برعاية كريمة من معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف وإشراف فضيلة الشيخ/ محمد عبد الرازق عمر رئيس القطاع الديني انطلقت يوم الخميس الموافق 9/4/2015م القافلة الدعوية لعلماء وزارة الأوقاف إلى محافظة الإسكندرية لعقد عدة لقاءات وندوات دينية بالمساجد الكبرى حول (سماحة الإسلام ووسطيته ونبذ العنف والإرهاب) .
وقد ركز السادة العلماء في دروسهم على إبراز سماحة الإسلام والتصدي للفكر التكفيري والإلحادي ، وأكدوا يسر الإسلام في تكاليفه ورفع الحرج عن المكلفين ، فالعمل على قدر الطاقة عملاً بقول الله تعالى : {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} ، وذكروا الجموع بمنهج النبي (صلى الله عليه وسلم) القائم على التيسير في الأمور كلها ، فما خير (صلى الله عليه وسلم) بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا ، وطالبوا الجميع بنبذ العنف وأن تسود روح التسامح والصبر والعفو بين أبناء الوطن الواحد.
وحرصًا من الوزارة على نشر تعاليم الإسلام السمح وبيان منهجه ودعوته إلى الرقي واصلت القافلة أنشطتهما الدعوية بمحافظة الإسكندرية بإلقاء خطبة الجمعة بالمساجد الكبرى اليوم 10/4/ 2015م تحت عنوان ( الإتقان سبيل الأمم المتحضرة ) وهو الموضوع الموحد بجميع مساجد جمهورية مصر العربية اليوم ، حيث أكد العلماء أن الإتقان في العمل والاهتمام به والمحافظة عليه والتميز فيه من أهم القيم والمبادئ التي دعا إليها الإسلام ، فهو أساس نهضة الأمة ، به يعلو شأنها ، وتستقيم حياتها ، ويقيم بناء الأمة بناءً قويًا شامخًا.
فمن على منبر مسجد الإخلاص أكّد فضيلة الشيخ/ محمد عبد الرازق عمر رئيس القطاع الديني أن الإتقان هو الذي تقوم عليه الحضارات ويعمر به الكون ، وكذلك هو هدف من أهداف الدين يسمو به المسلم ويرقى به إلى مرضاة الله تعالى والإخلاص له ، لأن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه، وإخلاص العمل لا يكون إلا بإتقانه ، وأن الذي يتقن عمله ويحسنه لن يضيع سعيه وجهده، بل سينال جزاءً حسنًا في الدنيا والآخرة ، يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}[الكهف:30].
وأن وطننا الحبيب لن ينهض ويحقق آماله إلا بعد أن يزكي كل عامل قلبه بالإخلاص وينقي لُبَّهُ بالإحسان ، ويعلم أنه لن تعلو عندها مرتبته إلا بحسن العمل وجودة الإنتاج, وسلامة الصنع ونبل المقصد ، وسيجد المجتمع عند ذلك في إتقان العمل ما يوفر الجهد والمال والوقت وما يحفظ الحقوق من الضياع والإهمال ، وهنا تسعد البلاد وتنعم بهذا الإتقان ويجني من ثمار عقول وسواعد أبنائها ما يغنيها عن غيرها ويحفظ لها عزتها وكرامتها ، أما حين يسود الإهمال ويستبدُّ الكسل والخمول وينعدم الضمير فسيتجرع المجتمع مرارة ذلك ، ويسهم ذلك في تخلف الأمة برمتها.
ومن على منبر مسجد المرسي أبو العباس أوضح أ.د/ رمضان محمد محمود حسان الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر الشريف أن الله تبارك وتعالى علمنا الإتقان من خلال خلقه، فلقد خلق كل شيء بإتقان مُعجز، يقول تعالى:{…صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ}[النمل: 88]، وأوجب على الإنسان السعي نحو الإحسان والإجادة ، ونهاه عن الإفساد فقال: {…وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }[البقرة: 195] ، مبينًا أن من أشد أسباب تأخرنا وإهدار الطاقات والثروات في بلادنا وجود نوعية من الموظفين أو من العاملين في المجالات المختلفة لا يبالون بما وقعوا فيه من تقصير أو تأخر أو غياب ، يخرجون من أعمالهم قبل إنهاء ما كلفوا به من أعمال وأداء ما حُمِّلُوه من أمانة، متناسين أن هذه الأعمال أمانة سيسألون عنها يوم القيامة، {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}[الصافات: 24].
فيما أشار د/ محمد مطاوع الباحث الشرعي بديوان عام الوزارة في خطبته التي ألقاها بمسجد الشهداء بمصطفى كامل أن القرآن الكريم دعانا في كثير من آياته إلى إتقان العمل وتجويده والإخلاص في أدائه طلبًا لمرضاة الله تعالى ، ونصحًا لعباده ، وخدمة وتعاونًا بين أفراد المجتمع ، ووعد على ذلك الثوابَ العظيمَ والثناء الحسن في الدنيا والآخرة ، وبيَّن أن الإنسان وهو يزاول عملًا ما يكون تحت رقابة الله العليم بمكنونات الصدور وخفايا القلوب ، وأنه لا يغيب عنه مثاقيل الذر من أعمال العباد ، فهو سبحانه يسطرها لهم ويسجلها عليهم ويجازيهم بها يوم يلقونه، قال تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [يونس: 61]،
وفي مسجد القائد إبراهيم بين فضيلة الشيخ/ أحمد البهي أنه ينبغي على كل عامل أن يتقن عمله ويبذل فيه الجهد لإحسانه وإحكامه تعبدًا وتقربًا إلى الله تعالى قبل أي شيء آخر ، فالله عز وجل هو الذي يراه ويراقبه في عمله ، يراه في مصنعه وفي مزرعته وفي أي مجال من مجالات سعيه ، يقول تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: 105] ، موضحًا أن من أسباب تقدم غيرنا في الميادين المختلفة إتقان العمل وإحسانه وقيام كل فرد بواجبه وما يناط به من عمل على خير وجه ، فمن أتقن وأحسن تقدم وإن كان كافرًا ، ومن أساء وقصر شقي وتأخر وإن كان مسلمًا ، يقول ابن تيمية (رحمه الله): ” إنَّ اللَّهَ يُقِيمُ الدَّوْلَةَ الْعَادِلَةَ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً ، وَلَا يُقِيمُ الظَّالِمَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً”.
هذا وقد لقيت خطب الجمعة التي قام بها العلماء المشاركون في القافلة إشادةً من جموع المصلين الذين أوصوا العلماء بنقل شكرهم الجم لمعالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف على اهتمامه بالدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة.
هذا وتواصل القافلة عملها غدا بجامعة الإسكندرية في إطار التعاون البناء بين وزارتي الأوقاف والتعليم العالي .