وزير الأوقاف في كلمته بالمجلس التنفيذي لوزراء الأوقاف والشئون الإسلامية بدول العالم الإسلامي:
أؤكد على شرعية الدولة الوطنية وحرمة المساس بكيانها
وأن الولاية على المساجد ولاية عامة من شئون الدولة
التي لا تترك للجماعات أو الجمعيات
ونحذر من حروب الجيل الخامس ويجب أن نعمل على التوعية بمخاطرها
خلال كلمته التي ألقاها بالجلسة الافتتاحية لأعمال المجلس التنفيذي الذي عقد بمكة المكرمة اليوم الأحد 13 / 5 / 2018م بحضور وزراء الأوقاف بكل من مصر ، والسعودية ، والأردن ، وباكستان ، وجامبيا ، وممثلين لوزارات المغرب والكويت وأندونسيا، أكد معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف على مشروعية الدولة الوطنية، وأن العمل على قوتها مطلب شرعي ، وأن كل ما ينال من مشروعية أو كيان الدولة الوطنية يتناقض غاية التناقض مع ديننا وقيمنا الحضارية والإنسانية .
وحذر معاليه من مخاطر حروب الجيل الخامس ، مؤكدًا أن المرحلة التي تمر بها أمتنا مرحلة عصيبة ، فأمتنا مستهدفة والتحديات جسام ، والحروب على أمتنا ودولنا تتخذ أشكالا متعددة ، معلنة وخفية ، مباشرة وبالوكالة ، ولعل أخطرها جسامة هي ما يمكن أن نطلق عليه حروب الجيل الخامس التي تجمع بين حرب الشائعات وتشويه الرموز الدينية والوطنية ، وقلب الحقائق وإثارات النعرات العرقية والقبلية والطائفية المذهبية ، لبث الفرقة بين أبناء الأمة ، ومحاولات الإحباط والتيئيس ، والحصار الاقتصادي ، مع استخدام العصابات المسلحة التي تتاجر بدين الله (عز وجل) ، مما يتطلب منا عملاً جادًّا ومتواصلا ومنسقًا لمواجهة هذه التحديات الجسام ، ومع ذلك فإننا لن نيأس ولا يمكن أن نيأس ، لأننا نأوي إلى ركن شديد وهو إيماننا بالله (عز وجل) وعدالة قضيتنا ، وإيماننا الراسخ بأن الحفاظ على كيان دولنا والعمل على قوة شوكتها هو جزء من لب عقيدتنا .
وفيما يخص الحديث عن المسجد ورسالته والاهتمام به أؤكد أننا في مصر نقوم بأكبر حركة إعمار لبيوت الله (عز وجل) في تاريخنا مبنى ومعنى ، حيث نقوم في كل عام بإحلال وتجديد نحو ألف مسجد سواء من موازنة الوزارة أم من مواردها الذاتية أم من الجهود الذاتية التي ندعمها ، ولم تقف العناية بالمسجد عند حدود المبنى إنما اتسعت للعناية بالمعنى ، واختيار الأئمة وتأهيلهم تأهيلا علميًّا ومهاريًا يؤهلهم للوفاء بحق الرسالة العظيمة التي يحملونها ، كما أننا نقيم عددًا من الدورات باللغات المختلفة وكان آخرها بأربع لغات هي : (الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية) لنعد إمامًا قادرًا على نقل رسالة الإسلام الحضارية السمحة إلى العالم كله بلغاته المختلفة ، مع التوسع في عملية الترجمة والنشر .
وأخيرًا أؤكد أن الولاية على المساجد إنما هي من الولايات العامة والتي لا يمكن أن تترك في أيدي بعض الجماعات أو الجمعيات ، فكما قرر الفقهاء أمر الولاية على الجند التي هي مسئولية وزير الدفاع في عصرنا الحاضر ، والولاية على الشرطة لوزير الداخلية ، والولاية على الأسواق لوزير التموين والتجارة الداخلية ، والولاية على المساجد المعبر عنها بالولاية على الصلاة التي هي لوزير الأوقاف ، فكما أنه لا يجوز الافتئات على الدولة بالافتئات على مسئوليات وزارة الدفاع بإنشاء مليشيات تنال من كيان الدولة ، ولا الافتئات على الشرطة بإنشاء أقسام شرطة خاصة ، ولا الافتئات على القضاء بإنشاء محاكم خاصة لكل مجموعة أو قبيلة أو حزب ، ولا وضع كل مجموعة نظامًا لأسواقها خارج سلطة الدولة ، فكذلك لا يجوز بحال من الأحوال الافتئات على سلطة الأوقاف في الولاية على المساجد بقيام بعض الجماعات أو الجمعيات بإنشاء كيانات دعوية موازية ، مما يتطلب منا ترسيخ مفهوم الدولة الوطنية والحفاظ على كيانها ومؤسساتها الوطنية ، والتأكيد على حق الدولة دون سواها في إدارة شئونها العامة ، حتى لا نترك مجالاً للجماعات المتاجرة بالدين أو المتكسبة به لبث أفكارها الهدامة .