برئاسة معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة واصلت اليوم الجمعة 25 / 11 / 2016م القافلة الدعوية لعلماء وزارة الأوقاف عطاءها العلمي والدعوي بمحافظة الإسماعيلية ، حيث قام أعضاء القافلة بإلقاء خطب الجمعة بالمساجد الكبرى بالمحافظة ، وكان موضوع خطبة الجمعة الموحد بعنوان: ” مال الوقف ..حرمته وتنميته ودوره في خدمة المجتمع “.
وقد أبرز علماء القافلة مكانة الوقف وخصوصيته ، مؤكدين أن إحياء الوقف في الوقت الحاضر هو من أهم منطلقات التنمية للوصول بالمجتمع إلى أرقى معاني الأخوة الإنسانية .
فمن على منبر مسجد الرحمة بالنجع القديم أكد فضيلة الدكتور / محمد إبراهيم حامد الباحث بالإدارة العامة لبحوث الدعوة بالوزارة أن الصحابة الكرام (رضي الله عنهم) تسابقوا في وقف كثير من أموالهم وحبسها في أوجه الخير والبر ، حتى قال سيدنا جابر بن عبد الله (رضي الله عنهما) : “مَا أَعْلَمُ أَحَدًا كَانَ لَهُ مَالٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَْنْصَارِ إِلاَّ حَبَسَ مَالاً مِنْ صَدَقَةٍ مُؤَبَّدَةٍ لاَ تُشْتَرَى أَبَدًا وَلاَ تُوهَبُ وَلاَ تُورثُ “.
ولقد سجل التاريخ بأحرف من نور صورًا مضيئة للصحابة الكرام (رضوان الله تعالى عليهم) الذين أدركوا هذا الفضل في الوقف ، وأيقنوا أن ماعند الله خير وأبقى ، فتسابقوا في الخيرات ، وأوقفوا أموالهم في سبيل الله صدقة جارية ، فها هو الفاروق عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يأتي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ويقول: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَالَ: (إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا) قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ ، أَنَّهُ لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ، وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الفُقَرَاءِ، وَفِي القُرْبَى وَفِي الرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَيُطْعِمَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ).
ومن على منبر مسجد الشيخ / سليمان قراجة بقرية العوايضة أوضح الدكتور/ ياسر معروف خليل الباحث بالإدارة العامة لبحوث الدعوة بالوزارة أن مال الوقف هو مال الله (عز وجل) ، وهو لما أُوقِفَ له ، فشرط الواقف كنص الشارع ، فهو واجب النفاذ ، مالم يُحِل حرامًا أو يُحَرّم حلالاً ، ومن ثمَّ تجب المحافظة عليه وتنميته واستثماره ، ويحرم أكله أو تضييعه ، أو التحايل بأي حيلة لاستباحته ، أو الاعتداء عليه أو تسهيل الاستيلاء عليه أو الإهمال في حقه وعدم المحافظة عليه فإن ذلك إثم كبير وجرم عظيم، ومن ثمة فاحترام خصوصية الوقف ورغبة الواقف والحفاظ عليهما أمر لا مفر منه ولا محيص عنه ، والضرورات في ذلك تقدر بقدرها دون توسع ، كشأن من يضطر إلى أكل الميتة من أجل الحفاظ على الحياة ، كما أن مال الوقف بمثابة مال اليتيم وأشد ، فكلاهما نار تحرق جسد من يقترب منهما بغير حق في الدنيا والآخرة ، حيث يحول هذا المال الحرام حياة آكله إلى جحيم في الدنيا {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}، يقول الحق (سبحانه وتعالى) : {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}، ويقول سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا}. مال الوقف أمانة عند كل من يكون تحت يده منه شيء ، فيجب عليه أن يحافظ على تلك الأمانة، وأن يرعاها، وأن يردها كاملة غير منقوصة ، قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}.
ومن على منبر مسجد الإيمان أشار الدكتور/ أحمد سعيد أحمد عضو المركز الإعلامي بالوزارة إلى إن للوقف أثرًا كبيرًا ودورًا عظيمًا في بناء المجتمع في كثير من المجالات الاجتماعية ، من رعاية طلاب العلم ، وعمارة المساجد ، وبناء المدارس والمستشفيات ، وعلاج المرضى ، ورعاية المحتاجين من الفقراء والأيتام والأرامل ، وكفالة المحتاجين من ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم، فهو يسهم إسهامًا كبيرًا في بناء المجتمع وتحقيق أمنه واستقراره ، ويقضي على الفقر من خلال رعاية الفقراء والمحتاجين ورفع مستواهم الصحي والتعليمي والمعيشي، ونشر روح التعاون والمحبة والتواصل والتراحم بين أبناء المجتمع.
موضحًا أن استثمار أموال الوقف وتنميته صورة من صور المحافظة عليه حتى لا تأكلها النفقات. فمال الوقف هو أمانة في أعناق المجتمع بأثره ، لأن نفعه يتعدى الأفراد إلى المجتمعات، وليس مِلْكًا لفِئَة معيَّنة من الناس، والقائمون عليه إنَّما هم أُمَناء في حِفْظه وتحصيله ، وصَرْفه لأهْله ، فلا يحلُّ لأحدٍ أن يعتديَ عليه ، أو يأخُذَ منه ما لا يستحقُّ، لأن ذلك يعد خيانة وظُلمًا واعتداءً على جميع المسلمين.