وبعد :
فبداية أوجه تحية وتقديرًا لدولة كازاخستان رئيسًا وحكومةً وشعبًا لدورها في مواجهة الإرهاب ، ودعوتها لهذا المؤتمر وبخاصة جهود السيد /نور سلطان نزارباييف رئيس جمهورية كازاخستان في مواجهة الإرهاب ، وأثمن ما جاء بكلمة السيد/توكاييف رئيس مجلس الشيوخ الكازاخي من أهمية التأكيد على رفض الإساءة للأديان ، وأدعو للعمل على استصدار قرار أممي يجرم الإساءة للأديان كل الأديان أو إزدرائها دون تميز أو انتقائية.
وأؤكد أن الإرهاب لا دين له ، ولا وطن له ، ولا عقل له ، ولامنطق له ، ولا إنسانية له ، ذلك أنه لا يفرق في بطشه وفتكه وفساده وإفساده بين إنسان وإنسان ، إنما يقتل ويدمر بلا وازع من دين أو ضمير إنساني حي.
وما قطعنا هذه الساعات الطوال لمجرد الحضور أو التمثيل ، إنما لنبحث معًا عن حلول حقيقية لمواجهة الإرهاب والفكر المتطرف، وإذا كانت الأديان كل الأديان ضد الإرهاب ، فمن مع الإرهاب إذن ، ومن صاحب المصلحة في دعمه أو إيوائه أو حتى الصمت على جرائمه؟
وأؤكد أن القضية ذات أبعاد متعددة:
الأول فكري : وهو عن طريق استقطاب المهمشين والمضللين فكريًّا أو اجتماعيًّا أو ثقافيًّا ، ودور الأديان كل الأديان ، والمفكرين كل المفكرين حماية المجتمعات كل المجتمعات وبخاصة الشباب من أن يقعوا فريسة هذه التنظيمات الإرهابية والمتطرفة ، ببيان أن الأديان كلها تقف في وجه الإرهاب ، حيث إن جميع الأديان تحث على ضرورة ووجوب حفظ الدماء والأموال والأعراض .
البعد الثاني : اجتماعي ومعيشي ، حيث إن الإرهاب يجد في الطبقات المهمشة حياتيًّا وإجتماعيًّا فريسة سهلة ، ومن هنا يجب النظر بسرعة في موازين العدالة الاجتماعية الإنسانية من خلال التكافل العالمي والعناية بالمناطق المهمشة والأكثر فقرًا .
البعد الثالث : هو محاولة البعض استخدام الجماعات المتطرفة لتحقيق مصالح سياسية مع التأكيد على أن هناك أمرين يسهمان في تغذية التطرف :
1- المتاجرة بالدين ومحاولة استغلاله سياسيًّا أو حزبيًّا .
2- اقتحام غير المؤهلين وغير المتخصصين للشأن الديني بالعمل الدعوي وممارسة أمور الخطابة أو الفتوى ، لأن فاقد الشىء لا يعطيه ، ولأن فهم هؤلاء الخاطئ للأديان يذهب بهم إلى عكس المقاصد الكلية للأديان التي تصب في جملتها في صالح القيم الإنسانية وترسيخ العيش السلمي المشترك بين بني الإنسان جميعًا بغض النظر عن دينه أو لونه أو جنسه أو عرقه ، وقد أصدرنا منذ أيام في مؤتمر دولي عقد بجمهورية مصر العربية وثيقة لنبذ التطرف والتمييز العنصري ضد الإنسان على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو العرق.
وأخيرًا أؤكد أننا في مصر الأزهر بقيادة الرئيس/ عبد الفتاح السيسي نجعل من مواجهة الإرهاب أولوية على جميع المستويات الدينية والسياسية والفكرية ، مؤملين أن نعمل معًا على اجتثاث الإرهاب من جذوره وتخليص الإنسانية كلها من شروره وآثامه وجرائمه.