وجل) ، بل إن اللعنة تصل إلى كل من امتدت يده لها من قريب أو بعيد ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : (لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ ، وَشَارِبَهَا ، وَسَاقِيَهَا ، وَبَائِعَهَا ، وَمُبْتَاعَهَا ، وَعَاصِرَهَا ، وَمُعْتَصِرَهَا ، وَحَامِلَهَا ، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ) .
وقد وضع النبي (صلى الله عليه وسلم) قاعدة ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان ، ولا بتغير الأحوال والأشخاص ، وتبين الوصف الذي ينطبق على الخمر أو أي نوعٍ من أنواع المسكرات ، فقال (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ في الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الآخِرَةِ) ، وقَالَ (صلى الله عليه وسلم) : (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ) .
كما وأوضح فضيلته أن وزارة الأوقاف لا تألو جهدا في توعية الشباب بخطر هذا المرض الخطير ، فأطلقت مبادرة “وطن بلا إدمان” , للإسهام في رفع مستوى الوعي بمخاطر الإدمان والمخدرات ، حتى يصبح وطننا بحق ” وطن بلا إدمان ” .
وفي ختام كلمته وجه عدة رسائل :
الرسالة الأولى :
للآباء والأمهات , وفيها ذكرهم بحديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) , موضحا أن مسئولية الآباء ليست محصورة في الطعام والشراب ، بل يجب عليهم أن يراقبوا سلوك أبنائهم ومتابعتهم وأن يأخذوا بأيديهم إلى سبيل النجاة ، فإن متابعة الآباء للأبناء حماية ووقاية لهم من الوقوع في براثن الإدمان.
الرسالة الثانية :
للمجتمع ، وفيها يؤكد أن الإدمان والمخدرات أحد الأسلحة الفتاكة التي يوجهها الأعداء إلى مجتمعاتنا للفتك بشبابنا ، مما ينبغي أن نقف جميعًا وقفة رجل واحد في مواجهة هذه الظاهرة التي تهدد مجتمعنا وشبابنا وأبنائنا ، حيث إن قضية الإدمان قضية مجتمعية، تحتاج إلى تكاتف الجهود للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة المدمرة ومكافحتها.
الرسالة الثالثة :
لجالبي هذه السموم وتجارها , وهؤلاء نحذرهم من عاقبة المال الحرام في الدنيا والآخرة ، فالمال الحرام سم قاتل ، فأي مال يجنى من سبيل المخدرات والإدمان هو مال حرام ، مهلك ومدمر لصاحبه في الدنيا والآخرة ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : (كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به).
وفي كلمته أكد الدكتور / على الله الجمال إمام مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) على أن الله (عز وجل) فضل الإنسان بالعقل عن سائر المخلوقات ، ليعقل شرائعه ويهتدي بالقرآن والوحي، فالإنسان بدون العقل يستوى مع العجماوات، والحيوانات، مضيفًا أن من عطل عقله بالإدمان والمخدرات، فهو غافل بعيد عن الله تعالى، ولا شك أن الأضرار الناجمة عن تعاطي المخدرات لا تقع على الفرد والمدمن فقط، بل تنعكس على المجتمع كله، مستدلاً بقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : ” اجتنبوا الخمر فإنها مفتاح كل شر”، ولهذا دعا سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) : اللهم بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا.
وفي نفس السياق بين فضيلته أن هناك آثارًا خطيرة للمخدرات، فكم فرقت بين الزوج وزوجه ، وبسببها هدمت الأسر وخربت البيوت ، وهتك بسببها أعراض، وكم دفعت متعاطيها إلى القتل والسرقة، بل أدت بصاحبها للانتحار، مشيرا إلى أن هناك أنواعا جديدة من المخدرات تجعل الشباب في حالة الاحتضار ، وذلك بعد تعرضه لنوبات من الصرع ، وبعضهم يفقد الحياة، ومن المقلق والمخيف أن هذه الأنواع الجديدة قد أصبحت سهلة المنال والتداول، ورخيصة الثمن ، لذا يجب تحرك دولي وتكاتف عالمي من أجل مكافحة هذا الداء الخطير، ولا يتم هذا إلا بتفعيل مبدأ المسئولية المشتركة على المستوى الداخلي والخارجي.
وتابع فضيلته بأن المخدرات من حروب الجيل الرابع، تستهدف تدمير الأجيال والشباب الذين هم عصب الأمة، وأساس بنائها، مشيرًا إلى أن المدمن إنسان ضعيف الشخصية هارب من الواقع، غير قادر على مواجهة معضلات الحياة.