في الليلة الثامنة عشرة بملتقى الفكر الإسلامي بمسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه)
في الليلة الثامنة عشرة بملتقى الفكر الإسلامي
بمسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه)
الدكتور/ عمرو مصطفى:
ديننا دين السلام ونبينا (صلى الله عليه وسلم) رسول الإنسانية والسلام
الدكتور/ مصطفى عبد السلام:
الإسلام عُني عناية خاصة بالعلاقات الإنسانية وعمل على تعزيزها
في إطار نشر الفكر التنويري والتثقيفي المستنير، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وفي الليلة الثامنة عشرة بملتقى الفكر الإسلامي بساحة مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) بعنوان: “الإسلام دين الإنسانية والسلام” مساء اليوم الاثنين 10/ 4/ 2023م حاضر فيها الدكتور/ عمرو مصطفى مدير عام التحرير والنشر بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والدكتور/ مصطفى عبد السلام إمام مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه)، والقارئ الشيخ/ محمود عبد الباسط قارئًا، والمبتهل الشيخ/ محمد الجسار مبتهلًا، وبحضور الدكتور/ محمد عزت الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والدكتور/ خالد صلاح مدير مديرية أوقاف القاهرة، والدكتور/ أسامة فخري الجندي مدير عام شئون القرآن الكريم، والشيخ/ عبد الفتاح عبد القادر جمعة مدير عام الإدارة العامة للإعلام بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وعدد من قيادات وزارة الأوقاف، وجمع غفير من جمهور ورواد المسجد، وقدم للملتقى الإعلامي الأستاذ/حسن الشاذلي المذيع بقناة النيل الثقافية.
وفي كلمته أكد الدكتور/ عمرو مصطفى أن الإسلام أسس لحرية الدين والمعتقد حتى يعيش الناس في سلام، يقول سبحانه: “وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ”، موضحًا أن الإسلام دين يحمل كل معاني الإنسانية والرحمة والسلام للناس جميعًا، والإنسانية إحدى خصائصه التي ارتبطت بأحكامه وتشريعاته، وتأكيدًا على معاني الإنسانية خلق الله الناس جميعًا من نفس واحدة، قال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء”، فمنذ اللحظة الأولى رفع الإسلام شعار الإنسانية، وأصَّل لها، وأكد الرسول (صلى الله عليه وسلم) ذلك المعنى، فقال: “كُلُّكُمْ لِآدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ”، لا تمييز ولا تفاضل بينهم إلا بالتقوى والعمل الصالح، وتتجلى إنسانية الإسلام في إعلاء قيمة الإنسان بين سائر المخلوقات، فكرمه وفضله، مهما كان معتقده أو جنسه أو لونه، يقول الله تعالى: “ولقد كرمنا بني آدم وحَمَلْنَاهُمْ فِي البر والبحر ورزَقْنَاهُمْ مِن الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تفضيلا”، مشيرًا إلى أن من الجوانب الإنسانية العظيمة التي أسس لها الإسلام التعايش السلمي بين الناس جميعًا، ولم ينه عن بر غير المسلمين والإحسان إليهم، يقول الحق سبحانه: “لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ”، فالبر الذي هو قمة الأدب والإحسان مع الوالدين، مطلوب هو بعينه مع الناس جميعًا، والقسط والعدل والوفاء هو خلق الإنسان مع أخيه في الإنسانية سواء بسواء، ولا أدل على ذلك من موقفه (صلى الله عليه وسلم) حين مرت به جنازة فقام لها، فقيل له: إنها جنازة يهودي، فقال (صلى الله عليه وسلم): “أليست نفسًا؟!”، ومن الجوانب الإنسانية في الإسلام حثه على تفريج الكرب عن المكروبين وإزالة همومهم ومشاركتهم آلامهم وأحزانهم، وفي ذلك يقول (صلى الله عليه وسلم): “مَنْ نَفْسَ عَنْ مُؤْمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يَوْم القِيامَةِ، وَمَنْ يَسر على معسر يسر الله عليهِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسلِماً سَتَرَهُ الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”.
وفي كلمته أكد الدكتور/ مصطفى عبد السلام أنه ما من ثقافة من الثقافات ولا دين من الأديان اهتم بالإنسانية والسلام أكثر من دين الإسلام، فالإسلام عُني عناية خاصة بالعلاقات الإنسانية وعمل على تعزيزها، فإذا تدبرنا كتاب الله (عز وجل) وجدنا أن كلمة “الإنسان” تكررت في القرآن الكريم ثلاثًا وستين مرة، وكلمة “الناس” تكررت مائتين وأربعين مرة في مكيّ القرآن ومدنيّه؛ وكلمة (العالمين) وردت أكثر من سبعين مرّة؛ والحاصل أن إنسانية الإسلام تبدو واضحة من خلال حرص الشريعة الإسلامية وتأكيدها على مجموعة من القضايا المهمة، فقد اهتم الإسلام بجميع حالات الإنسان حتى وإن كان مقصرًا، فعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَامَ أعرَابٌِّي فَبَالَ في الْمَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم): “دَعُوهُ وَهَرِيْقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ، أوْ ذَنُوباً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَم تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ”، وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ، وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَ اللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: “إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ، لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ”، وتتجلى الإنسانية في التعامل مع الخدم، فعن أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: “خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ وَلَا لِمَ صَنَعْتَ وَلَا أَلَّا صَنَعْتَ”، وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: “مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ”، ولم تكن هذه الوصية بالخدم فترة معينة في حياته، أو عند ظروف مخصوصة، إنما ظل كذلك حتى لحظات موته الأخيرة، وكان من آخر وصاياه للمسلمين: “الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ”.