
انعقاد الملتقى الفكري بمسجد الإمام الحسين -رضي الله عنه- في الليلة الخامسة من رمضان
انعقاد الملتقى الفكري بمسجد الإمام الحسين -رضي الله عنه- في الليلة الخامسة من رمضان
الأستاذ الدكتور/ جمال فاروق:
الإسلام أرسى قواعدًا وأسسًا للتعايش والسلم مع الآخر
ويؤكد:
لا سلطان لأحد على إيمان غيره أو كفره
الأستاذ الدكتور/ حسن القصبي:
التعايش السلمي يؤدي إلى الأمن الاجتماعي والاقتصادي والفكري
الدكتور/ حسن يحيى:
الإسلام لا يرفض الآخر ولا يقصيه من المعادلة الاجتماعية
انعقد الملتقى الفكري عقب صلاة التراويح بمسجد مولانا الإمام الحسين -رضي الله عنه- في القاهرة، في الليلة الخامسة من رمضان، تحت عنوان “نمادج التعايش في العصر النبوي وأثرها في بناء الإنسان”، والذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وسط أجواءٍ روحانية مفعمة بالإيمان، وجاء ذلك في إطار جهود وزارة الأوقاف لنشر الفكر الوسطي وتعزيز الوعي الديني خلال الشهر الفضيل، وبرعاية كريمة من معالي الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، والأستاذ الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وحاضر فيه الأستاذ الدكتور جمال فاروق، العميد السابق لكلية الدعوة الإسلامية، والأستاذ الدكتور حسن القصبي، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، والدكتور حسن يحيى، أمين عام اللجنة العليا للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية.
افتُتح اللقاء بتلاوة قرآنية مباركة تلاها القارئ الشيخ الدكتور/ عبد الفتاح الطاروطي، وقدّم للملتقى الإعلامي الأستاذ/ حسن الشاذلي، المذيع بقناة النيل الثقافية، وبحضور الأستاذ الدكتور محمد عبدالرحيم البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ولفيفٍ من قيادات الوزارة ومديرية أوقاف القاهرة، والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وجمعٍ غفير من السادة الحضور.
وفي كلمته أكَّد أ.د. جمال فاروق أن الإسلام قد أرسى قواعدًا وأسسًا للتعايش والسلم مع الآخر، مشيرًا إلى أن قلوب العباد بيد الله سبحانه وتعالى فلا سلطان لأحد على إيمان أحد أو كفره، مبينًا أن النموذج الأول للتعايش بين المسلمين وغيرهم؛ هو أنموذج بداية الدعوة في مكة المكرمة، والذي يتسم بالصبر والتحمّل والجلد، والنموذج الثاني هجرة المسلمين إلى الحبشة، وفي هذا الأنموذج كان الوفاء هو السمة الغالبة؛ حيث أذن النبي لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة لأن بها ملكًا لا يُظلم عنده أحد، والنموذج الثالث للتعايش مع الآخر هو مرحلة المدينة المنورة في عهدها الأول والذي اتسم بمقام الوفاء والانفتاح والتعاون، والنموذج الرابع وجود المسلمين بالمدينة بعد الاستقرار، كما أشار إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتعايش مع قومه ويتعاون في أمور الخير.
وفي كلمته تحدث الأستاذ الدكتور حسن القصبي عن أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم- عند فتح مكة وهو يعفو عن أهلها، حيث عفا عن أهل مكة الذين كانوا يناصبونه العداء، مشيرًا فضيلته إلى أن التعايش السلمي يؤدي إلى الأمن الاجتماعي والاقتصادي والفكري، حيث يبدأ بالسلم مع النفس أولاً ثم يصل بالإنسان إلى التعايش مع الآخر، مشيرًا إلى أن العلاقات الاجتماعية تبنى على الحقوق والواجبات، فمهما بلغ علم الإنسان وكمال عقله لا يستطيع أن ينفع نفسه، لذا من رحمة الله تعالى بعباده أنه ما ترك علاقة من العلاقات أيًّا كان نوعها إلا ونظمها، وهذا ما فعله النبي (صلى الله عليه وسلم) عندما هاجر إلى المدينة المنورة، فمع شتى الأفكار والمعتقدات وما كان عليه أهلها من شتات ووثنية وأصنام وحروب، جمعهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ووضع وثيقة المدينة التي تؤكد حق المواطنة بين أبناء المجتمع الواحد، وهذا هو يوضح معنى التعايش السِّلمي.
وفي كلمته أكد الدكتور حسن يحيى أن الإسلام أسّس للتعايش السِّلمي كما قال الحق سبحانه وتعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”، وهذا يؤكد أن الإسلام لايرفض الآخر ولا يقصيه من المعادلة الاجتماعية، كما يميز الأمة الإسلامية بأنها منفتحة على جميع الأمم، مبينًا أن التعايش السِّلمي مع من يختلف معنا في الدين هو أمر من الله -عز وجل-، حيث يقول سبحانه وتعالى: “لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ”.
وفي ختام كلمته أشار إلى قيام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمؤخاة بين الأوس والخزرج، ثم يدخل فصيل آخر وهم المهاجرين، كما يوجد الأنصار الذين هم أصحاب الأرض والذين أظهروا أنموذجًا في الإيثار كما في قوله تعالى: “وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ”، ليصف كيف كان التعايش السلمي والذي تخطى العطاء إلى الإيثار على النفس والتسامح والإقرار بالاختلاف، تلك القيم التي أسّسها القرآن الكريم وطبقها النبي -صلى الله عليه وسلم- في دعوته فأثمرت مجتمعًا متجانسًا، كما جاء في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مثلُ المُؤمِنين في تَوادِّهم ، وتَرَاحُمِهِم ، وتعاطُفِهِمْ . مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى”.
وفي ختام الملتقى قدم فضيلة الشيخ/ محمد عبد الحميد جاد فقرة من الابتهالات الدينية وسط أجواءٍ إيمانية وروحانية عالية.