رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين بالمنوفية: القرآن الكريم كتاب علم وهداية ومعرفة المكي والمدني منه تؤكد أهمية التنوع والتدرج في الخطاب الدعوي

رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين بالمنوفية:

القرآن الكريم كتاب علم وهداية
ومعرفة المكي والمدني منه تؤكد أهمية التنوع والتدرج في الخطاب الدعوي

عُقدت المحاضرة الثانية للدورة التدريبية المشتركة لأئمة وواعظات بوركينا فاسو بأكاديمية الأوقاف الدولية لتدريب الأئمة والواعظات وإعداد المدربين اليوم الاثنين الموافق 30 مايو 2022م للأستاذ الدكتور/ رمضان عبد العزيز عطا رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين بالمنوفية، وكانت المحاضرة بعنوان: “علوم القرآن”، بحضور الدكتور/ أشرف فهمي مدير عام الإدارة العامة للتدريب بوزارة الأوقاف.
مؤكدًا أن علوم القرآن تشمل جميع العلوم المتعلقة والمستنبطة من القرآن الكريم، حيث إن أول ما نزل من القرآن الكريم هو قول الله ( تبارك وتعالى) : “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ”، فالقرآن الكريم هو كتاب علم وهداية، فمن أراد العلم والثقافة فلابد عليه أن يقرأ القرآن الكريم، لأن الله (عز وجل) جمع فيه أصل كل علم، حيث يقول سبحانه: “وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ”، فمثلًا نجد فيه ما يشير إلى علم الحساب كما جاء في آية المواريث، من قول الله (تبارك وتعالى): “يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا”، كما نجد فيه ما يشير إلى علم الجغرافيا، كما في قول الله (سبحانه وتعالى): “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ”، والعالم في أي مجال لابد أن يتوصل في النهاية إلى وجود الله وعظيم صنعه، يقول الله (عز وجل): “وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ”، مؤكدًا أن علوم القرآن الكريم وأسراره لا تنتهي ولا تنقضي، حيث يقول الله (عز وجلّ): “وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ “.
كما أشار إلى أهمية معرفة علم المكي والمدني في القرآن الكريم، فمن خلاله يُتوصل إلى الفهم الصحيح للقرآن الكريم، و الوقوف على سُنة الله الحكيمة في تشريعه، وتذوق أساليب القرآن الكريم، والاستفادة منها في مجال الدعوة، مما له الأثر الكبير في تلقي الخطاب الدعوي بالقبول، وهو علم يؤكد أهمية التنوع والتدرج في الخطاب الدعوي، وهو ما يدفع الإمام أو الواعظة إلى التنوع في الخطاب الدعوي على مقتضى حال المستمعين، فالقرآن المكي يركز على جوانب العقيدة من الإيمان بالله (عز وجل) وإثبات نبوة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، كذلك الرد على المشككين لقضية البعث كما حكى القرآن الكريم حالهم في قوله (سبحانه وتعالى):” وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ “، ويرد عليهم القرآن الكريم في تشكيكهم لقضية الخلق في قوله (تعالى): “نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ”.
وأكد أن من سمات المرحلة المكية الحديث عن أحداث يوم القيامة، وتأكيد الإيمان بالبعث والنشور، يقول الله (عز وجلّ): “قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ”، وفي الجانب الآخر، فإن القرآن المدني يتناول الحديث عن التشريع، وبيان أمر المنافقين وأعمالهم، مختتمًا حديثه بأنه ينبغي أن يكون الخطاب الدعوي يجمع ولا يفرق، حتى تؤتي الدعوة ثمارها المرجوة.