في الليلة السابعة عشرة بملتقى الفكر الإسلامي بمسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه)
في الليلة السابعة عشرة بملتقى الفكر الإسلامي
بمسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه)
أ.د/ بكر زكي عوض:
من الحكمة إخراج زكاة الفطر بما يتناسب مع أحوال الناس ومنافعهم
د/نوح العيسوي:
زكاة الفطر تسهم في التكافل الاجتماعي وسد حاجة الفقراء والمحتاجين
في إطار نشر الفكر التنويري والتثقيفي المستنير، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وفي الليلة السابعة عشرة بملتقى الفكر الإسلامي بساحة مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) بعنوان: “صدقة الفطر” مساء الأحد 9/ 4/ 2023م حاضر فيها أ.د/ بكر زكي عوض عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر سابقا، والدكتور/ نوح العيسوي رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب وزير الأوقاف، والقارئ الشيخ/ إبراهيم الفشني قارئًا، والمبتهل الشيخ/ عبد الرحمن الأسواني مبتهلًا، وبحضور الدكتور/ محمد عزت الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والشيخ/ السيد عبد المجيد رئيس الإدارية المركزية لشئون القرآن الكريم والمساجد، والشيخ/ عبد الفتاح عبد القادر جمعة مدير عام الإدارة العامة للإعلام بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والدكتور/ سعيد حامد مدير الدعوة بمديرية أوقاف القاهرة, وعدد من قيادات وزارة الأوقاف، وجمع غفير من جمهور ورواد المسجد، وقدم للملتقى الإعلامي الأستاذ/ عبد الحميد السيد المذيع بقناة النيل الثقافية.
وفي بداية كلمته أكد الدكتور/ نوح العيسوي أن ديننا دين التراحم والتكافل، كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم): “مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم، وتَرَاحُمِهِم، وتعاطُفِهِمْ مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى”، كما أن الإسلام دين القيم النبيلة من الكرم والسخاء والتعاون والتآلف، مبينًا أن من أجل تأكيد هذه القيم فرض الله (عز وجل) الزكاة في أرقى صورة ليحث على التكاتف بين أفراد المجتمع، فقال الله (سبحانه وتعالى): “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”، ويقول النبي(صلى الله عليه وسلم): “بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ”، وقد جعل الله الزكاة ركنا من أركان الإسلام، وقرنها بأعظم فريضة من فرائض الدين وهي الصلاة، فقال الله (عز وجل): “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّه”، وقد رغب النبي (صلى الله عليه وسلم) في الصدقة فقال: “ما منكم من أحدٍ إلا سيُكلِّمُه اللهُ يومَ القيامةِ، ليس بينه وبينه تَرجمانُ، فينظرُ أيْمنَ منه، فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظرُ أشأَمَ منه، فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظرُ بين يدَيه، فلا يرى إلا النَّارَ تِلقاءَ وجهِه، فاتَّقوا النَّارَ، ولو بشِقِّ تمرةٍ، ولو بكلمةٍ طيِّبةٍ”، مؤكدًا أن الزكاة تسهم في التكافل الاجتماعي وسد حاجة الفقراء والمحتاجين، فإذا أخرج المسلم زكاته وأطعم الفقير مما رزقه الله فله الأجر العظيم، حيث يقول الله (عز وجل): “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ”، وأن الزكاة لها أنواع كثيرة ومنها صدقة الفطر أو زكاة الفطر وسميت بذلك من باب تسمية الشيء بسببه، لأن سبب وجوبها هو انتهاء الصيام بغروب آخر يوم من أيام رمضان، وقد أوجبها الله (عز وجل) على كل مسلم ومسلمة ذكرًا أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا، وذلك لحديث ابن عمرو (رضي الله عنهما): “أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ علَى كُلِّ حُرٍّ، أوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أوْ أُنْثَى مِنَ المُسْلِمِينَ”، والحكمة منها تطهير الصيام من اللغو والرفث وسد حاجة الفقير لما روي عن عبدالله بن عباس (رضي الله عنهما) حيث قال: “فَرَضَ رسولُ اللهِ صدقةَ الفطرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ والرَّفثِ، طُعْمَةً لِلْمَساكِينِ، فمَنْ أَدَّاها قبلَ الصَّلاةِ ؛ فهيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، ومَنْ أَدَّاها بعدَ الصَّلاةِ ؛ فهيَ صدقةٌ مِنَ الصدقةِ”، وهذه الفريضة تدخل الفرحة والسرور على الفقراء والمساكين، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): “أغنوهم عَن طوافِ هذا اليومِ”، وهي تجزئ نقدًا كما تجزئ طعامًا، والعبرة بما يحقق مصلحة الفقير.
وفي بداية كلمته أكد أ.د/ بكر زكي عوض أن زكاة الفطر من مظاهر رحمة الله (سبحانه وتعالى) بالأمة، حيث شرع لنا النبي (صلى الله عليه وسلم) بإلهام من ربه النفقة والحث عليها، وحذر من منعها، فقال: “تَعِسَ عَبدُ الدِّينارِ، وعَبدُ الدِّرهمِ، وعَبدُ الخَميصةِ”، وقدم النبي (صلى الله عليه وسلم) الحل للتفريج عن الفقراء والمحتاجين في أيام العيدين بما يكفل لهم حقهم من الطعام والكساء وغير ذلك من ضروريات الحياة، ولم يجعلها من العملة لأن العرب لم يكن لهم عملة خاصة بهم في هذا الوقت، مؤكدًا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لو حصرها وقيدها بالدينار والدرهم لوجد المسلم مشقة كبيرة، ولتكلف كثير من المسلمين فوق طاقتهم وقد كان تعاملهم بغير ذلك، مضيفًا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يقصر الصدقة على شيء معين من الطعام الذي يختلف بعضه عن بعض في الأثمان ليعطي الفرصة في إخراج كل إنسان حسب قدرته المادية، وهو ما يؤكد يسر الشريعة الإسلامية وتقديمها الحل والعلاج لمشكلات المجتمعات والأفراد، وبين أن من الحكمة أن يخرج الناس الزكاة بما يتناسب مع أحوالهم ومنافعهم، مؤكدًا أن إخراج صدقة الفطر من الآن خير من إخراجها ليلة العيد ليجد الفقير الوقت والفرصة في قضاء مصالحه ومنافعه.