*:*الأخبار

في ملتقى الفكر الإسلامي بالحسين

أ/ نادر أبو الفتوح : 

عودة الملتقى هي مبادرة جريئة من وزير الأوقاف

لتصحيح المفاهيم المغلوطة في عقول الشباب

الدكتور/ هاني تمام :

خصوم الإسلام لم ينالوا منه كما  نالت منه الجماعات المتطرفة

والتكفير هو مرتكز الجماعات المتطرفة لاستباحة الدماء

الشيخ/ حمد الله الصفتي :

آن الأوان ليتحدث العلم الشرعي المجرد بدلا من القناعات الشخصية

  برعاية كريمة من معالي أ.د / محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ، وترسيخا لمبادئ المواطنة وغرسا لروح الولاء ، أقيمت الحلقة الثانية عشرة لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف ، مساء يوم السبت 10 / 6 / 2017م بساحة مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) تحت عنوان : ” مناقشة كتاب ضلالات الإرهابيين وتفنيدها الذي أصدرته وزارة الأوقاف ، وحاضر فيها : الدكتور/ هاني تمام مدرس الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة ، والشيخ/ حمد الله الصفتي مسئول الشئون العلمية للمنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف ، بحضور د/ محمد عزت منسق الملتقى ، ولفيف من شباب الدعاة بالوزارة ، وجمع غفير من المشاهدين والسادة الإعلاميين ، وأدار اللقاء أ/ نادر أبو الفتوح الصحفي بجريدة الأهرام .

  وقد استهل اللقاء أ/ نادر أبو الفتوح الصحفي بجريدة الأهرام ، بالترحيب بالضيوف الأعزاء والحضور الكريم سائلا الله (عز وجل) أن ينفع بهذا الملتقى البلاد والعباد ، مشيدًا بدور وزارة الأوقاف في نشر الفكر الإسلامي الصحيح.

  وقد أكد في مقدمته أن عودة الملتقى هي مبادرة جريئة من معالي وزير الأوقاف الذي عهدنا منه كل ما هو جديد وجرئ من مبادرات وأفكار لتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الدين الإسلامي وتصويبها في عقول الناس وخاصة الشباب .

  وفي كلمته أكد الدكتور/ هاني تمام مدرس الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة أن فكرة إخراج هذا الكتاب قد جاءت من خلال الكتابات التي تصدرها الجماعات المتطرفة وتفتري فيها على الدين الإسلامي ، وعلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، مشيرًا إلى أنهم يرتكزون على التدليس والكذب على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وهو الذي يقول : (من كذب علي متعمدا فليتبوا مقعده من النار) ، والكذب إما وضع الأحاديث المكذوبة على رسول الله ، أو تفسير أقواله تفسيرا يخدم أفكارهم الضالة على خلاف مراده  (صلى الله عليه وسلم) .

  وأوضح سيادته أن خصوم الإسلام على مرِّ القرون لم يستطيعوا أن يشوهوا الإسلام مثلما صنع هؤلاء في السنوات الأخيرة ، مشيرًا إلى أن المرتكز الذي اعتمد عليه الإرهابيون في استباحة الدماء هو قضية التكفير بالمعاصي للحاكم والرعية ، فإذا فعل المسلم معصية يصبح بها كافرا عندهم ، ويترتب على ذلك استباحة دمه وعرضه وماله، وهذا على خلاف ما استقر عليه رأي علماء الأمة من أن المعاصي السلوكية تفسق صاحبها ولا نحكم على إنسان بالكفر إلا إذا أنكر معلوما من الدين بالضرورة ، مستشهدا بقول الامام الطحاوي : إن الإنسان لا يخرج من الدين الا إذا أنكر ما أدخله فيه، فالمسلم إذا قال قولا أو فعل فعلا يحمل على تسعة وتسعين وجها من الكفر ووجها واحدا من الايمان وجب حمله على الايمان .

  كما أوضح سيادته أن الدماء عند هؤلاء رخيصة ، فإذا مات أبرياء في مظاهرة أو تفجير تسقط حرمتهم وديتهم ، لأنهم ماتوا في عمل جهادي جليل عندهم ، ولو أنهم يملكون أدنى قدر من الفقه في دين الله لعَدُّوهم على أقل تقدير من أصحاب دية القتل الخطأ ، وتناسوا قول الله تعالى : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا }.

  وفي نفس السياق أشار سيادته إلى أن من ضلالهم وفكرهم المنحرف تفسير حديث النبي (صلى الله عليه وسلم) : (أُمرتُ أن أقاتلَ الناسَ حتى يشهَدوا أنْ لا إِله إِلا الله ، وأنَّ محمداً رسولُ الله، ويقيموا الصَّلاةَ، ويُؤتوا الزَّكاةَ، فإِذا فعلوا ذلك عصَموا منِّي دماءَهم وأموالَهم إِلا بحقِّ الإسلامِ، وحسابُهم على الله) . وهذا مما يتنافى مع العقل السليم ، فلم يبعث رسول الله بالقتل ولا بالإرهاب ، وإنما بعث بالرحمة ، فهو القائل : (بعثت بالحنيفية السمحة) ، ومعني قتال رسول للناس إنما قصر على من اعتدى على المسلمين وقاتلهم أو من حال بين الناس وبين معرفة دين الله الحق ، بل إن النبي (صلى الله عليه وسلم) أكد حقوق غير المسلمين فقال : (ألا مَن ظَلم مُعاهِداً أو انتَقصَهُ أو كلَّفَهُ فوقَ طاقَتِه أو أخَذ منهُ شيئاً بِغيرِ طِيبِ نَفسِ فأنا حَجِيجُهُ يوم القيامةِ).     وأضاف سيادته أن من ضلالاتهم استباحة تدمير مركبات الجيش والشرطة وقصدهم في ذلك إسقاط الدولة وإذهاب شوكة المسلمين ، ولو سقطت الدولة ما عبد الله (عزو جل) ، فالوطن والدولة هما ظرف مكان للدين ، فضياع الوطن يعني ضياع الدين .     وفي ختام كلمته أكد أن هؤلاء الناس لشدة جهلهم بالدين استباحوا تدمير كل شيء يقف ضد مصلحتهم الشخصية ، فالغاية عندهم أن يصلوا إلى أهدافهم الخبيثة ولو على جماجم الآخرين ، ومن ثم فالواجب علينا أن نعمل عقولنا في فهم نصوص القرآن والسنة ومقاصد الدين للحفاظ على الدماء والأموال والأعراض.

  ومن جانبه أكد فضيلة الشيخ/ حمد الله الصفتي مسئول الشئون العلمية للمنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف أنه حين تصبح بعض المفاهيم يشوبها الالتباس يجب على العلماء أن يبينوا الحق فيها ، فهناك جراثيم فكرية موجودة في المجتمعات الإسلامية قد تؤدي إلى أمراض عضال ، ومهما حاولنا توصيل الفهم الصحيح للدين فلن نستطع إلا بعد أن نقضي على هذه الجراثيم ، مضيفا أن السبب في ذلك أننا ابتلينا في هذه السنوات الأخيرة بأن كل متحدث عن المفاهيم الإسلامية يتحدث من وجهة نظره الخاصة فقط وليس من وجهة نظر العلم المنضبط المحرر حسب القواعد والأصول ، فلو حصل ذلك فسوف يظهر التدليس والافتراء في كلام الجماعات المتطرفة ، مشيرا إلى أنهم يجتزئون النصوص ويقطعوها عن سياقها ، وقد يقتصرون على عدد من النصوص يفهمون منها الإسلام دون النظر إلى مجمل نصوص الدين من قرآن وسنة.

  ولنضرب مثلا بمفهوم الجهاد الذي أصابه تشويه كبير في السنوات الأخيرة حتى أصبح مرادفًا للحرب وإراقة الدماء ، مشيرا إلى أن الناظر المدقق في سنة رسول  الله (صلى الله عليه وسلم) يعلم أن القتال لم يشرعه الله للمسلمين إلا في العهد المدني رغم أن كفار مكة قد عذبوا الر سول وأصحابه واضطهدوهم ، ومع ذلك لم يأمرهم الله بقتال المشركين في مكة ، وأمرهم به في المدينة ، لأن المسلمين قد اكتسبوا أشياء لم تكن لديهم في مكة فوجب عليهم الدفاع عنها ، فالناس في المدينة بايعوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكان هو الحاكم للمدينة وأصبح للمسلمين دولة ، وفيها شعب من المهاجرين والأنصار واليهود ، وهناك دستور يمثله وثيقة المدينة التي تحتوي على الحقوق والواجبات ، فكل هذه المكتسبات يجب الدفاع عنها وأن نحميها ، مشيرا إلى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قاتل لحماية دولة موجودة بالفعل ولم يقاتل لينشئ دولة جديدة ، وهذا يعطينا أن القتال في الإسلام شرع لحماية موجود لم يشرع لإيجاد مفقود.

  ثم ختم كلمته بالحديث عن ضرورة حماية أبنائنا وشبابنا من الإرهاب ، مشيرا إلى أننا يجب أن نكشف لهم عن حقيقة الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي لا تؤمن بوطن ولا دولة وطنية ، وأنها لا تخدم سوى أعداء الدين والوطن , وأنهم عملاء لمن يمولونهم, خونة لدينهم وأوطانهم , يستخدمهم أعداؤنا لإضعاف أمتنا وتمزيقها وتفتيت كيانها من جهة , وتشويه الوجه الحضاري النقي السمح لديننا الحنيف من جهة أخرى.

  كما أوضح فضيلته أن الذي ينبغي التأكيد عليه والتنبه له هو أن هذه الجماعات والتنظيمات احترفت الكـذب والخـداع ، واستحـلال الدماء والأمـوال , يلـوون أعناق النصوص , ويحرفون الكلم عن مواضعه , يماسحك أحدهم مماسحة الثعبان , ويراوغك كما يراوغك الثعلب , ويقفز منك قفز القُنْفُذْ , يظهرون خلاف ما يبطنون , يعطونك معسول الكلام ومن خلفه السم الزعاف ، والموت الزؤام , {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} , فهم كما يقول الحق سبحانه : { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ}.

اظهر المزيد

منشور حديثّا

زر الذهاب إلى الأعلى