قافلة علماء الأوقاف بالوراق تؤكد : ضرورة استحضار الأمل في كل الأحوال
والأمل الصادق هو الأمل المقرون بالعمل والأخذ بأسباب الرفعة والتقدم والنماء
الأمل يحتاج إلى مزيد من العمل , ومزيد من الإتقان , ومزيد من الإخلاص
فعلينا الأخذ بالأسباب مع حسن التوكل على الله (عز وجل)
بتوجيهات من معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف وجه رئيس القطاع الديني فضيلة الشيخ/ جابر طايع يوسف بتسيير قافلة دعوية لجزيرة الوراق اليوم الجمعة 30 / 3 / 2018م ، وقد واصلت القافلة عطاءها الدعوي بالمساجد الكبرى بجزيرة الوراق بمديرية أوقاف الجيزة ، حيث قام أعضاء القافلة بإلقاء خطبة الجمعة الموحدة بالمساجد الكبر ى بجزيرة الوراق تحت عنوان ” الأمل ” حيث أكد أعضاء القافلة أن الأمل هو القوة الدافعة للإنسان في تلك الحياة ، يبعث فيه العزيمة والقوة والنشاط ، ويشرح صدره للعمل والعطاء والاجتهاد ، ويخلق فيه الصبر والجِدّ والكفاح والمثابرة.
فمن على منبر المسجد الكبير أكد فضيلة الدكتور / أسامة فخري الجندي مدير إدارة المساجد الحكومية بديوان عام الوزارة أن الأمل والإيمان قرينان متلازمان لا ينفكان ، فالمؤمنون هم أوسع الناس أملًا في الله (عزّ وجل) ، وأكثرهم تفاؤلًا واستبشارًا وأبعدهم عن اليأس والتشاؤم ، يثقون في الله (عزّ وجلّ) ، ويحسنون الظن به ، ولم لا ؟ والله (عز وجل) يقول في الحديث القدسي : ( أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي) ، فمن كان مع الله كان الله معه ، فالمؤمنون إذا مرضوا لم ينقطع أملهم في الشفاء ، وإذا وقعوا في خطأ لم ييأسوا من رحمة الله وعفوه ، وإذا كانوا في ضيق وهم وغم وثقوا أن مع العسر يسرًا ، وإذا أصابتهم مصيبة صبروا أملًا في الأجر والثواب وثقة في وعد الله لهم بالخلف بالخير .
ومن فوق منبر مسجد عمر بن الخطاب أشار فضيلة الدكتور / عبد الخالق صلاح إمام وخطيب بأوقاف القاهرة إلى أن من يتدبر القرآن الكريم يجده مليئًا بالآيات التي تدعو إلى الأمل والتفاؤل , مستشهدًا ببعض قصص القرآن الكريم ، فهذا نبي الله نوح (عليه السلام) يتحلى بالأمل مع علو الهمة في دعوته لقومه طمعًا في إيمانهم ، فيلبث فيهم داعيًا إلى الله (عز وجل) ألف سنة إلا خمسين عامًا لا يكلّ ولا يملّ ، ولا يقنط ولا ييأس ، قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا } .
وفي قصة سيدنا إبراهيم (عليه السلام) نرى الأمل يتدفق تدفقًا واضحًا , في تحقيق رجاء شيخ كبير قد بلغ من الكبر عتيًّا ، وزوجه العجوز التي تخطت سن الإنجاب ، حيث يقول الحق سبحانه على لسان إبراهيم (عليه السلام):{أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ*قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ*قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ}.
ومن على منبر مسجد عثمان بن عفان أكد فضيلة الشيخ / الشيخ / ناصر عبد الله محمد إمام وخطيب بأوقاف الجيزة أن من عظيم توجيهات القرآن الكريم إلى ضرورة استحضار الأمل في كل الأحوال أن فتح باب التوبة للعصاة والمذنبين ، قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، وفي الحديث القدسي: (يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ اللهَ (عَزَّ وَجَلَّ) يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا) ، فلا ييأس مذنب من عفو الله.
ومن فوق منبر مسجد الرحمة أكد فضيلة الشيخ / الشيخ / عماد محمد محي شعبان إمام وخطيب بأوقاف الجيزة أن الشريعة الإسلامية كما حثت أتباعها على التحلي بقيمة الأمل والتفاؤل فإنها في نفس الوقت قد حذرت من اليأس والتأييس والإحباط والتحبيط ، حتى إن أهل العلم قد عدّوا ذلك كله من الكبائر , فعن ابن عباس (رضي الله عنهما) : أن رجلًا سأل النبي (صلى الله عليه وسلم) قائلًا: يا رسول الله ما الكبائر؟. فقال (صلى الله عليه وسلم): (الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالإِياسُ مِنْ رُوحِ اللَّهِ ، وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) ، هكذا قرن النبي (صلى الله عليه وسلم) بين الشرك وبين اليأس والتأييس من رحمة الله (عزّ وجلّ) مبالغة في التحذير والتنفير منه ؛ لأن الإنسان لا يستطيع أن يحيا بلا أمل ، فحياة بلا أمل حياة جافة , عابسة , فلا حياة مع اليأس , ولا يأس مع الحياة .
فما أحوجنا إلى أن نحيا بروح الأمل في جميع مناحي حياتنا ، وأن نأخذ بالأسباب ، ونترك النتائج إليه (سبحانه) ، فإن أحسنّا الأخذ بالأسباب وأحسنّا التوكل على الله (عزّ وجلّ) فتح لنا أبواب الأمل في الدنيا والآخرة , قال تعالى : {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} ، وقال سبحانه : {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} .