*:*الأخبار

نص كلمة وزير الأوقاف
بمؤتمر علماء شرق أفريقيا بجيبوتي

21

     يسرنا أن ننشر نص كلمة معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة بمؤتمر علماء شرق أفريقيا بجيبوتي , والتي ألقاها نيابة عنه أ.د/ أحمد علي عجيبة أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.

بسم الله الرحمن الرحيم

   الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه بإحسان إلى يوم الدين.

    وبعد :

   فإن اختيار موضوع هذا المؤتمر ليكون عن ” تعزيز الأمن ومواجهة تحديات التطرف الديني” لهو اختيار حكيم يراعي فقه المرحلة , إذ إننا في حاجة ملحة إلى توحيد جهودنا وصفوفنا لمواجهة كل ألوان التطرف والغلو .

   ومما لا شك فيه أن قضية الخطاب الديني هي قضيتنا الأولى ، فهي قضية حياة لمن يريد أن يجلي الغبار عن الوجه الحضاري لديننا الإسلامي الوسطي السمح ، ولمن يريد أن يبني وطنا وأمة على حضارةٍ سمحة ٍ مستقيمةٍ لا نتوءَ فيها ولا اعوجاج ، ذلك لأن ما أصاب الخطاب الديني على أيدي أعدائه وأيدي الجهلة والمستأجرين وغير المؤهلين وغير المتخصصين من المحسوبين عليه من بعض أبنائه من الخلل والعطب في الفهم والتفكير يحتاج إلى جهود مضنية لإصلاحه وإزالته.

   كما أن واقع الجماعات المنتسبة ظلمًا إلى الإسلام يعكس واقعًا مرًا , فنرى القتل وسفك الدماء, والتدمير والتخريب , الذي يرتكب باسم الإسلام وتحت راية القرآن , والإسلام والقرآن من كل ذلك براء , كما نرى تخلفًا عن مصاف الأمم المتقدمة في العمل والإنتاج على عكس ما يأمرنا به ديننا الحنيف , حيث يقول الحق سبحانه : ” هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ” ( الملك : 15) , ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” إذا قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيَلةً , فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا , فَلْيَغْرِسْهَا ”  (رواه أحمد).

    كما نجد انحرافًا واضحًا لدى بعض المنتسبين إلى الإسلام في مجال القيم والأخلاق , فبينما يأمرنا الإسلام بالصدق , والوفاء بالعهد , وأداء الأمانة , نجد واقع المسلمين غير ذلك , مما يتطلب جهدًا كبيرًا لتصحيح هذه الأخطاء , وإزالة التشوهات والنتوءات التي لحقت بالوجه الحضاري السمح لديننا الحنيف.

    على أن ما نشهده من موجات إرهابية عاتية , ربما لم يشهد التاريخ مثلها في عتوها وتنظيمها واحترافها للإرهاب , يتطلب منا العمل ليلاً ونهارًا لمواجهة هذه الجماعات وتحصين شبابنا من الوقوع في براثنها أو الانخداع بأفكارها الضالة.

    ولو تساءلنا : هل القضية تتمحور حول تفكيك الفكر المتطرف أو تفكيك الجماعات المتطرفة ؟ لكان الجواب : إننا في حاجة ملحة إلى تفكيك هذا وذاك , غير أن تفكيك الفكر أهم وأولى ، لأننا إذا فككنا جماعة اليوم قد تظهر لنا أخرى غدًا , ولكننا إذا فككنا الفكر المتطرف جففنا المنابع الفكرية للجماعات الإرهابية والمتطرفة كلها.

    والذي لا شك فيه أن مواجهة الفكر المتطرف يجب أن تكون شاملة رأسيًّا وأفقيًّا , بتجفيف الفكر المتطرف وحظر الجماعات المتطرفة وعدم السماح لها بممارسة أي أنشطة دعوية أو ثقافية خارج إطار القانون , كما يتطلب الأمر تجفيف منابع تمويلها , ومتابعة قضايا غسيل الأموال , والأموال الفاسدة والخبيثة والقذرة التي تستخدم في تمويل الإرهاب ، وسرعة سن القوانين الرادعة التي تردع من تسول له نفسه إرهاب المجتمع.

   مع تأكيدنا أن أحدًا لا يمكن أن يعمل وحده أو أن ينجح وحده أو أن يقضي على هذا التطرف وحده ، وإن قضيتنا هي أوسع من تجديد الخطاب الديني ، إذ نهدف إلى صياغة جديدة للفكر العربي  والإسلامي، من خلال تجديد الخطاب الديني ، والفكري ، والعلمي ، والثقافي ، والاجتماعي ، والإعلامي .

                                                                                               وزير الأوقاف المصري

                                                                                                   أ.د/ محمد مختار جمعة مبروك

                                                                                          رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

اظهر المزيد

منشور حديثّا

زر الذهاب إلى الأعلى