مراقبة الله في العمل
مراقبة الله في العمل
إن قضية مراقبة الله (عز وجل) لا تكون في العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج فحسب، إنما تكون في مراقبة الله في العمل وسائر جوانب حياتنا، وليس مجرد مراعاة صاحب العمل، فإذا غاب رب العمل أو من يفوضه كان التراخي، وليدرك الإنسان أنه إذا غاب الرقيب الدنيوي فهناك من لا يغفل ولا ينام، حيث يقول الحق سبحانه: “اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ”، وحيث يقول سبحانه : “مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ”، وحيث يقول سبحانه : “وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ”، فليتق كل إنسان ربه فيؤدي حق الله، وحق العمل، وحق صاحب العمل، وحق الوطن، وحق المستهلك، وليدرك أنه إذا أهمل ولم يتقن عمله فإنه يؤذي المستهلك مشتري السلعة الذي قد يكون يتيمًا أو فقيرًا أو محتاجًا لا يستطيع تعويض السلعة إن تلفت أو إصلاحها إن تعطلت، فيجد نفسه بقصد أو بعفوية داعيًا على من فسد ضميره وذمته ولم يتق الله في عمله أو صنعته، كما أن هذا المهمل إن أهمل وهو واحد فإنه قد يلقى إهمالاً مماثلاً في كل ما يستخدمه، لأنهم كما قالوا : افعل ما شئت كما تدين تدان، فإما أن تشيع في المجتمع ثقافة الإتقان فتنعكس على الجميع، أو تشيع ثقافة الإهمال فتنعكس على الجميع، فنحن في مركب واحد أو سفينة واحدة لن ينجو أحد حال غرقها لا قدر الله، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “مَثَلُ القائِمِ علَى حُدُودِ اللَّهِ والواقِعِ فيها، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا علَى سَفِينَةٍ، فأصابَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وبَعْضُهُمْ أسْفَلَها، فَكانَ الَّذِينَ في أسْفَلِها إذا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا علَى مَن فَوْقَهُمْ، فقالوا: لو أنَّا خَرَقْنا في نَصِيبِنا خَرْقًا ولَمْ نُؤْذِ مَن فَوْقَنا، فإنْ يَتْرُكُوهُمْ وما أرادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وإنْ أخَذُوا علَى أيْدِيهِمْ نَجَوْا، ونَجَوْا جَمِيعًا”.