الله الواحد الأحد
الله الواحد الأحد
لفظ الجلالة (الله) علم على الذات الإلهية، يوصف ولا يوصف به، ويدل بذاته على الذات وسائر صفات الكمال، فلله (عز وجل) وحده الكمال المطلق، والجمال المطلق، والخير المطلق، خالق الخلق، ومالك الملك.
ويختص اسم الجلالة (الله) بأنه كلما حذف منه حرف كان الباقي دالا عليه سبحانه، فإذا حُذفت الألف كان ما بقي من حروف الاسم دالا عليه سبحانه: “لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”، وإذا حُذفت اللام الأولى صار: “لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”، وإذا حُذفت اللام الثانية وأشبعت الهاء صار الضمير عائدًا عليه سبحانه: “هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ”، وقد ذكر الإمام الفخر الرازي اثنى عشر دليلًا على أن لفظ الجلالة هو الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله (عز وجل) به أجاب وإذا سئل به أعطى.
والله (عز وجل) هو الواحد الأحد، الذي لا ند له ولا شريك ولا مثيل ولا نظير ولا ضريب ولا صاحبة ولا ولد، فهو الواحد الأحد في ألوهيته، لا يستحق غيره العبادة، ولا معبود سواه.
و(الأحد) اسم استأثر به الحق سبحانه فلا يشاركه فيه أحد، ولا يوصف به غيره سبحانه، وقد ورد في القرآن الكريم مرة واحدة في سورة الإخلاص، حيث يقول الحق سبحانه: “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ”.
أما اسمه سبحانه (الواحد) فيعني أنه الواحد في ذاته وصفاته، المتفرد بصفات الكمال والجمال، لا يشاركه فيها غيره، وقد ورد في مواضع عديدة من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: “وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ”، وقوله سبحانه: “إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا”، وقوله تعالى: “هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ”، وقوله سبحانه: “وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ”، وقوله تعالى: “أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ”.
وقد ورد الاسمان مقترنين في السنة النبوية فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: قال اللَّهُ (عز وجل): “كَذَّبَنِي ابنُ آدَمَ ولَمْ يَكُنْ له ذلكَ، وشَتَمَنِي ولَمْ يَكُنْ له ذلكَ، فأمَّا تَكْذِيبُهُ إيَّايَ فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي كما بَدَأَنِي، وليسَ أوَّلُ الخَلْقِ بأَهْوَنَ عَلَيَّ مِن إعادَتِهِ، وأَمَّا شَتْمُهُ إيَّايَ فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللَّهُ ولَدًا، وأنا الأحَدُ الصَّمَدُ، لَمْ ألِدْ ولَمْ أُولَدْ، ولَمْ يَكُنْ لي كُفْئًا أحَدٌ”، وعن محجن بن الأدرع (رضي الله عنه) أنَّ رسولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) دخلَ المسجدَ، إذا رجلٌ قد قَضى صلاتَهُ وَهوَ يتشَهَّدُ، فقالَ: “اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ يا اللَّهُ بأنَّكَ الواحدُ الأحدُ الصَّمدُ، الَّذي لم يَلِدْ ولم يولَدْ ولم يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، أن تغفِرَ لي ذُنوبي، إنَّكَ أنتَ الغَفورُ الرَّحيمُ”، فقالَ رسولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): “قَد غَفرَ اللَّهُ لَهُ، ثلاثًا”.
وخلاصة القول أننا نؤمن بأن الله (عز وجل) هو الواحد الأحد، خالق الخلق، ومالك الملك، وأنه سبحانه وتعالى عالم الغيب والشهادة، فلا يعزب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء، يحيط علمه بكل شيء، ولا يحيط به شيء، وأنه جل وعلا هو الحق المبين، لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، وليس له كفْءٌ ولا ندٌّ ولا نظيرٌ ولا شبيه ولا شريك، “لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”.