الفضل وذووه
الفضل وذووه
قديمًا قالوا إنما يعرف الفضل من الناس ذووه ، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا الفضلاء ، فالعظماء لا ينسون رجالهم ، والوطنيون الشرفاء لا ينسون من ضحى لأجل وطنهم ، أو استشهد على درب الوطنية وفي سبيلها ، هكذا هي مدرسة القوات المسلحة المصرية الباسلة ، بيت الوطنية .
لقد لفت نظري وشد انتباهي حرص سيادة الرئيس/ عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية الدائم على إكرام الشهداء وأسرهم ، وتأكيده في احتفالات وزارة الداخلية بتخريج دفعة جديدة من طلاب أكاديمية الشرطة يوم 20 أكتوبر 2021م على أن يكون سلام الشهيد خطًّا ثابتًا في جميع الفعاليات العسكرية والشرطية تقديرًا لهؤلاء الأبطال العظام الذين ضحوا في سبيل أوطانهم .
كما لفت نظري أيضًا إكرام سيادة الرئيس للفريق/ عبد رب النبي حافظ أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة ورئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق خلال الندوة التثقيفية الرابعة والثلاثين بعنوان: (العبور إلى المستقبل) لقواتنا المسلحة الباسلة بمناسبة الاحتفال بذكرى حرب أكتوبر يوم السادس من أكتوبر 2021م ثم إطلاق اسم سيادته على الدفعة (115) حربية لهذا العام 2021م.
ليس بعيدًا عن ذلك تحية سيادة الرئيس للأستاذ الدكتور/ أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء أثناء احتفال وزارة الأوقاف بذكرى المولد النبوي الشريف يوم 18 أكتوبر 2021م.
ومن هذا وذاك نؤكد أن العظماء فقط هم من يعرفون الفضل لأهل الفضل ، لا يجحدون فضلاً لأحد ، ولا ينكرون جميلاً له ، ولا يتنكرون لمعروف قدَّمه.
وهكذا علمنا ديننا الحنيف ، حيث يقول الحق سبحانه : “وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا” (النساء : 86) ، ويقول سبحانه على لسان ابنة شعيب (عليه السلام) في حديثها إلى سيدنا موسى (عليه السلام) : “إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا” (القصص : 25) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “لا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ” (رواه البخاري) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “من أسدى إليكم معروفًا فكافِئوه فإن لم تجدوا فادعوا لهُ حتى تعلموا أن قد كافأتموهُ” (رواه أبو داود) ، ويوم بدر قال نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “لو كانَ المُطْعِمُ بنُ عَدِيٍّ حَيًّا ، ثُمَّ كَلَّمَنِي في هَؤُلَاءِ – يعني أسارى بدر – لَتَرَكْتُهُمْ له” (رواه البخاري) ، وذلك جزاء أن أجاره المطعم بن عدي وأدخله في جواره يوم أن عاد إلى مكة من الطائف بعد أن كان ما كان من إيذاء أهلها له (صلى الله عليه وسلم) وصدهم عن دعوته عليه الصلاة والسلام.
ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “إنَّ أمنَّ النَّاس علي في صحبته وماله أبو بكر” (رواه البخاري) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “ما لِأَحدٍ عندَنَا يَدٌ إلَّا وقَدْ كافأناهُ ، ما خلَا أبا بكرٍ ، فإِنَّ لَهُ عِندنَا يَدًا يُكافِئُهُ اللهُ بِها يَومَ القيامَةِ” (رواه البخاري) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) عن السيدة خديجة (رضي الله عنها): “والله ما أبدَلَني اللهُ (عزَّ وجلَّ) خَيرًا منها، قد آمَنَتْ بي إذ كفَرَ بي الناسُ، وصدَّقَتْني إذ كذَّبَني الناسُ، وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَني الناسُ” (رواه البخاري)، ويقول الشاعر :
إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا
من كان يألفهم في المنزل الخشن
وإذا كان حفظ الجميل من شيم الكرام ، فإننا نحذر من جحود ونكران الجميل لمن أحسن إلينا يومًا ما ولو إحسانًا يسيرًا من صاحب أو صديق أو جار أو معلم.
وإذا كان ديننا الحنيف أمرنا أن ندفع السيئة بالحسنة فقال سبحانه : “وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ”(فصلت : 34) ، فما بالكم بجزاء من أحسن يومًا ما إلينا يقول الحق سبحانه وتعالى : “هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ” (الرحمن : 60).