قافلة علماء الأوقاف بالوراق تؤكد : حب الإنسان لوطنه لا يقف عند المشاعر والعواطف والأحاسيس فحسب
وإنما ينبغي أن يترجم إلى سلوك وعمل
والإنسان الإيجابي: هو الذي يتفاعل مع قضايا مجتمعه
ويتأثر بمحيطه ويؤثر فيه بكل ما هو نافع
بتوجيهات من معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف وجه رئيس القطاع الديني فضيلة الشيخ/ جابر طايع يوسف بتسيير قافلة دعوية لجزيرة الوراق امس الجمعة 23 / 3 / 2018م ، وقد واصلت القافلة عطاءها الدعوي بالمساجد الكبرى بجزيرة الوراق بمديرية أوقاف الجيزة ، حيث قام أعضاء القافلة بإلقاء خطبة الجمعة الموحدة بالمساجد الكبر ى بجزيرة الوراق تحت عنوان ” الإيجابية ” .
فمن على منبر مسجد عمر بن الخطاب أكد فضيلة الشيخ / محمد الوجيه بحيرى أن الإيجابية تعني : شعور الإنسان بمسئوليته تجاه دينه ووطنه ، والإسهام في بنائه واستقراره ، وتقدمه بالعمل والإنتاج ، فحب الإنسان لوطنه لا يقف عند المشاعر والعواطف والأحاسيس فحسب ، وإنما ينبغي أن يترجم إلى سلوك وعمل ، فالإنسان الإيجابي: هو الذي يتفاعل مع قضايا مجتمعه ، ويتأثر بمحيطه ويؤثر فيه بكل ما هو نافع.
ولقد دعا القرآن الكريم في العديد من الآيات إلى الإيجابية ، وعدّها من أخلاق المصلحين على مر التاريخ ، وقدم لنا العديد من النماذج التي ينبغي لنا أن نقتدي بها جميعًا ، منها :
موقف ذي القرنين حينما وجد بين السدين قومًا لا يكادون يفهمون كلام غيرهم ؛
لبعدهم عن بقية الناس ، وغرابة لغتهم ، وقلة فطنتهم ، وكانوا يعانون من إفساد يأجوج ومأجوج في الأرض وبغيهم ، فطلبوا من ذي القرنين أن يبني لهم ســدًّا ليتقوا شرهم ، فما كان من هذا القائد الذكي حينما رأى فيهم كسلًا وخمولًا إلا أن أمرهم بالمشاركة معه في البناء ، معلمًا إياهم كيف تكون المشاركة الإيجابية ، وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا * قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا}.
ومن فوق منبر مسجد الكبير أشار فضيلة الشيخ / زكريا محمد مرزوق إلى أن القرآن الكريم ضرب لنا مثلًا في الإيجابية مع الإنصاف في آنٍ واحدٍ بموقف تلك النملة مع بني جنسها حينما رأت خطرًا يتهددهم ، ويكاد يهلكهم جميعًا ، قال تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ } ، فهذه النملة الضعيفة قد اتسمت بالإيجابية ، فلم تكترث لنفسها وحسب ، بل حذرت بني جنسها ، ثم اعتذرت عن سليمان وجنده إن وقع منهم إهلاك للنمل ، فقالت: {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}.
ومن على منبر مسجد عثمان بن عفان أكد فضيلة الشيخ / مبروك وجية مبروك أن النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) دعا الإنسان إلى أن يكون إيجابيًّا في جميـع أمور حياته، فقال (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) ، وقال (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : (بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً ) ، وكما دعانا نبينا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إلى الإيجابية وحثنا عليها ، فقد حذّرنا من السلبية فقال (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : (لا يكُنْ أحَدُكُمْ إِمّعَة ، يقول: أنا مع الناس ، إِن أحْسَنَ الناسُ أحسنتُ. وإن أساءوا أسأتُ ، ولكن وَطِّنُوا أنفسكم إن أحسن الناسُ أن تُحْسِنُوا ، وإن أساءوا أن لا تظلِمُوا).
ومن فوق منبر مسجد الإيمان أكد فضيلة الشيخ / محمد عبدربه أحمد أن المشاركة الإيجابية خلق أصحاب الهمم العالية التي تعي مسئوليتها تجاه وطنها ، وتدرك متطلباته وتحدياته الراهنة في كل زمان ومكان ، فتقف صامدة أمام هذه التحديات التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار ، ونشر الفساد وهدم الأوطان ، فتتخذ موقفًا إيجابيًّا نحو هذه التحديات .
كما أشار إلى أن المشاركة الإيجابية والإدلاء بالصوت هو مطلب وواجب وطني ، وبخاصة في ظل المخاطر والتحديات التي نواجهها ، وما آل إليه حال كثير من دول منطقتنا من تفسخ وتفكك ودمار على أيدي الجماعات الإرهابية العميلة الخائنة ، والتي تعد ذراعًا لمن يخططون لتفكيك كل دول المنطقة وتقسيمها وإعادة تشكيل خريطتها من جديد بما يخدم أهداف ومصالح أعدائنا المتربصين بِنَا ، وعلينا أن نري العالـم كله مدى حب المصـريين لبلـدهم ، ووفائهـم له ، ووعيهـم بقضـايـا وطنهـم ، وإصرارهم على حماية أمنه واستقراره .
فما أحوجنا إلى أن نحيا بروح الإيجابية في جميع مناحي حياتنا ، رغبة في رفعة أوطاننا وتقدمها ، والوصول بها إلى المكانة التي تليق بها .