*:*الأخبار

وزير الأوقاف في احتفالات الوزارة
بذكرى فتح مكة
يؤكد :
فتح مكة جسد قيمة التسامح
في أسمى معانيها
والفتوى قد تتغير بتغير الزمان
والمكان والأحوال

  برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة احتفلت وزارة الأوقاف يوم الخميس الموافق 15 / ٦ / ٢٠١7م بذكرى ” فتح مكة ” ، بملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف ، بساحة مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) ، تحدث فيه معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بحضور أ. د/ أحمد علي عجيبة الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، و أ.د/ عبد الله النجار عضو  المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، وفضيلة الشيخ/ خالد خضر مدير مديرية أوقاف القاهرة ، و د/ محمد عزت منسق الملتقى ، ولفيف من القيادات الدعوية والشعبية.

  وفي حديثه أكد معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أننا يجب أن نستلهم الدروس والعبر من سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم) , ومن أهمها : ما أكدنا عليها في الاحتفال بغزوة بدر ، وهو بيان أن الإذن بالقتال في الإسلام محصور في رد الاعتداء ودفع الظلم ، ولم يؤذن لهم بالقتال حتى دفاعا عن أنفسهم حتى هاجروا إلى المدينة وصار لهم دولة ووطن يدافعون عنهما  ، مشيرًا إلى أن الإسلام لم يكن أبدًا تواقا للحرب وإراقة الدماء.

  وقد بين معاليه أن سبب فتح مكة هو : أن صلح الحديبة قد نص على أنه من أراد أن يدخل في حلف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فليدخل ، ومن أراد أن يدخل في حلف قريش فليدخل ، فدخل بنو بكر في حلف قريش ، ودخلت خزاعة في حلف رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبنو بكر ، وبنو خزاعة ، قبيلتان متحاربتان في الجاهلية ، وبينهما عداوات قديمة ، فلما انحاز كل منهما لطرف من طرفي الحديبية عاشوا آمنين في ظل هذا الصلح ، إلا أن بني بكر تآمروا مع حلفائهم من قريش على الغدر بخزاعة حلفاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وقالت قريش : ما يعلم بنا محمد ، إذا دبرنا الغدر ليلا وفي الظلام ، فوثب بنو بكر على بني خزاعة ليلا وقتلوا منهم ثلاثًا وعشرين نفسًا عند بئر يسمى الوتير ، وأسرع عمرو بن سالم الخزاعي إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخبره الخبر ، ويستنجده ، فلما وصل إلى المدينة وجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جالسًا في المسجد بين الصحابة فوقف عنده ، ثم قال:

 يَا رَبّ إنّي نَاشِدٌ مُحَمّدًا حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا
قَدْ كُنْتُمْ وُلْدًا وَكُنّا وَالِدَا    ثُمّتَ أَسْلَمْنَا فَلَمْ نَنْزِعْ يَدَا
فَانْصُرْ هَدَاكَ اللّهُ نَصْرًا أَعْتَدَا وَادْعُ عِبَادَ اللّهِ يَأْتُوا مَدَدَا
فِيهِمْ رَسُولُ اللّهِ قَدْ تَجَرّدَا  إنْ سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ تَرَبّدَا
فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَجْرِي مُزْبِدًا  إنّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوك الْمَوْعِدَا
وَنَقَضُوا مِيثَاقَك الْمُوَكّدَا وَجَعَلُوا لِي فِي كَدَاءٍ رُصّدَا
وَزَعَمُوا أَنْ لَسْتُ أَدْعُو أَحَدَا وَهُمْ أَذَلّ وَأَقَلّ عَدَدَا
هُمْ بَيّتُونَا بِالْوَتِيرِ هُجّدًا وَقَتَلُونَا رُكّعًا وَسُجّدَا

  فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : “نصرت يا عمرو بن سالم ، ثم عرضت له سحابة من السماء ، فقال: (إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب) ، ثم خرج بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة ، حتى قدموا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المدينة، فأخبروه بمن أصيب منهم ، وبمظاهرة قريش بني بكر عليهم ، ثم رجعوا إلى مكة، وأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بسرعة التجهز للخروج إلى مكة ، ووجه بسرّية الأمر حتى يبغتهم في بلادهم ، وحتى لا تستعد قريش ، حرصًا منه (صلى الله عليه وسلم) على دخول مكة بلا قتال ولا سفك دماء.

  وفي سياق متصل أوضح معاليه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قد دخل مكة في عزة وتواضع ، وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة ، فقال : اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الحرمة ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (بل اليوم يوم المرحمة ، اليوم يعظم الله الكعبة) ، ثم دخل الكعبة مكبرًا في أرجائها وموحدًا الله (عز وجل) وأخذ يشير إلى الأصنام وهى تتساقط أمامه وهو يقول : {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} ، ثم خرج من الكعبة وخطب في أهل مكة قائلا : (ما تظنون أنى فاعل بكم؟) قالوا : خيرًا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم ، فقال قولته المشهورة  : (اذهبوا فأنتم الطلقاء ) وهو ما يجسد قيمة التسامح في أسمى معانيها.

  كما أشار معاليه إلى درس مهم ، وهو أن الفتوى قد تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال ، فما يكون راجحا في عصر قد يكون مرجوحا في وقت آخر ، وما يكون مرجوحا تارة في وقت قد يكون راجحا في وقت آخر ، وهذا ما فعله النبي (صلى الله عليه وسلم) في حياته , فحين جاء سيدنا صفوان بن أمية  مهاجرا من مكة إلى المدينة قال له (صلى الله عليه وسلم) : (ما حملك على هذا؟ ) ، فقال صفوان : قيل لي لا دين لمن لم يهاجر ، فقال له (صلى الله عليه وسلم) : ( ارجع أبا وهب إلى أباطح مكة ، لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية ) ، إذن قد تغير حكم الهجرة بعد الفتح لاختلاف الحال , ومن ثم أكد معاليه أنه لا جمود ،ولا انغلاق في الإسلام ، فمن آمن كان يهاجر من أجل الاستضعاف ، فلما زالت العلة تغير حكم الهجرة .

 وفى ختام كلمته أكد معاليه  على أهمية  الإسراع في إصدار قانون تنظيم الفتوى , فما  ظهر التطرف الفكري إلا بسبب تجرؤ غير المتخصصين به ، وأدعياء العلم الذين اقتحموا المساجد والمنابر الإعلامية في فترة تصدر الجماعات المتطرفة المشهد السياسي، فينبغي الإسراع في إقرار قانون تنظيم الفتوى ، لكبح جماح الدخلاء والأدعياء ، داعيا لمصر وأهلها بالأمن والأمان ، والسخاء والرخاء.

اظهر المزيد

منشور حديثّا

زر الذهاب إلى الأعلى