عندما نتحدث عن موضوع السياحة فإننا ننظر إليه من عدة زوايا ، الأولى باعتبار أن السياحة أحد أهم ركائز الاقتصاد المصري ، وذلك من حيث توفير العملة الصعبة ، والعائد السريع المباشر وغير المباشر ، والقطاع البشري الكبير الذي يعمل بهذا القطاع ، إضافة إلى تعزيز مكانة مصر الدولية من خلال الوقوف على مكانتها التاريخية وعمقها الحضاري والأثري والإنساني .
ولا شك أن ما يحدث الآن إنما هي غمة ثم تنجلي , غير أن جهودنا المتتابعة وحركتنا الدائبة التي لا تنقطع ستكون ذات أثر كبير في تجاوز هذه الأزمة ، سواء من خلال برامج التسويق وتوضيح الصورة الحقيقية لمدى الأمن والأمان الذي تنعم به مصرنا الغالية من خلال التركيز على إقامة فعاليات دولية كبرى بالمدن السياحية مثل شرم الشيخ ، والأقصر ، والغردقة ، وفى هذا الإطار يأتي انعقاد المؤتمر الدولي للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف الذى ينعقد يومي السبت والأحد 14 ، 15 نوفمبر 2015 م بمدينة الأقصر بحضور أكثر من ثلاثمائة شخصية من أكثر من ثلاثين دولة ، من الشخصيات الدينية والثقافية والسياسية والإعلامية المؤثرة في الرأي العام في بلادها ، دعمًا للسياحة الداخلية والخارجية من جهة ، وتأكيدًا على روح الإسلام السمحة مع الحضارات المختلفة في تعانق حضاري وإنساني فريد من جهة أخرى ، مع تميز موضوعه الذى يتناول : ” رؤية الأئمة والدعاة لتجديد الخطاب الديني وتفكيك الفكر المتطرف ” .
كما ينبغي أن نعمل على تحريك واستثارة الشعور الوطني لدى المصريين المقيمين بالخارج ، من خلال إبراز أهمية التواصل المستمر مع الوطن الأم ، وإبراز ما تمتلكه مصر من كنوز حضارية وأثرية ومقومات طبيعية ، وما حباها الله به من طبيعة خلابة ، مع التركيز على أنواع جديدة من السياحة كالسياحة الدينية والثقافية والرياضية وسياحة المؤتمرات ، كما ينبغي توجيه رجال الأعمال وأسرهم إلى أهمية دعم السياحة الداخلية لتعرف أبنائهم على عظمة بلادهم ، وليكن أحد جوانب دعمهم لوطنهم من خلال تغيير وجهتهم السياحية من الخارج إلى الداخل ولو مدة عام توفيرًا للعملة الصعبة من جهة ، ودعمًا للسياحة الداخلية من جهة أخرى , على أن تقوم الجهات والمؤسسات العامة بدعم تلك الفرص السياحية للعاملين بها ، وفى هذا الصدد قررت وزارة الأوقاف القيام بمائة رحلة سياحية للأئمة والعاملين بها ولأسرهم مع إسهام الوزارة إسهامًا جادًا في تيسير ذلك .
أما من البعد الشرعي فنؤكد أن السائح يدخل بلادنا بعهد وذمة وميثاق فأمانه وتأمينه والحفاظ على نفسه وماله ومتاعه واجب شرعي ووطني ، كما يجب أن نلقاه بما يليق بنا من الابتسامة وكرم الضيافة وحسن التعامل , وعدم الاستغلال وعدم السماح به أصلاً , مع التركيز على عمل مطويات أو مطبوعات تبرز أهم المعالم الحضارية والأثرية باللغات المختلفة توزع مجانًا على السائحين كجزء من الدعاية السياحية ، مع نشاط المواقع الإلكترونية في التعريف بما نمتلكه من كنوز أثرية وحضارية وتاريخية ومعرفية ، وأن يكون لنا تخاطب نوعي للجنسيات المختلفة التي تربطها بمصر معالم تاريخية ، وهناك آثار ومعالم ذات دلالة في هذه العلاقة التاريخية يجب أن تبرز لإثارة الحنين إلى الماضي لدى أبناء الدول التي لها معالم حضارية مشتركة معنا , مع تحسين الخدمات المقدمة للسائحين ، وإعادة تدريب وتأهيل العاملين بالقطاع السياحي وفق المتطلبات العلمية والفنية والمقاييس العالمية الحديثة ، والانضباط الكامل في تقديم الخدمات مع العمل المستمر على تحسينها وتجويدها بما يزيد من جذب السائحين .
وينبغي التوجه نحو السياحة العربية ، سواء من خلال التركيز على القواسم المشتركة أو من خلال إثارة الروح العربية الأصيلة , مما يُعد أحد الحلول والبدائل لدعم السياحة وتعدد روافدها ، غير أن الأمر يتطلب حركة دائبة في الجوانب التسويقية والتعريف بجوانبنا الحضارية ، ومقوماتنا الطبيعية ، والمعالم التي من شأنها اجتذاب السائح العربي .
وفيما يتصل بسياحة المؤتمرات فإن تجربتنا تؤكد أن المشاركة العربية في جميع مؤتمرات الأوقاف هي الأسخى والأكثر إنفاقًا وحضورًا وتميزًا ، مما يجعل من عمقنا العربي أحد أهم الركائز في علاقتنا المتعددة الجوانب وفى مقدمتها الجانب السياحي .