برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة واصلت وزارة الأوقاف اليوم الجمعة 8/ 1/ 2016م حملتها الموسعة لنشر صحيح الإسلام ، ومواجهة الفكر المتطرف ، ودعوات الهدم والتخريب بإرسال قافلة دعوية موسعة لعلماء الأوقاف بمحافظة البحيرة ، وذلك لأداء خطبة الجمعة 28 من ربيع أول 1437هـ الموافق 8 من يناير 2016م تحت عنوان : ” الاصطفاف لبنـاء الوطــن والمحافظــة عليــه مطلب شرعي وواجب وطنـي “.
وقد واصلت القافلة عطاءها العلمي والدعوي ، حيث قام أعضاء القافلة بإلقاء خطب الجمعة بالمساجد الكبرى بالمحافظة.
فمن على منبر مسجد العيايشة بمدينة كوم حمادة أشار د/ إبراهيم عبد الجواد الباحث بإدارة الإرشاد الديني إلى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أكد على مكانة الوطن وأهميته وشرف الانتماء إليه حين هاجر من مكة إلى المدينة ، فعن ابْنِ عَبَّاسٍ (رضي الله عنهما) قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : (مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ وَأَحَبَّكِ إِلَىَّ وَلَوْلاَ أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ ) ، وفي رواية عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) قَالَ: وَقَفَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عَلَى الْحَزْوَرَةِ فَقَالَ: (عَلِمْتُ أَنَّكِ خَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ ، وَأَحَبُّ الْأَرْضِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلَوْلَا أَنَّ أَهْلَكِ أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا خَرَجْتُ) [مسند أحمد]. ولما شرع في بناء الدولة الجديدة أراد (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أن يعلم أصحابه (رضوان الله تعالى عليهم) والدنيا كلها أن الأوطان لا يسعى لبنائها إلا من أحبها ، فكان من دعائه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ما جاء عن أم المؤمنين عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) قَالَتْ : قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ أَوْ أشَدَّ » [رواه البخاري]. وأشار (صلى الله عليه وسلم) بِيَدِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ ثم قال: « اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا – أي طرفيها – كَتَحْرِيمِ إِبْرَاهِيمَ مَكَّةَ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَمُدِّنَا » (صحيح البخاري).
ومن على منبر مسجد الهداية بمدينة كوم حمادة أكد الدكتور / أشرف هلال الباحث بالإدارة العامة لبحوث الدعوة أننا هذه الأيام في حاجة ملحة- أكثر من أي وقت مضى – إلى تعميق وترسيخ الانتماء الوطني ، والإحساس بقيمته وأهميته ، وإعلاء المصلحة الوطنية على أي مصالح أخرى ، والمتأمل في نصوص القرآن الكريم ، وأحاديث النبي العظيم (صلى الله عليه وسلم) يجدها تحضُّ على حب الوطن والاعتزاز به ، والمحافظة عليه ، والدفاع عنه ، وغير ذلك من الحقوق الواجبة للوطن على أبنائه. ومِن حقوقِ الوطن على أبنائه: حبه والحفاظ عليه والدفاع عنه ، فحب الوطن من أغلى ما يملكه الإنسان بعد الدين ، والحفاظ عليه واجب مقدس ، والدفاع عنه والتضحية من أجله ركيزة أساسية في حياة الإنسان ، ومن ثم فلا يجوز المساس بمرافقه العامة ، فهيَ ملكٌ لجميعِ أبنائِهِ ، وتخريبها إضرار بمنافع الناس ، فإن المرء ليأسف حينما يرى من يقدم على تخريب مرفق عام كبيراً كان أم صغيراً ، لأن ذلك يعدُّ من باب الإفساد في الأرض ، يقول الحق سبحانه :{وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الأعراف: 56] ، ومن ثم يجب حماية الوطن من أعدائه المتربصين به ، وتجنب كل ما يؤدي إلى الإخلال بأمنه ؛ لأن نعمة الأمن والاستقرار أول من ينعم بها أبناء الوطن.
ومن على منبر مسجد الوسطاني بمدينة كوم حمادة أوضح الدكتور / هشام عبد العزيز الباحث بالإدارة العامة لبحوث الدعوة أن من حقوق الوطن على أبنائه: الوقوف أمام دعاة الفتنة والفوضى والهدم والتحذير من استهدافه ومحاولات تفكيكه ، والوقوف بحسم في وجه من يضر بمرافقه أو يسهم في ذلك ، أو يتآمر مع الغير ضد مصالحه ، والتحذير من المحاولات التي تستهدف الوطن ، وتعمل على إثارة الفوضى والشغب والفتن ، والعمل على تفكيكها ، بالتعاون والاتحاد ، قال تعالى:{…. وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[المائدة :2]. ولقد علمنا الإسلام منهجاً واضحاً لوقاية الأمة من القلة التي تفسد ولا تصلح ، وتهدم ولا تبني ، وتخرب ولا تعمر ، قال تعالى:{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[الأنفال:25] ، ومن ثم يجب الأخذ على أيدي المفسدين العابثين بالوطن ، وتحذير الناس منهم ،حتى لا يوردونا الهلاك .
ومن على منبر مسجد سيدي عيسى بمدينة كوم حمادة أكد الدكتور / رمضان عبد السميع الباحث بالإدارة العامة لبحوث الدعوة أن استهداف الوطن بإثارة الفوضى والهدم ليس من قيم الإسلام ولا مبادئه ، ولا تشريعاته ونظمه ، فكل من يخطط لإثارة الفوضى ، والتطرف والهدم والتخريب ، وتفكيك المجتمع بدعوى الإصلاح ، وما ينشأ عن هذه المخططات من سفك الدماء وترويع الآمنين لا صلة له بالإسلام ، فهي تؤسس للفساد في الأرض ، وإشاعة الرعب واستهداف أمن البلاد ، فوحدة الأمة واصطفافها والتنسيق فيما بينها – في جميع المجالات – مطلب أساس لا غنى عنه لأي أمة تريد الفلاح والتقدم والرقي ، ومواجهة الشدائد والتحديات ، يقول الحق سبحانه :{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:10] ، فالأمة التي يريدها الإسلام أمة واحدة متآلفة متعاونة، يقول تعالى:{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء:92] ، ويقول سبحانه:{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}[المؤمنون:52]. ويقول نبينا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) – داعيًا إلى الاتحاد ووحدة الصف ، ناهيًا عن التفرق والاختلاف: « إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا ، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا ، فَيَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ» [رواه مسلم]. ومن أجل ذلك يجب الاصطفاف صفًّا واحدًا من أجل بناء مجتمع متماسك ، قادر على مواجهة الإرهاب والجماعات الإرهابية التي يتعرض لها ، فظاهرة الإرهاب تعدّ من أخطر التحديات الداخلية التي تواجه البلاد ، وتسعى إلى القتل والتدمير للأبرياء دون تمييز بين طفل وامرأة وشيخ وشاب ، تحت شعار إسلامي ، مع أن الإسلام براء من كل ذلك.