“وبالوالدين إحسانًا”
“وبالوالدين إحسانًا”
الأبوان ليسا مجرد شخصين عاديين في حياتنا، بل هما أكثر شخصين وصانا القرآن الكريم ونبينا (صلى الله عليه وسلم) بهما خيرًا وإحسانًا، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”، ويقول سبحانه: “وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا”، بل إن الحق سبحانه وتعالى قد خصهما بالوصية فقال (عز وجل): “وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا”، ويقول سبحانه: “وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا”، ويقول سبحانه: “وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ”.
وجاء أحد الناس إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: إنَّ أبي يريد أن يجتاحَ مالي، فقالَ له النبي (صلى الله عليه وسلم): “أنتَ ومالُكَ لأبيكَ”، وجَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ (صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ) يَسْتَأْذِنُهُ في الجِهَادِ فَقالَ: “أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟” قالَ: نَعَمْ، قالَ: “فَفِيهِما فَجَاهِدْ”، وجاء رجل فقال: يا رسول الله أردت أن أخرج معك للجهاد، فقال له (صلى الله عليه وسلم): “هل لك من أمٍّ”؟ قال نعم، قال (صلى الله عليه وسلم): “فالزمْها فإن الجنة تحت رجلِها”.
أما العقوق – نعوذ بالله منه – فيقول النبي (صلى الله عليه وسلم) في شأنه: “أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟” ثلاثًا, قالوا: بلى يا رسول الله, قال: “الإشْرَاكُ بالله، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ” وجلس وكان متكئًا، فقال: ” أَلا وَقَوْلُ الزّورِ” قال: فمال زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.
ثم عليك أن تعلم أنك كما تدين تدان، وقد قالوا: ثلاثة تعجل بها العقوبة في الدنيا: الغدر، واليمين الكاذبة، وعقوق الوالدين، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “لا يدخلُ الجنةَ عاقٌّ، ولا منَّانٌ”.
وكان سيدنا عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) يقول: ثلاث في القرآن نزلت مقترنة بثلاث لا تقبل واحدة منها دون الأخرى: فأما الأولى فقول الله تعالى: “وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ”, فلا تقبل طاعة الله إلا بطاعة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وأما الثانية فقوله تعالى: “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ”, فمن أقام الصلاة ولم يؤد حق المال بالزكاة لم يقبل منه، وأما الثالثة فهي قوله تعالى: “أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ”, فلم يشكر الله من لم يشكر لوالديه, فمن عقّ والديه لم يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “إِنَّ أعمالَ بني آدمَ تُعْرَضُ علَى اللهِ تعالى عَشِيَّةَ كُلِّ خميسٍ ليْلَةَ الجمعَةِ، فلا يُقْبَلُ عملُ قاطِعِ رحِمِ”، فإذا كان هذا حال من يقطع رحمه، فما بالكم بعاق والديه.