*:*الأخبارأخبار الأوقاف2مقالات

لمسة من الجمال

لمسة من الجمال

ديننا دين الحضارة والجمال والرقي والذوق الرفيع، دين يعلي من شأن الإنسان ويسمو به إلى درجة الرقي، دعانا أن نأخذ زينتا عند كل مسجد، حيث يقول الحق سبحانه: “يَا بَنِي آدَمَ ‌خُذُوا ‌زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ”.
ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “إن الله جميل يحب الجمال”، فالمسلم يجب عليه أن يحرص على إشاعة هذا الجمال حيث كان، سواء في مظهره، في مسكنه، في مكان عمله، في مكان عبادته، في فناء مسكنه، في متنزهاتنا العامة، في شواطئنا، في حدائقنا، في وسائل مواصلاتنا، في واجهات منازلنا، في كل لفتة وجزئية من جزئيات حياتنا.
ديننا لا يعرف العشوائية في أي شيء، والجمال فيه ليس أمرًا ثانويًّا ولا مظهريًّا بل هو جزء من صميم الشخصية السوية، ويجب علينا أن نعمل على بناء شخصية أبنائنا على ذلك، وأن نجعل هذا الجمال واقعًا في كل مفردات حياتنا، وهو ما تعمل مصرنا العزيزة في جمهوريتنا الجديدة وبتوجيه صريح ومباشر من سيادة الرئيس/ عبد الفتاح السيسي على تحويله إلى واقع ملموس في إنشاء المدن الجديدة وفي القلب منها العاصمة الإدارية الجديدة، وفي تشييد المساجد الجديدة وفي القلب منها مسجد مصر ومركزها الثقافي الإسلامي، وفي كل جنبات حياتنا، وهو مشروع طموح يطمح إلى تحقيق أعلى مستوى من الجمال في بناء العمران وتكوين شخصية الإنسان، بحيث يصيران مع الزمن طبعًا لا تطبعًا، إنه الفهم الصحيح لمعنى الحضارة والرقي والذوق الرفيع، والتطبيق العملي الذي يطلق ويظهر ما دعا إليه ديننا الحنيف من أخذ زينتنا عند كل مسجد، بل والتحلي بها في كل موضع، فإن الله جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر نِعمِهِ على عباده.
و إن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة قد أكدا هذه المعاني، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: “وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ”، ويقول سبحانه: “الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى”، ويقول سبحانه: “وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ”، ويقول سبحانه: “وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قوم يعدلون” ويقول سبحانه: “مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ”، ويقول سبحانه في شأن السماوات العلا: “وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ”، “وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ”.
لقد أمرنا القرآن الكريم بأن نتجمل أحسن التجمل، وكان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يحب الطيب، وقد دعا إلى طلاقة الوجه والمحيا، فقال (صلى الله عليه وسلم): “لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ”، كما دعا (عليه الصلاة والسلام) أصحابه إلى لبس أحسن الثياب عند الجُمع والجماعة والأعياد والمناسبات العامة.
على أن الجمال الحقيقي لا يقف عند حدود الشكل إنما يتجاوزه إلى جمال الجوهر، وجمال المعدن، وجمال الأخلاق، فيجب علينا جميعًا أن نتجمل بجمال الإسلام في سمتنا، في مظهرنا وجوهرها.
وإن من أهم معالم الذوق والجمال والرقي تخير الكلمة الراقية الحلوة الصافية، فقد مرَّ سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) على قوم يوقدون نارًا، فكَرِه أن يقول لهم: السلام عليكم يا أهل النار، إنما قال: السلام عليكم يا أهل الضوء، كما دعانا الإسلام إلى تخير الأسماء الحسنة ذات الدلالة الراقية، وأن نبعد الأسماء المنفرة، وعن كل ما ينفر منه الطبع والذوق والحس الإنساني السليم.

اظهر المزيد

منشور حديثّا

زر الذهاب إلى الأعلى