ختام فعاليات الأسبوع الثقافي بمسجدي الصديق شيراتون بالقاهرة والاستقامة بالجيزة بعنوان: “حق الجار”
ختام فعاليات الأسبوع الثقافي
بمسجدي الصديق شيراتون بالقاهرة والاستقامة بالجيزة
بعنوان:
“حق الجار”
والعلماء يؤكدون:
عُني الإسلام بالعلاقات الاجتماعية على أسس من التراحم والتعاون
وحق الجار حق أصيل حث عليه الإسلام
في إطار الدور التثقيفي الذي تقوم به وزارة الأوقاف اختتمت فعاليات الأسبوع الثقافي الرئيسي بمسجدي (الصديق شيراتون بالقاهرة، والاستقامة بالجيزة) اليوم الأربعاء 16/ 11/ 2022م تحت عنوان: “حق الجار” حاضر في مسجد الصديق بشيراتون كل من: الشيخ/ يسري عزام إمام وخطيب مسجد سيدنا عمرو بن العاص، والشيخ/ أحمد النجار إمام وخطيب مسجد الصديق بشيراتون، وقدم للأمسية الأستاذ/ محمد جمعة المذيع بإذاعة القرآن الكريم، وكان فيه القارئ الشيخ/ ماهر الفرماوي قارئًا، والشيخ/ محمد سلامة مبتهلًا.
كما حاضر في مسجد الاستقامة كل من: أ.د/ غانم السعيد عميد كلية اللغة العربية سابقًا، والدكتور/ أسامة فخري الجندي مدير عام شئون القرآن الكريم، وقدم للأمسية الأستاذ/ مسعد الجوهري المذيع بإذاعة القرآن الكريم، وكان فيه القارئ الطبيب/ أحمد نعينع قارئًا، والشيخ/ شريف خليف مبتهلًا.
وخلال اللقاء الثقافي بمسجد الصديق شيراتون أكد الشيخ/ يسري عزام أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أوصانا بالجار وحسن معاملته وبره، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): “ما زال جبريلُ يوصيني بالجارِ حتَّى ظننتُ أنه سيورِّثُه”، وقد ضرب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أروع الأمثلة في الإحسان إلى الجار، فعن عائشة (رضي الله عنها) أنها ذات ليلة صنعت لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) قرصًا من شعير، تقول عائشة : فأقبلت شاة لجارنا، فدخلت ثم عمدت إلى القرص فأخذته ثم أدبرت به، فبادرتها الباب فقال (صلى الله عليه وسلم) : “خذي ما أدركت من قرصك، ولا تؤذ جارك في شاته”، مشيرًا إلى أن الجيران ثلاثة أنواع، جار له حق، وجار له حقان، و جار له ثلاثة حقوق، فالنوع الأول من الجيران الذي له حق علينا وهو الجار غير المسلم غير القريب فله علينا حق الجيرة، وأما الجار المجاور في السكن وليس من الأقارب، فله على المسلم حقان هما حق الجوار وحق الإسلام، وأما الجار الذي له ثلاثة حقوق فهو إذا كان الجار من الأقارب فله حق الجيرة والقرابة وحق الإسلام، مؤكدًا أن شهادة الجار لجاره من أسباب دخول الجنة، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): “ما مِن مُسلِمٍ يَموتُ فيَشهَدُ له أربَعةٌ أهلُ أبياتٍ مِن جيرانِه الأَدْنينِ؛ أنَّهم لا يَعلَمونَ إلَّا خَيرًا؛ إلَّا قال اللهُ تَعالى: قد قَبِلتُ عِلْمَكم، وعَفَوتُ عَمَّا لا تَعلَمونَ”.
وفي كلمته أكد الشيخ/ أحمد النجار أن الذي أوصى بالجار إنما هو الله سبحانه، حيث يقول سبحانه: “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا”، مشيرًا إلى أن الإسلام عُني عناية خاصة بالعلاقات الاجتماعية وعمل على إقامتها على أسس من التراحم والتعاون بين أفراده، وأن الجار إذا كان يُخشى منه الأذى، ولا يطمئن جاره إليه فهذا يقع تحت قوله (صلى الله عليه وسلم) عندما سأله أحدهم فقال: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن كَثرةِ صَلاتِها وصَدقَتِها وصيامِها، غيرَ أنَّها تُؤذي جيرانَها بِلِسانِها؟ قال: “هيَ في النَّارِ”، قال: يا رَسولَ اللهِ، فإنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن قِلَّةِ صيامِها وصَدقَتِها وصَلاتِها، وإنَّها تَتَصدَّقُ بالأَثوارِ مِن الأَقِطِ، وَلا تُؤذي جيرانَها بِلسانِها؟ قال: “هيَ في الجنَّةِ”.
وخلال اللقاء الثقافي من مسجد “الاستقامة” بالجيزة أكد أ.د/ غانم السعيد أن موضوع حق الجار في غاية الأهمية، وقد أحسنت وزارة الأوقاف في اختيار هذه الموضوعات التي تسهم في توطيد أواصر المجتمع وتقوية بنائه، مشيرًا إلى أن حق الجار حق أصيل حتى قبل الإسلام، وفي هذا يقول الشاعر:
وَأَغَضُّ طَرفي ما بَدَت لي جارَتي
حَتّى يُواري جارَتي مَأواها
وعندما جاء الإسلام أكد عليها، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: ” إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ”، وقد تحدث القرآن الكريم عن حق الجار وحسن معاملته فقال سبحانه: “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا”، وهذه الأوامر كلها تقع معطوفة على الأمر بالعبادة، وهذا يؤكد على أهميتها وعلو شأنها، وقد دعى نبينا (صلى الله عليه وسلم) إلى حسن معاملة الجار في قوله: “مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أوْ لِيصْمُتْ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ”، وكأن الإيمان لا يكتمل عند المسلم إلا بعد أن يحسن إلى جاره، والذي لا يفعل ذلك في إيمانه نقص، وفي هذا يقول (صلى الله عليه وسلم): “واللهِ لا يؤمنُ، واللهِ لا يؤمنُ”، قيل: مَن يا رسولَ اللهِ؟ قال: “الذي لا يأمنُ جارُهُ بوائِقَهُ”، أي شروره.
وفي كلمته أكد الدكتور/ أسامة فخري الجندي أن الشرع الحنيف كله رحمة وكله نور، ومن اتصلت نفسه بهذا الشرع الشريف اقتبس من هذا النور فكان أهلًا لأن يكون من أهله، مؤكدًا أن للجار على جاره حقوقًا تشبه حقوق ذوي الأرحام، وهذا من أجل تقوية أواصر المجتمع وحتى يعيش الجميع في سلام ووئام، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ”، ويقول أيضًا: “مَن كان يؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فلْيُكرِمْ ضيفَه، ثلاثَ مراتٍ، مَن كان يؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلْيُحسِنْ إلى جارِه، ثلاثَ مراتٍ، مَن كان يؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فلْيقُلْ خيرًا أو لِيَسكُتْ، ثلاثَ مراتٍ”، فجمع (صلى الله عليه وسلم) بين الأمر بعدم إيذاء الجار والأمر بالإحسان إليه، مشيرًا إلى أنه تزداد حقوق الجار كلما اقترب منك قرابة أو دارًا، فقد سألت السيدة عائشة (رضي الله عنها) يا رسولَ اللهِ ! إنَّ لي جارينِ فإلى أيِّهما أُهْدِي ؟ قال: “إلى أقربهما منكَ بابًا”، فكل من جاورك في عمل أو في سكن أو في سفر فله حق الجوار، فإن استغاث بك أغثته، وإن استعان بك أعنته، وإن سألك أعطيته، وإن أصابه خير هنأته، وإن أصابته مصيبة عزيته، يقول (صلى الله عليه وسلم): “وإذا اشتريتَ فاكهةً فأهدِ لهُ فإنْ لم تفعلْ فأدخلْهَا سرًا” لا أنْ تتباهَى بهَا أمامَهُ، أو أنْ تستعلِي بقدراتِكِ وإمكاناتِكَ الماديةِ عليه، “ولا يخرجُ بها ولدك ليغيظ ولده”.