ذكر معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة في خطبة الجمعة اليوم 2 / 6 /2017م من مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) أن رسولنا (صلى الله عليه وسلم) كان مضرب المثل في التسامح الديني والإنساني سواء ما كان منه تجاه أهل مكة عندما قال لهم: يا أهل مكة ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا : أخ كريم ، وابن أخ كريم ، قال (صلى الله عليه وسلم) : ” اذهبوا فأنتم الطلقاء ” ، أم ما كان منه عندما عاد من الطائف وسلط عليه أهل الطائف عبيدهم وصبيانهم يرمونه (صلى الله عليه وسلم) بالحجارة حتى سال الدم من قدمية الشريفتين ، فتوجه إلى الله (عز وجل) بدعائه الشهير : ” اللّهُمّ إني إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوّتِي ، وَقِلّةَ حِيلَتِي ، وَهَوَانِي عَلَى النّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ ! أَنْتَ رَبّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبّي ، إلَى مَنْ تَكِلُنِي ؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهّمُنِي ؟ أَمْ إلَى عَدُوّ مَلّكْتَهُ أَمْرِي ؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي ، وَلَكِنّ عَافِيَتَك هِيَ أَوْسَعُ لِي ، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَك ، أَوْ يَحِلّ عَلَيّ سُخْطُكَ، لَك الْعُتْبَى حَتّى تَرْضَى ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِك ” ، وجاءه جبريلُ (عليه السلام) فقال: إنَّ اللهَ قد سَمعَ قولَ قومِكَ لكَ، وما رَدُّوا عليكَ، وقد بَعَثَ إليكَ مَلَكَ الجبالِ لِتَأْمُرَهُ بما شئتَ فيهم، فناداه مَلَكُ الجبالِ، فسلَّمَ عليه (صلى الله عليه وسلم)، ثم قالَ: يا محمد: ذلك فيما شِئتَ، إنْ شئتَ أنْ أُطْبِقَ عليهِم الأخْشَبَيْنِ، فقالَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم): ( بل أرجو أن يُخْرِجَ اللهُ مِن أصْلابِهِم مَن يعبُدُ اللهَ وحدَهُ لا يُشْرِكُ بهِ شيئاً).
أم ما كان منه (صلى الله عليه وسلم) عندما جاءه وفد نصارى نجران ، وحان وقت صلاتهم فسمح لهم النبي (صلى الله عليه وسلم) بإقامة صلاتهم في مسجده المبارك (صلى الله عليه وسلم)، فَأَرَادَ النَّاسُ مَنْعَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : (دَعُوهُمْ)، فَاسْتَقْبَلُوا الْمَشْرِقَ، فَصَلَّوْا صَلَاتَهُمْ.
أم ما كان منه (صلى الله عليه وسلم) تجاه وفد نصارى الحبشة حيث استقبلهم النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وأكرمهم بنفسه وقال: (إنَّهمْ كَانوا لأصْحَابِنَا مُكْرِمِينَ، فإني أحبُّ أنْ أكافِئَهُمْ).
وتُعد العهدة العمرية التي أبرمها الخليفة العادل سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) مع أهل إيلياء صفحة بيضاء ناصعة في التسامح الديني ، وصفحة مضيئة في تاريخ الحضارة الإنسانية على العموم ، فقد أعطاهم فيها أمانًا على أنفسهم وأموالهم، وكنائسهم وصُلبانهم، وقضى لهم بأنه لا تُسكَن كنائسهم، ولا تُهدم ولا يُنتقص منها، ولا من خيرها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يُضام أحد منهم، و من أحب أن يبقى على دينه فعلى المسلمين أن يبلغوه مأمنه دون غدر أو خيانة، ففي هذا العمل نبل وشهامة وتسامح واحترام للأديان الأخرى.
وأكد معالي الوزير في خطبته أن وطننا هو المستهدف ، وأن وحدة صفنا هي المستهدفة ، موجها بضرورة أن نكون صفًّا واحدا في مواجهة هذه التحديات ، فالوطن لنا جميعا وبنا جميعا ، ولن يكون بفريق دون آخر، أو لفريق دون آخر ، فيجب أن نصطف فريقا واحدا في وجه الإرهاب الغاشم الذي دمر كثيرا من الدول حولنا ، ويدرك أن مصر هي القلب النابض والحصن الحصين للعروبة والإسلام والمنطقة وصمام أمان للعالم كله في مواجهة الإرهاب ، ويحاول شق صفها بأي وسيلة ، مما يوجب علينا تفويت الفرصة على من يريدون هدم وطننا وتفريق صفنا .
وإننا بتوفيق ربنا ووحدة صفنا وعمق حضارتنا وسماحة أدياننا على دحره ورد كيده في نحره لقادرون إن شاء الله تعالى.