وزير الأوقاف في خطبة الجمعة بمسجد محمد علي بالقلعة يؤكد:
ستظل مصر بلد الأمن والأمان وبلد التدين والأديان
السنة هي المصدر الثاني للتشريع بعد كتاب الله عز وجل
والفهم المقاصدي للسنة ضرورة لمواجهة الجمود والانغلاق
في إطار خطة وزارة الأوقاف لتصحيح المفاهيم الخاطئة ، ومواجهة الجمود والانغلاق الفكري ، وبيان سعة الشريعة الإسلامية ومرونتها من جهة ، والتأكيد على حجية السنة ومكانتها في التشريع وضرورة فهم مقاصدها كضرورة عصرية لمواجهة الجمود والانغلاق من جهة أخرى ، شارك معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة اليوم الجمعة 6/7/2018م في احتفال محافظة القاهرة بعيدها القومي ، بحضور سيادة اللواء/ محمد العصار وزير الإنتاج الحربي ، والسيد المهندس/ هشام عرفات وزير النقل ، والأستاذ / محمد سعفان وزير القوى العاملة ، والسيد اللواء / محمود شعراوي وزير التنمية المحلية ، والسيد/ محمد معيط وزير المالية ، والسيد/ أشرف صبحي وزير الشباب، والسيد المهندس / عاطف عبدالحميد محافظ القاهرة ، وفضيلة الشيخ / جابر طايع رئيس القطاع الديني ، وفضيلة الشيخ/ خالد خضر وكيل وزارة الأوقاف بالقاهرة ، ولفيف من السادة قيادات محافظة القاهرة ، وقيادات وزارة الأوقاف والسادة الدعاة ، والسادة رؤساء أحياء محافظة القاهرة، ولفيف من السادة أعضاء مجلس النواب لمحافظة القاهرة مشاركة منهم في العيد القومي للمحافظة .
وبحضور هذا الجمع العظيم أدى معالي وزير الأوقاف خطبة الجمعة اليوم 6 / 7 / 2018م بمسجد محمد علي بالقلعة تحت عنوان ” فهم مقاصد السنة النبوية ضرورة عصرية لمواجهة الجمود الفكري ” .
وقد أكد معالي الوزير على أن طاعة الرسول (صلى الله عليه وسلم) من طاعة الله ، حيث يقول الحق سبحانه : ” مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ” .
كما بين معاليه أن السنة النبوية لها أهميتها القصوى التي تجعلها المصدر الثاني للتشريع بعد كتاب الله (عز وجل) ، وبذلك أجمع العلماء قديمًا وحديثًا ، ولا ينكر حجيتها إلا جاحد أو جاهل ، والفهم المقاصدي للسنة هو الأساس الذي نسير عليه ، وهو الفهم الصحيح لها ولغاياتها ، وضرب بعض النماذج لذلك ، منها فهم قوله (صلى الله عليه وسلم): ” إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي ، وَبِكَ أَرْفَعُهُ ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا ، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ” ، والمراد بـــ (دَاخِلَة الْإِزَار ) : فلو وقفنا عند ظاهر النص فماذا يصنع من يلبس ثوبًا يصعب الأخذ بطرفه وإماطة الأذى عن مكان النوم به كأن يرتدي لباسًا عصريًّا لا يمكنه من ذلك .
ولو أخذنا بالمقصد الأسمي وهو تنظيف مكان النوم والتأكد من خلوه مما يمكن أن يسبب للإنسان أي أذى من حشرة أو نحوها ، لتأكدنا أن الإنسان يمكن أن يفعل ذلك بأي آلة تحقق المقصد وتفي بالغرض ، فالعبرة ليست بإمساك طرف الثوب ، وإنما بما يتحقق به نظافة المكان والتأكد من خلوه مما يمكن أن يسبب الأذى ، بل إن ذلك قد يتحقق بمنفضة أو نحوها أكثر مما يتحقق بطرف الثوب ، لكن النبي (صلى الله عليه وسلم) خاطب قومه بما هو من عاداتهم وبما هو متيسر في أيامهم حتى لا يشق عليهم في ضوء حياتهم البسيطة .
فمن شابهت حياته حياتهم فلا حرج عليه إن أخذ بظاهر النص ، غير أن محاولة حمل الناس جميعًا مع كل ألوان تطور الحياة العصرية على الأخذ بظاهر النص ظلم كبير في فهم مقصده .
ومن أمثلة الفهم المقاصدي كذلك ما يتصل باستخدام السواك الذي تحدث عنه الفقهاء فقالوا في حكمته : مطهرة للفم ، ومرضاة للرب ، وإصابة للسنة ، حيث يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : ” لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ ” , وفي رواية : “لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء” ، والقصد من السواك طهارة الفم والحفاظ على رائحته الطيبة ، وإزالة أي آثار لأي رائحة كريهة مع حماية الأسنان وتقوية اللثة ، وهذا المقصد كما يتحقق بعود السواك المأخوذ من شجر الأراك يتحقق بكل ما يحقق هذه الغاية ، فلا حرج مِن فعل ذلك بعود الأراك أو غيره كالمعجون وفرشاة الأسنان ، أما أن نتمسك بظاهر النص ونحصر الأمر حصرًا ونقصره قصرًا على عود السواك ، ونجعل من هذا العود علامة للتقى والصلاح بوضع عود أو عودين أو ثلاثة منه في الجيب الأصغر الأعلى للثوب مع تعرضه للغبار والأتربة والتأثيرات الجوية ونظن أننا بذلك فقط دون سواه إنما نصيب عين السنة , ومن يقوم بغير ذلك غير مستنٍّ بها , فهذا عين الجمود والتحجر لمن يجمد عند ظاهر النص دون فهم أبعاده ومقاصده ، لذا فنحن في حاجة إلى قراءة مقاصدية عصرية للسنة النبوية ، تتواكب مع روح العصر ومستجداته ، وتقرب السنة النبوية العظيمة إلى الناس بدلاً من الأفهام السقيمة التي تنفر الناس من السنة ولا تقربهم منها.
ثم تحدث عن مكانة مصر الحضارية والتاريخية ، وأنها مهد الحضارات ، مؤكدًا أن المستقبل قادم ومشرق في وضع لبنة جديدة للحضارة المصرية بإذن الله تعالى.