قوافل علماء الأوقاف بمحافظات : المنوفية ، والدقهلية ، ومرسى مطروح ، والمنيا ، والبحيرة تؤكد :
الدعوة إلى بر الوالدين جاءت مقرونة بالدعوة إلى توحيد الله عز وجل
وليس الإحسان للوالدين تفضـلا من الأبناء إنما هو حـق وواجب عليهم
ويأثم من لم يقم به أو يقصر فيه
أعظم مظاهر الإنسانية رعاية ذي الشيبة عمومًا وكفالة حقوقهم
وقضاء حوائجهم والسعي على مصالحهم
والإسلام لم يفرق بين ذي الشيبة المسلم وغير المسلم في المعاملة
بتوجيهات من معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ، وفي إطار الخطة الدعوية لوزارة الأوقاف وجه رئيس القطاع الديني فضيلة الشيخ / جابر طايع يوسف بتسيير عدة قوافل دعوية لمحافظات : (المنوفية ، والدقهلية ، ومرسى مطروح ، والمنيا ووادي النطرون بالبحيرة) اليوم الجمعة 28/9/ 2018 م ، وقد واصلت القوافل عطاءها الدعوي بالمساجد الكبرى بتلك المحافظات ، حيث قام أعضاء القافلة بإلقاء خطبة الجمعة الموحدة تحت عنوان ” برّ الوالدين وإكرام ذي الشيبة ” .
وقد أبرز علماء القافلة فضل بر الوالدين ، وحرمة وخطورة عقوقهما ، وأن الشريعة الإسلامية جاءت برسالة إنسانية داعية إلى كل خلق كريم ، وسلوك مستقيم ؛ فالأخلاق هي الأساس الذي تقوم عليه الأمم ، وتبنى عليه الحضارات ، وترجمة الأخلاق إلى سلوك ينعكس على الاهتمام بتكريم الإنسان ورعايته في جميع مراحل حياته هو المقصد الأسمى لرضا الله تعالى .
فمن على منبر مسجد سكان الزاوية بمحلة سبك بالمنوفية أكد فضيلة الدكتور/ محمد عزت محمد مدير عام شئون القرآن الكريم بوزارة الأوقاف أن من مظاهر عظمة الإسلام ورحمته وسماحته وعدله وإنصافه اهتمامه بتكريم الإنسان ، ووصيته برعايته في جميع مراحل حياته وفق منهج رباني محكم يراعي الحقوق والواجبات ، ويضمن للناس جميعًا حياةً آمنةً كريمةً مستقرة ، وأشار فضيلته إلى أن من أجلى وأوضح مظاهر هذه العظمة أمر الله سبحانه وتعالى للمسلمين بالإحسان مع الناس جميعًا ، حيث يقول ربنا سبحانه وتعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}، ويتأكد هذا الأمر بل تعظم الوصية به في حق الوالدين ، فلقد أمر الله (عز وجل) الناس عامة بالإحسان إلى الوالدين ، والبر بهما ، والتلطف معهما، وخفض الجناح لهما في أكثر من آية ، فقال سبحانه: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، وقال تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}، والمتدبر في هذه الآية الكريمة يرى لفتةً إنسانيةً واجتماعيةً تميز بها الإسلام في حديثه عن بر الوالدين ، في قوله تعالى :{ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا}، ففيها ما يُشعر بضرورة أن يكون الوالدان في كنف أبنائهم ، وتحت عنايتهم عند الكبر ، لا سيما وأن تلك المرحلة إنما هي مرحلة الضعف التي يحتاج الإنسان فيها إلى عظيم عناية ورعاية .
ومن على منبر مسجد عمر بن الخطاب – بأشمون أوضح فضيلة الدكتور / أشرف فهمي موسى مدير عام بديوان وزارة الأوقاف أنه لا ينتقص من بر الوالدين ولا ينال من حقهما كونهما على غير الملة ؛ فقد قال الله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}،أَيْ بِالْمَعْرُوفِ، وَهُوَ الْبِرُّ وَالصِّلَةُ وَالْعِشْرَةُ الْجَمِيلَةُ، فقد يرى بعض الشباب أنه أكثر تدينًا من والده , فيغلظ له القول ، أو يسيء معاملته, فنلفت أنظارهم إلى أمر الله (عز وجل) بالإحسان إلى الوالدين ولو كانا كافرين، أو حتى لو أرادا أن يحملاك على معصية الله ، أو حتى على الكفر , فلا تطعهما في ذلك ، غير أن ذلك لا يخوّل لك سوء معاملة أيّ منهما , إنما يجب أن تكون في جميع أحوالك ، كما أمرك الحق سبحانه : {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} ، مع علمك بأن ذلك ليس تفضـلًا منـك إنمـــا هو حـق وواجب عليـك تأثم إن لم تقم به أو قصرت فيه, فعن أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) ، قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقُلْتُ يا رسول الله: إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ وَهِيَ رَاغِبَةٌ؟ أَفَأَصِلُهَا ؟ قَالَ: (نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ) .
ومن فوق منبر مسجد صلاح الدين (الجمعية الشرعية) بأشمون أوضح فضيلة الدكتور / كمال محمد سيف مدير عام المتابعة الفنية بوزارة الأوقاف بقوله إن المتدبر لكتاب الله (عز وجل) يرى أن الدعوة إلى بر الوالدين جاءت مقرونة بالدعوة إلى توحيد الله في عدة آيات من كتاب الله تعالى ؛ وذلك لعظم منزلتهما، وجليل قدرهما ، فعن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: (ثَلَاثُ آيَاتٍ نَزَلَتْ مَقْرُونَةً بِثَلَاثٍ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهَا وَاحِدَةٌ بِغَيْرِ قَرِينَتِهَا ، الأولى: قَوْله تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، فَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَلَمْ يُطِعْ رَسُولَهُ (صلى الله عليه وسلم) لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ. وَالثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}، فَمَنْ صَلَّى وَلَمْ يُزَكِّ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ. والثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى: {أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}، فَمَنْ شَكَرَ اللَّهَ وَلَمْ يَشْكُرْ وَالِدَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ}.
ومن على منبر مسجد التقوى بمحلة سبك بالمنوفية أبان فضيلة الدكتور / أسامة فخري الجندي عن القيم الإنسانية التي تتجلى في رعاية ذي الشيبة عمومًا، وكفالة حقوقهم ، وقضاء حوائجهم ، والسعي على مصالحهم ؛ فلقد جاءت نصوص الشريعة الإسلامية تدعو إلى الاهتمام بكبار السن ، والعطف عليهم ؛ تقديرًا وإجلالًا لهم ، فعن أَبي موسى (رضي الله عنه)، قَالَ : قَالَ رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم) : (إنَّ مِنْ إجْلالِ اللهِ تَعَالَى : إكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ المُسْلِمِ ، وَحَامِلِ القُرآنِ غَيْرِ الغَالِي فِيهِ ، وَالجَافِي عَنْهُ ، وَإكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ المُقْسِط) ، أي أن : تعظيم الشيخ الكبير في الإسلام ، بتوقيره في المجالس، والرفق به ، والشفقة عليه ، ومناداته بأحب الأسماء إليه ، وعدم التقدم عليه في الكلام ، أو المشي أمامه ونحو ذلك ، كل هذا مِن كمالِ تعظيم الله (عز وجل) وإجلاله ، لما لهذا الكبير من مكانة وحرمة عند الله تعالى .
ومن على منبر مسجد أهل السنة بدموه بالدقهلية أكد فضيلة الدكتور / عمرو عبد الغفار الكمار – عضو الإدارة العامة للفتوى وبحوث الدعوة أن بر الوالدين والإحسان إليهما صورة من أرقى وأنقى صور البرّ والوفاء ، وتساءل فضيلته بقوله : من أحق بالوفاء ممن حَملتك فِي بَطنهَا تِسْعَة أشهر كَأَنَّهَا تسع حجج ، وكابدت عِنْد وضعك مَا يذيب المهج ، وأرضعتك من ثديها لَبَنًا، وغسلت بِيَمِينِهَا عَنْك الْأَذَى ، وآثرتك على نَفسهَا بالغذاء ، وِإن أَصَابَك مرض أَو شكاية أظهرت من الأسف فَوق النِّهَايَة ، وَلَو خيرت بَين حياتك وموتها ، لاختارت حياتك بِأَعْلَى صَوتهَا ، لذلك وصانا ربنا سبحانه وتعالى بها في قوله (عز وجل) : {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} ، كما تساءل فضيلته بقوله: ومَن أحق بالوفاء مِن أبٍ عطوفٍ مُتعَبٍ في همِّه لا يشتكي؟ كم تكبد الصعاب وتحمل المشاق من أجلك ؟ يبذل إليك النصيحة بصدق وكل آماله أن ترتقي ، لله در الآباء كم تحملوا من ألم وتعب من أجل أبنائهم ، من أحق بالوفاء والبر من الوالدين؟
ومن على منبر مسجد الجمعية الشرعية بدكرنس بالدقهلية أكد الدكتور/ محمد عبد العزيز السيد – عضو الإدارة العامة للفتوى وبحوث الدعوة أن حق الأم في البر جدّ عظيم ؛ فقد جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟، قَالَ : (أُمُّكَ) قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟، قَالَ: (ثُمَّ أُمُّكَ)، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: (ثُمَّ أُمُّكَ)، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: (ثُمَّ أَبُوكَ). وعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: سألت النبي (صلى الله عليه وسلم) أي الناس أعظم حقا على المرأة ؟ قال: (زَوْجُهَا). قلت: فأي الناس أعظم حقا على الرجل؟ قال: (أُمُّهُ). وجَاءَ رجلٌ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَدْتُ أَنْ أَغْزُوَ وَقَدْ جِئْتُ أَسْتَشِيرُكَ ، فَقَالَ : (هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟ ) قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: (فَالْزَمْهَا، فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا) .
ومن على منبر مسجد فجر الإسلام بشرق مطروح أكد فضيلة الشيخ/ صلاح سيد عطية عضو المراكز الثقافية بالوزارة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) جعل بر الوالدين في مرتبة عالية ، ومكانة سامية ، حيث عدَّه (صلى الله عليه وسلم) من أحب الأعمال إلى الله (عز وجل) بعد الصلاة المكتوبة ، بل وقدم (صلى الله عليه وسلم) ذكره على الجهاد في سبيل الله ، فعندما سُئل (صلى الله عليه وسلم): أيّ العَمَلِ أحَبُّ إِلَى اللهِ تَعَالَى؟ قَالَ: (الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا)، قيل: ثُمَّ أيّ؟ قَالَ: (بِرُّ الوَالِدَيْنِ)، قيل: ثُمَّ أيّ؟ قَالَ: (الجِهَادُ في سبيلِ الله). وعندما جاءه رجل يستأذنه (صلى الله عليه وسلم) في الجهاد ، سأله النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قائلًا : (أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟)، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: (فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ) .