التكافل وقت الأزمات
ديننا دين التراحم والتكافل والتكاتف في كل وقت وحين، إذ يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «مثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعاطُفِهِمْ، كمَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَداعَى لهُ سائِرُ الْجسدِ بالسهَرِ والْحُمَّى».
ويقول (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم): «مَن كان معه فضلُ ظَهرٍ فلْيعُدْ به على مَن لا ظهرَ له ومَن كان معه فضلُ زادٍ فلْيعُدْ به على مَن لا زادَ له “، ويقول (صلى الله عليه وسلم): «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكاً تلفا».
وسُئل (صلى الله عليه وسلم ): أى الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت، ومن لم تعرف»، ولمَّا قدمَ نبينا (صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ) المدينةَ فكانَ أوَّلُ شيءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ، أن قالَ: «يا أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ، وأطعِموا الطَّعامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيل والنَّاسُ نيامٌ، تدخلوا الجنَّةَ بسَلام ».
وإذا كان التكافل مطلوبًا على كل حال، وفي كل حال، فإن هناك أوقاتًا تُضاعف فيها الأعمال، إذ يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أبدًا».
ومن أهم هذه الأيام شهر عظيم، نحن مقبلون عليه، نعد العدة لحسن استقباله، هو شهر رمضان المبارك، وقد كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) أجود الناس، وأكرم الناس، كان أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود ما يكون في رمضان، فإذا كان الأمر أو الوقت وقت شدة ضُوعفت الحسنات، وبرزت أهمية التراحم والتكافل.
ويقول نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم): «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما، ستره الله فى الدنيا والآخرة، والله فى عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وما جلس قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطأ به عمله، لم يسرع به نسبه».
وإذا كان جزاء المنفقين عظيمًا يضاعف لهم سبعمائة ضعف، والله يضاعف لمن يشاء، فإن أرجى وقت تُضاعف فيه الحسنات هو شهر رمضان، ولا سيما أننا في وقت الناس أحوج ما يكونون فيه إلى التكافل والتراحم.
يقول الحق سبحانه: «مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَالله يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَالله وَاسِعٌ عَلِيمٌ». ويحذرنا سبحانه وتعالى من عاقبة كنز المال، وعدم الوفاء بحقه، فيقول سبحانه وتعالى: «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ الله فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ». ويقول سبحانه:«هَٰٓأَنتُمْ هَٰٓؤُلَآء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فى سَبِيلِ اللَّهِ فَمنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخلُ عَن نَّفْسِهِ واللَّهُ الْغَنِىُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُواْ أَمْثَلَكُم».