:أخبار الأوقافأوقاف أونلاين

مصر الكبيرة خلف رئيسها

مصر الكبيرة خلف رئيسها

**********

بقلم

أ.د/ محمد مختار جمعة

وزير الأوقاف

مصر كبيرة بتاريخها وحضارتها وثقافتها وقادتها وجيشها وعلمائها ومفكريها ، وستظل بإذن من قال في حقها : “ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين” ، وببركة من قال عن أهلها : ” إنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة ” ، وكان سيدنا عبد الله بن سلام (رضي الله عنه) يقول : إن مصر بلد معافاة ، وأهلها أهل عافية ، وهي آمنة ممن يقصدها بسوء ، من أرادها بسوء كبَّه الله على وجهه.

مصر ظلت عبر تاريخها – ماضيها وحاضرها- أبيَّة وعصيَّة بفضل الله (عز وجل) على الانهزام أو الانكسار ، وهي وفية لأشقائها صغيرهم قبل كبيرهم ، لديها مسئولية تاريخية تتحملها تجاه الجميع ، وأنها على الرغم من تقلب ظروفها وأحوالها الاقتصادية لم يعرفها الناس إلا معطاءة مضيافة ، ألم يقل سيدنا يوسف عليه السلام يوم أن كان على خزائنها لإخوته حين جاءوا من أرض الشام يطلبون الميرة والعطاء : “ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين”.

مصر أخ كريم ، وصديق وفي ، يعرفها الناس وقت الشدة ، لم ولن تتخلى يومًا عن واجبها القومي أو العروبي أو الإنساني .

إن مصر على مدار تاريخها العريق غنية بالقيم والأخلاق , لم يُعرف عن أهلها غدر ولا خيانة , ولا اعتداء ولا عدوان على أحد بدون حق , بل وقفت بما وسعها من قوة وإمكانات إلى جانب الأشقاء والأصدقاء ، وعُرفت طوال تاريخها بحسن الجوار , وبسماحة أهلها ووفائهم وحسن عشرتهم .

لقد استوعبت الحضارة المصرية كثيرًا من مظاهر الحضارات الأخرى , وأفادت منها النافع المفيد , ولفظت الغث والخبيث ، واحتفظت بسماحتها ووسطيتها عبر التاريخ ولم تستطع أي حضارة أخرى أن تنحرف بأهلها عن هذا المسار السمح العظيم .

ولعل أهم ما يميز واقعها المعاصر هو حرصها الشديد على ممارسة السياسة النظيفة التي لا تعرف المؤامرة على أحد ولا الغدر به , تراعى وبأمانة حق الجار , وحق الصديق , وحق الدول الشقيقة والصديقة , وتتحلى بالحكمة وضبط النفس ، والترفع عن الصغائر والدنايا, ولا تنجر إلى معارك كلامية , ولا تنزل إلى ما لا يليق بتاريخها وحضارتها ومكانتها .

وإننا لندرك إدراكًا لا يداخله أي شك أن الغايات الشريفة لا يمكن أن تتحقق إلا بالوسائل الشريفة , وأن مبدأ الانتهازية ومبدأ الغاية تبرر الوسيلة إنما هو منهج الجماعات الانتهازية والمتاجرة بالقيم .

      وإذا كانوا يقولون : الناس على دين ملوكهم , فهذا صحيح إلى حد كبير ، إذ يسير الناس في الغالب حول سياسة ملوكهم ويدورون في فلكها , فإذا كان القائد متقيًا لله (عز وجل) في جميع تصرفاته ، مراقبا له , ووقّافًا عند مرضاته , فإن ذلك وبلا أدنى شك سينعكس على كل مَنْ حوله ، وهو ما نفخر به في واقعنا المصري المعاصر.

      غير أن الحفاظ على المبادئ والقيم له ثمن كبير لا يقوى عليه إلا الدول الكبيرة ، ولا سيما في اللحظات الصعبة والعصيبة ، وحتى في ثقافتنا الدينية تعلمنا أن الجنة قد حفت بالمكاره وأن النار قد حفت بالشهوات ، والحق سبحانه وتعالى يقول : ” أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ” (العنكبوت : 2-3) , ويقول سبحانه : “أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ” (البقرة : 214).

ومن يتابع مواقف مصر تجاه أشقائنا في فلسطين والمواقف المشرفة لسيادة الرئيس / عبد الفتاح السيسي يدرك أن مصر دولة كبيرة وستظل دولة كبيرة .

وإننا لنؤكد أننا نقف صفًا واحدًا متماسكًا خلف القيادة الشجاعة والحكيمة للسيد الرئيس ، ونقول لسيادته : امض على بركة الله ، وخلفك أكثر من مائة مليون مصري يؤيدون ويحيون مواقفك المشرفة .

اظهر المزيد

منشور حديثّا

شاهد أيضًا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى