*:مقالات

نور الشهيد

نور الشهيد

للشهداء نور، وللشهادة نور، إذ يقول الحق سبحانه :«والشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ»، فالشهادة اصطفاء واجتباء. يقول سبحانه :«وَلِيَعْلَمَ الله الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ».

و«الشهيد» على زنة «فعيل» فهو نبيل وشريف وكريم وعزيز ومكرم، ويكفيه نبلا أنه ضحى بنفسه من أجل الآخرين، ويكفيه عزا وشرفا ومكانة أن الله عز وجل قد قرن فى كتابه العزيز بين منزلة النبيين ومنزلة الشهداء والصديقين والصالحين، إذ يقول سبحانه: «وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ــ ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا» .

فالشهداء ليسوا أمواتًا، بل أحياء حياة عظيمة عند ربهم يرزقون ــ إذ يقول الحق سبحانه: «وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لَّا تَشْعُرُونَ». ويقول سبحانه: «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ الله أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ــ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ الله لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ».

ويقول سبحانه: «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِى التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِى بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» .

والشهيد يأتى يوم القيامة وجرحه يثب دمًا، اللون لون الدم، والريح ريح المسك .وللشهداء علينا جميعا حق، فالأوطان العظيمة هى تلك التى تحتفى بتاريخ شهدائها، وتظل تؤرخ لهم وبهم، وتذكرهم بما يستحقون من الفضل والعزة والشرف، كما أن علينا أن نتعلم من دروس الشهادة حب العطاء للوطن والاستعداد للتضحية فى سبيله، وإكرام من ضحى لأجله، ولا شيء أعز ولا أكرم من التضحية بالنفس .

على أننا نفرق ــ وبوضوح لا لبس فيه ــ بين شهيد الحق وقتيل الباطل، فالذى يدافع عن دينه وأرضه وعرضه، هو شهيد الحق، إذ يقول نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم): «مَن قُتِل دون مالِه فهو شهيدٌ، ومَن قُتِل دون أهله فهو شهيدٌ، ومَن قُتِل دون دمه فهو شهيدٌ، ومَن قُتِل دون دينه فهو شهيد»، أما من يعيثون فى الأرض فسادًا، يهلكون الحرث والنسل، يروّعون الأبرياء، ويقتلون الآمنين، يخربون الديار والأوطان، فمن قُتل منهم فهو قتيل الباطل، ذلك أن ديننا دين الخير والصلاح والإصلاح، لا يحب الفساد ولا المفسدين، إذ يقول الحق سبحانه وتعالي: «وَالله لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ».

ويقول سبحانه: «إِنَّ الله لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ»، فمن خرج إفسادا فى الأرض وإهلاكا للحرث والنسل فجزاؤه قول الله تعالي: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِى الدُّنيَا وَلَهُمْ فِى الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ».

وختامًا نوجه تحية لشهداء جيشنا وشرطتنا وكل من ضحى فى سبيل وطننا العزيز، سائلين الله (عز وجل)، أن يتغمد شهداءنا بواسع رحمته، وأن يسكنهم فسيح جناته، وأن يحفظ مصر وأهلها من كل مكروه وسوء .

اظهر المزيد

منشور حديثّا

زر الذهاب إلى الأعلى