هناك أسئلة تطرح نفسها على المثقف المصري والعربي وعلى المواطن العادي , ويجب أن نبحث لها عن إجابات شافية , منها : هل نحن جادون في القضاء على التطرف ؟ وهل نحن قادرون على ذلك وهل نمتلك الرؤية والشجاعة والإقدام وبالقدر اللازم ؟ وهل مفهوم التطرف واضح لنا أو أنه مازال متسعًا فضفاضًا لا يمكن أن نجمع عليه أو نحدد معالمه ؟
هل نستقي معلوماتنا ونبني قراراتنا بناء صحيحًا على دراسة حقيقية للواقع والوقوف على طبيعة الجماعات المتطرفة وهل ندرك أن ذلك يعد واجبًا وطنيًا وواجبًا شرعيًا إدراكا تامًا , وعن قناعة كاملة , أو أننا نعمل على مجرد إبراء الذمة وغسل اليد من حماقات هذه الجماعات ؟ وهل وصلت قناعاتنا الدينية إلى مستوى الإيمان بأننا نؤدي واجبًا دينيًا وشرعيًا ونرضى ربنا بالتخلص من شر هذه الجماعات والمنتسبين إليها ؟ وهل لدى المثقفين والوطنيين قناعة بأن المصلحة العليا للوطن تتطلب وبقوة وحسم سرعة المواجهة ؟
وهل لدينا قناعة بأن جماعة الإخوان قد صارت إرهابية حقًا , وأنها تعمل لصالح أعداء الوطن والأمة العربية , وأنها باعت نفسها للشيطان في تحقيقها مطامعها الخاصة ؟ وأنها لا تؤمن بوطن ولا وطنية ؟ وهل لدينا قناعة بأنها قد تبنت العنف والتفجير والتخريب والفساد والإفساد منهجًا ومسلكًا ؟ وأنها قد وضعت يدها في يد الكيانات الأكثر إرهابًا وتطرفًا ؟
وهل ندرك أن التستر على أعضائها والمنتمين إليها يعد خيانة وطنية أو لا ؟ وهل ندرك وبعمق أن ولاء أعضائها لا يمكن أن يكون إلا لهذا التنظيم الدولي الإرهابي , وأنهم مستعدون أن يخربوا بلادهم وأن يخونوا أقرب الناس إليهم لصالح أفكارهم التنظيمية أو لا ؟ وهل ندرك أنهم لا أمان لهم , وأنهم يستحلون الكذب , ويؤمنون بالتقية كالشيعة , وأنهم ” ميكافليون ” , فالغاية عندهم تبرر الوسيلة أو لا ؟ وهل ندرك أنهم أخذوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويلوون أعناق النصوص ويفسرونها بما يخدم أغراضهم الدنينة أو لا ؟ وهل نؤمن بأن وجود عناصرهم القيادية في المفاصل التنفيذية للدولة يشكل خطرًا على بنيان الدولة وأمنها القومي أو لا ؟ وهل لدينا الشجاعة على مواجهة هذه العناصر التي يتبنى بعضها العنف والمواجهة , وبعضها النفاق والمداهنة أو لا ؟ وهل ظاهرنا كباطننا في قوة المواجهة أو لا ؟ وإذا كنا جادين فهل ندرك أن الوقت لا يتحمل الانتظار أو التسويف أو لا ؟ وهل نؤمن أن الأمر يتطلب التخلية قبل التحلية أو لا ؟ وهل ندرك أننا لا نستطيع أن نبني بناء فكريًا مستقيمًا قبل التخلص من الهدامين أو لا ؟
وهل نؤمن بأن القضاء على الإرهاب يقتضي القضاء على الإلحاد الموجه لهدم مجتمعاتنا وتفتيت نسيجها الاجتماعي المتماسك أو لا ؟ وهل نؤمن أن القضاء على الإرهاب يقتضي القضاء على سائر الظواهر الفكرية السلبية من التشيع السياسي والفكر البهائي والتسيب والانفلات والتطاول على الثوابت أو لا ؟ وأن القضاء على التشدد واقتلاعه من جذوره يقتضي القضاء على التسيب واقتلاعه من جذوره أيضًا أو لا ؟
وهل ندرك أن الأمر مسئولية جماعية بين المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية والتربوية والإعلامية , وأننا لا يمكن أن نحمل التبعة على مؤسسة واحدة أو لا ؟ , وهل ندرك أن الأمر يحتاج إلى تنمية مجتمعية شاملة والعمل على قضاء الحوائج الأساسية للمجتمع أو لا ؟ وهل لدينا الثقة في أنفسنا بأننا قادرون على ذلك أو لا ؟ وهل هذه الثقة يتم تر جمتها إلى عمل ميداني تطبيقي واقعي أو لا ؟
إنني لعلي قناعة تصل إلى حد اليقين بأننا في حاجة إلى إجراءين هامين , أحدهما هو سرعة القضاء على الفكر المتطرف , بعدم تمكين العناصر المتطرفة من تشكيل عقول أبنائنا في أي مؤسسة من مؤسسات الدولة وبخاصة المؤسسات الدينية والثقافية والتعليمية والمنابر الإعلامية التي تؤثر تأثيرًا مباشرًا في البناء الفكري للمجتمع , كما أنني أؤكد على أهمية وضرورة عدم التمكين لأي عنصر قيادي أو منتم لهذه الجماعات من المفاصل التنفيذية للدولة , لأن وجودهم بها يشكل خطرًا داهمًا على أمننا القومي الوطني والعربي لأن أكثرهم خونة وعملاء ومأجورون , يخربون بيوتهم وبلادهم بجهلهم وحماقتهم وأنانيتهم.
أما العنصر الآخر والأهم فهو ضرورة العمل الجاد على إعادة بناء الشخصية المصرية والعربية فكريًا وثقافيًا وعلميًا وسلوكيًا , وهو ما يحتاج إلى شيئ من الوقت النسبي الذي يمكن اختزاله كلما ضاعفنا الجهد وأسرعنا الخطا في البناء , وهذا الأمر يتطلب التأكيد على مفهوم الوسطية وترسيخ القيم الإيمانية والأخلاقية والإنسانية والانتماء الوطني وأسس التعايش السلمي والتواصل الحضاري والحوار البناء , كما يتطلب إعادة هيكلة وبناء المناهج الدراسية والتعليمية والتربوية بما يفي بمتطلبات العصر والواقع في إطار الحفاظ على ثوابتنا الشرعية , كما يتطلب العمل على تنقية المناهج الدراسية من شوائب التشدد , ومن تلك الآراء التي ناسبت عصرها وزمانها ومكانها وأصبح عصرنا وزماننا ومكاننا يتطلب اجتهادًا جديدًا يراعي متطلبات العصر في ضوء الحفاظ على ثوابتنا الشرعية , كما أن الأمر الأكثر أهمية هو تطهير المؤسسات التعليمية في جميع مراحلها من المتطرفين وأصحاب الأفكار الشاذة وبخاصة تلك التي تغذي التشدد والتطرف والإرهاب والغلو والشطط في التفكير والفهم الخاطئ للدين .
وأؤكد أني سأجتهد مع قيادات الأوقاف وعلمائها وسنبذل أقصى الجهد لوضع خطة استراتيجية للبناء الفكري الصحيح والمنشود من خلال المسجد , وسننسق مع سائر الوزارات ومؤسسات الدولة , وبخاصة الأزهر الشريف بقيادة أستاذنا وشيخنا فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف , في بحث المسار الأمثل لسرعة تحقيق هذه الآمال والطموحات ومواجهة التحديات مع اعتصامنا بالله عز وجل وتمسكنا بعزيمة لا تكل ولا تمل ولا تعرف الجبن ولا الخور ولا الخوف ولا التردد ولا التوجس , إذ لا مكان في هذا العالم الذي يموج بتحديات كثيرة لجبان ولا متردد , فإما أن نكون أو لا نكون , ونحن على ثقة تامة في أن الله عز وجل ناصر دينه , ” وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ” .