*:مقالات

الأسرة الصالحة

الأسرة الصالحة

استقرار الأسرة مطلب شرعي ووطني وإنساني، والأسرة الصالحة هي التي تبنى على المودة والرحمة، فقد جعل الله (عز وجل) للحياة الزوجية قدسية خاصة، وسن لها من الحقوق والواجبات ما يضمن استقرارها واستدامتها، وقد سمّى الله (عز وجل) الزواج ميثاقًا غليظًا، ليؤكد خطورة هدمه ونقضه، حيث يقول سبحانه: «وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظًا»..

ويقول سبحانه: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْم يَتَفَكَّرُونَ»، على أن الخطاب هنا ليس للرجال فحسب، بل هو للرجال والنساء على حد السواء ، فالرجل زوج المرأة والمرأة زوج الرجل، ولم يرد فى القرآن الكريم ذكر لفظ (الزوجة) على الإطلاق لا في حالة الإفراد ولا فى حالة الجمع، ليجعل النص القرآني من التكافؤ اللغوي نظيرًا للتكافؤ المعنوي بين الرجل والمرأة ، فالرجل شريك المرأة، والمرأة شريك الرجل حيث يقول الحق سبحانه: «هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ»، ويقول سبحانه: «وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ»، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (أَلَا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا) فهي عملية متكافئة فى الحقوق والواجبات، وعبر النص القرآنى بقوله تعالى: «لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا» إشارة وتنبيها على ما يجب أن تكون عليه الحياة الزوجية من السكينة والطمأنينة والاستقرار، ثم قال سبحانه: «وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً» تحقيقا لأعلى درجات الترابط والتراحم الأسرى والإنساني بين الأزواج .

وقد أمرنا الحق سبحانه بحسن العشرة فقال سبحانه: «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا»، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «(لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ».

وإذا كان الله قد أمرنا أن نقول الكلمة الحسنة للناس جميعًا حيث يقول سبحانه: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً» فأولى الناس بالكلمة الطيبة الزوج لزوجه والزوجة لزوجها، ومن لا خير فيه لأهله لا خير فيه، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ»، ويقول (صلى الله عليه وسلم): «دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فى سبيلِ اللَّه، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فى رقَبَةٍ، ودِينَارٌ تصدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ علَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذى أَنْفَقْتَهُ علَى أَهْلِكَ».

فإذا ما حدث خلاف فى بعض الأمور أو طرأ عارض لأى من الزوجين كان على الآخر أن يلتمس له العذر، وأن يتذكر ما كان من جميل العشرة، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: «وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ»، وأن يتفادى الجميع الوصول إلى مراحل الشقاق والانفصال، وما يترتب على الطلاق من مخاطر تدمير البيت وتفكك الأسرة، وما لذلك من آثار سلبية ، ولا سيما الأبناء بما يسبب لهم انفصال الوالدين من مشكلات نفسية واجتماعية واقتصادية، مما يسهل انحرافهم السلوكي أو استقطابهم من قبل جماعات التطرف والإرهاب، وليعلم الجميع أن الشيطان رابض متربص لمثل هذه الساعات التى يسيطر فيها الغضب على الزوجين أو على أى منهما، حيث يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يجئ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا قَالَ ثُمَّ يَجِىءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ – قَالَ – فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ».

اظهر المزيد

منشور حديثّا

زر الذهاب إلى الأعلى