العقيدة الصافية (٢)
العقيدة الصافية (٢)
تحدث القرآن الكريم عن اليوم الآخر وأحوال الناس فيه حديثًا كاشفًا لطبيعته، مفصلًا لكثير من أحداثه وأوصافه، فتحدث عن يوم القيامة، ويوم البعث، ويوم النشور، ويوم الحساب، ويوم الفصل، ويوم الدين، ويوم “التلاقِ”، ويوم الحسرة، ويوم الوعيد، ويوم الخروج، ويوم التغابن، ويوم الجمع، ويوم التناد، ويوم الآزفة، ويوم الخلود، واليوم الحق، واليوم الموعود، واليوم المشهود، والنبأ العظيم، كما ذكر من صفاته: أنه مشهود، وكونه على بعض الناس عسيرًا أو عبوسًا قمطريرًا وغير ذلك.
كما تحدث القرآن الكريم عن بعض أسماء القيامة وأحداثها وصفاتها، فتحدث عن الآخرة، والساعة، والغاشية، والواقعة، والقارعة، والحاقة، والآزفة، والطامة الكبرى.
على أن أبرز هذه الأسماء وأكثرها ذكرًا في القرآن الكريم هو لفظ ” القيامة”، فقد ورد في القرآن الكريم (70) مرة، وسميت باسمه إحدى سوره المشرفة، وهي سورة القيامة التي استهلها الحق سبحانه وتعالى بقوله: “لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ” (القيامة: 1) تعظيمًا لشأنها، وأتبع هذا القسم بالقيامة قسمًا آخر بالنفس اللوامة، فقال سبحانه: “وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ * أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ” (القيامة: 2 – 4)، مستنكرًا على من ينكرون البعث موقفهم وجحودهم، مبرهنًا على طلاقة القدرة بشيء محسوس ملموس: “بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ”، وخص البنان دون سواه؛ لأن في تكوين البنان وبصمة الإصبع آية من آيات الله (عز وجل) في الخلق، في عدم تماثل تكوين البنان في أي شخصين منذ أن خلق الله سبحانه الأرض ومن عليها إلى أن تقوم الساعة.
ويقول سبحانه: “اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا” (النساء: 87)، ويقول (عز وجل): “فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ” (البقرة: 113)، ويقول سبحانه: “وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ” (الزمر: 60)، ويقول سبحانه: “كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ” (آل عمران: 185)، ويقول (عز وجل): “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ” (المائدة: 36).
ويوم القيامة هو يوم الحساب، ويوم الجزاء، ويوم العرض عليه، حيث يقول سبحانه: “يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ” (الحاقة: 18)، ويقول سبحانه: “وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا” (الكهف: 49)، ويقول سبحانه: “وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ * يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ” (هود: 104 – 108).
ويوم القيامة هو يوم الحق، حيث يقول الحق سبحانه: “ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَبًا” (سُورَةُ النَّبَأ: 39)، فالعاقل من يعمل لهذا اليوم حق العمل، ويتقي الله حق تقاته، حيث يقول الحق سبحانه: “يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ ولا تَمُوتُنَّ إلّا وأنْتُمْ مُسْلِمُونَ” (آل عمران : 102).