في الكلمة التي ألقتها الواعظة / وفاء عبد السلام نيابة عن زميلاتها من الواعظات في مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، أشادت الواعظة بتبني وزارة الأوقاف المصرية لدورهن في نشر الفكر الإسلامي الصحيح ، وشكرتها كما شكرت معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة على اهتمامه الشديد بدور المرأة في الدعوة ، وأكدت على أهمية هذا الدور ، وهذا نص الكلمة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين , وبعد :
معالي أ.د/ وزير الأوقاف حفظه الله
السادة الحضور الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يطيب لي في هذا اليوم الطيب المبارك أن أعلن وزميلاتي عن صادق رغبتنا وعظيم فرحتنا حين يتحول حلمنا إلى واقع , ورجاؤنا إلى قرار , وأملنا في المشاركة إلى عمل واقعي.
لقد عاشت الدعوة إلى الله (عز وجل) قرونًا شتى قاصرة أو شبه قاصرة على الرجال دون النساء , ومنعت المرأة من الخروج إلى المسجد وإن خرجت لكثير سواه , وإن أذن لها بالخروج فليس لها حق الكلام بدعوى أن صوت المرأة عورة كناتج لفكر بعض الجماعات التي فسرت الدين وفق هواها.
وعندما خرج البعض من النساء لممارسة العمل الدعوي فإنهن حرصن على الدعوة الموجهة التي توظف الدين توظيفًا سياسيًّا أو حزبيًّا أو مذهبيًّا ممن انعكس سلبيًّا على مسيرة الدعوة ، وما نرى ونؤكد أن دورنا مع نشر الفكر الإسلامي الوسطي سيكون غلق الباب أمام من يوظفن المسجد لصالح بعض الجماعات .
ولهذا كان القرار الشجاع الذي أذن لنا به أن نتحمل دورنا في الدعوة إلى الله في المساجد وميادين الاجتماع الأخرى , وقد جاء هذا القرار مهتديًا بهدي القرآن متبعًا لسنة الرسول (عليه السلام) من خلال الدلائل الآتية:
أولاً : أن كل النصوص الواردة في القرآن الكريم الآمرة بالدعوة قد جاءت بصيغة العموم ، فهي لا تخص الرجال دون النساء ، بل تخاطب الجميع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتحث على خروج طائفة لطلب العلم وإنذار الأهل بعد الطلب دون تحديد النوع مما يجعل المرأة شريكًا للرجل في تبليغ الدعوة.
ثانيًا : أمر الحق سبحانه نساء النبي قائلاً لهن : (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا) ، ونحن مأمورات بما أمر به نساء النبي ، بعد أن توفر لدينا قدر من العلم الشرعي حتى لا ندخل في دائرة كاتمي العلم فنستوجب اللعنة على أنفسنا.
ثالثًا : كل نصوص التحمل والأداء في السنة النبوية جاءت بصيغة العموم ، وما قوله (عليه السلام) : “يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ” ، وقوله: ” تسمعون ويُسمع منكم، ويُسمع ممن يسمع منكم” ، وقوله : ” نضر الله امرءًا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها ” بخافٍ عن أحد ، والسياق يشمل الرجال والنساء.
رابعًا : أمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إحدى السيدات أن تبلغ عنه من وراءها من النساء عندما جاءته تُطالب بحق النساء في جمع الحسنات قائلةً: يا رسول الله ، نرى الجهاد أفضل الأعمال ، أفلا نجاهد؟ ، فقال لها (عليه السلام) : (أخبري من وراءك من النساء أن طاعة الزوجة لزوجها خير أنواع الجهاد ) فأمرها بالأداء بعد التحمل.
خامسًا : بعض المسائل الشرعية الخاصة بالنساء المرأة في تبيانها أقدر من الرجل ، ولنا في حديث المصطفى (صلى الله عليه وسلم) الذي أبان فيه عن كيفية اغتسال المرأة مما كتب على بنات حواء خير دليل ، عندما قال لها: (ثم خذي قطعة من مسك فتطهري بها) ، قالت : كيف أتطهر بها ؟ فأخذتها السيدة عائشة وقالت لها : تتبعي بها أثر الدم .
سادسًا : أكد المسلمون في عصور الازدهار أن طلب المرأة للعلوم الشرعية لم يكن بأقل من طلب الرجال ، بل إنها تحملت العلم وأدته ، وفي مقدمة النساء أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) والتي كانت مرجعاً في العلوم الشرعية للصحابة.
وقد تعلم الإمام الشافعي على يد السيدة نفيسة ، وكان لابن الجوزي وابن خلكان وغيرهما شيوخ من النساء .
سابعًا : الذين اشتغلوا بعلم التراجم والسير قد وجهوا شيئاً من الجرح والتعديل إلى بعض الرواة من الرجال ، وأما اللائي اشتغلن بحمل الحديث رواية ودراية فلم تجرح إحداهن ولم يثبت تدليس أيتهن.
وفى هذا أذكر قول الشاعر:
فلو كانت النساء كما رأينا لفضلت النساء على الرجال
وما التأنيث لاسم الشمس عيب وما التذكير فخر للهلال
ثامنًا : إن قدرة المرأة على الحوار مع أخرى ، وطرح المرأة مشاكلها الخاصة على أختها ، وتلقى المرأة عن زميلتها أيسر بكثير عند التناول ، وفيه رفع للحرج عند القول ، ومانع لنزغ الشيطان من أي تصور عند الإفصاح للرجال .
السادة أعضاء المؤتمر :
إننى لا أريد الاسترسال فى بيان المسئولية الشرعية الواقعة على المرأة المسلمة فى تبليغ الدعوة الإسلامية ، فأنتم أهل علم وفضل ، وأقدر على استحضار المزيد من الشواهد والوقائع ولكنى أقول فى خاتمة كلمتى:
إننا عاهدنا الله على أن نوظف الدين للدين ، ولن نتوجه به إلى اليسار أو أقصى اليمين ، ولن ندعو إلى حزب أو مذهب أو طائفة ، وأن دخولنا المساجد وأداءنا المحاضرات سيكون فى دائرة قوله تعالى : { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}.
إن القرار الشجاع الحكيم من الوزير الشجاع الحكيم قد أثلج صدورنا وأنزل السكينة على قلوبنا ، وحمَّلنا فى نفس الوقت مسئولية ينوء بحملها حُمُر النَعَّم.
وسوف نستعين بالله على تحمل التبعة وأداء الأمانة ، وسنجعل يوم الإذن لنا بالدعوة إلى الله – عن طريق الوزارة – يوم عيد ميلادنا ، فالكبت ومنع الكلمة ، والحبس خلف الجدران ، والرغبة فى الثواب مع الحرمان وفاة ، والتحمل والأداء ، وتصحيح المفاهيم ، وإنارة العقول ، وشرح الصدور ، ودرء الشبهات ، وإنارة السبيل حياة.
وستكون دعوتنا فى ضوء ما تعلمناه على يد العلماء الأجلاء من رواد العلم وأهل الفضل علماء الأزهر الشريف الذين سقونا وسطية الفكر وحب الآخر ونشر ثقافة المحبة والسلام وروح التسامح.
وأقول فى آخر كلمتى :
لقد أعلن السيد رئيس الجمهورية أن عام ألفين وسبعة عشر سيكون عام المرأة المصرية ، وقد شاءت إرادة الله أن يكون السماح لنا بالدعوة عن طريق وزارة الأوقاف موافقا لهذا الإعلان .
فجزى الله خيرًا من أصدر القرار ومن كتبه وطبعه وصوره ونشره
والحمد لله رب العالمين .