افتتاح فعاليات الأسبوع الثقافي الثاني من مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) بالقاهرة عميد كلية اللغة العربية : الهجرة النبوية من أهم وأعظم أحداث التاريخ الإنساني ووثيقة المدينة أول وثيقة في الدنيا تعطي حق المواطنة للجميع بلا استثناء ومدير مديرية أوقاف القاهرة : حسن التوكل على الله يقتضي حسن الأخذ بالأسباب
افتتاح فعاليات الأسبوع الثقافي الثاني من مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) بالقاهرة
عميد كلية اللغة العربية :
الهجرة النبوية من أهم وأعظم أحداث التاريخ الإنساني
ووثيقة المدينة أول وثيقة في الدنيا تعطي حق المواطنة للجميع بلا استثناء
ومدير مديرية أوقاف القاهرة :
حسن التوكل على الله يقتضي حسن الأخذ بالأسباب
في إطار الدور التثقيفي الذي تقوم به وزارة الأوقاف انطلقت فعاليات الأسبوع الثقافي الثاني من مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) في القاهرة مساء السبت 30 يوليو 2022م، بعنوان: “من دروس الهجرة النبوية .. الفرج بعد الشدة”، حاضر فيها أ.د/ غانم السعيد عميد كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالقاهرة، ود/ خالد صلاح الدين مدير مديرية أوقاف القاهرة، وقدم لها الدكتور/ أحمد القاضي المذيع بإذاعة القرآن الكريم، وكان فيها القارئ الشيخ/ محمد الطاروطي قارئًا ، والمبتهل الشيخ/ محمد الصعيدي مبتهلًا، وبحضور الدكتور/ محمود خليل وكيل مديرية أوقاف القاهرة وجمع غفير من رواد المسجد.
وفي كلمته أكد أ.د/ غانم السعيد عميد كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالقاهرة أن حدث الهجرة عظيم ومهم بل هو حدث من أهم وأعظم أحداث التاريخ الإنساني، ولو أنصف المؤرخون لجعلوا من هذا الحدث تاريخًا للإنسانية جمعاء، وأن ما بعده من أحداث تمثل عظمة في تاريخ الإنسانية، فقد كانت الهجرة نقطة تحول هامة في هذا التاريخ العظيم، وبداية البناء العملي للدولة، ذلك البناء الذي قام على عدة أسس، من أهمها ترسيخ أسس المؤاخاة ومبدأ العيش المشترك بين البشر من خلال دستور هذه الأمة، والذي تمثل في وثيقة المدينة التي لا تفرق بين الناس فهي أول وثيقة في الدنيا تعطي حق المواطنة للجميع بلا استثناء، وضعها قائد هذه الأمة سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم).
مؤكدًا أن رحلة الهجرة سبقت بعدة ابتلاءات، فقد حاصرت قريش بني هاشم وبني عبد مناف في شعب أبي طالب لمدة ثلاث سنوات اشتد فيها الأذى والاستضعاف للمسلمين، وفيها يقول الحق سبحانه: “إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا”، فلما أعز الله الإسلام ومكن له بفتح مكة وزالت حالة الاستضعاف التي كانوا عليها تغير الحكم من الحث على الهجرة واعتبار ذلك مطلبًا شرعيًا إلى الحكم بانتهاء الهجرة الحسية التي تعنى الانتقال من مكة إلى المدينة، ومطالبتهم بالاستقرار في أماكنهم: “ارجع أبا وهب إلى أباطح مكة .. لا هجرة بعد فتح”، والتشبث بالهجرة المعنوية وهي هجر ما نهى الله عنه, وفي ذلك رد واضح على من يريدون أن يفرضوا بلا فقه ولا فهم فتاوى ناسبت زمانها ومكانها وبيئتها وحالة معينة على جميع الأزمنة والأمكنة والبيئات والأحوال.
وفي كلمته أكد الدكتور/ خالد صلاح الدين مدير مديرية أوقاف القاهرة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أُخرِج من مكة ولم يخرج منها، بما يُعَد درسًا عمليًّا واقعيًّا في ضرورة مراعاة فقه الواقع، موضحًا أن من أهم الدروس المستفادة من حدث الهجرة النبوية الشريفة الثقة بالله (عزّ وجلّ) واليقين به مع حسن الأخذ بالأسباب، حيث جمع نبينا (صلى الله عليه وسلم) بين ثقته في الله (عز وجل) وأخذه بجميع الأسباب، حين قال له الصديق (رضي الله عنه) وهما في الغار: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تحت قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا، فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ: “مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا”، وذلك حيث يقول الحق سبحانه: “إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم”.
مشيرًا إلى أن الإنسان إذا ابتلي فصبر ورضي بقضاء الله وقدره فذلك خير له لقول النبي ( صلى الله عليه وسلم): “عَجِبْتُ لأمرِ المؤمنِ، إنَّ أمرَهُ كُلَّهُ خيرٌ، إن أصابَهُ ما يحبُّ حمدَ اللَّهَ وَكانَ لَهُ خيرٌ، وإن أصابَهُ ما يَكْرَهُ فصبرَ كانَ لَهُ خيرٌ، وليسَ كلُّ أحدٍ أمرُهُ كلُّهُ خيرٌ إلَّا المؤمنُ”، فالإنسان مع يقينه في الله وحسن توكله عليه يتخذ من الأسباب ما يعد أنموذجًا لحسن التوكل وفهمه فهمًا دقيقًا، وبما يؤكد أنه لا تناقض بين الأمرين بل إن حسن التوكل يقتضي حسن الأخذ بالأسباب، وهو يدرك غاية الإدراك أن الله كفيل به.