الدكتور/ هاني تمام : الوقوف عند حرفية النص وظاهره يوقع في المزالق ونحن في حاجة ملحة إلى قراءة النصوص في ضوء واقعنا الراهن ومتغيراته ومستجداته
الدكتور/ هاني تمام :
الوقوف عند حرفية النص وظاهره يوقع في المزالق
ونحن في حاجة ملحة إلى قراءة النصوص في ضوء واقعنا الراهن ومتغيراته ومستجداته
في إطار فعاليات اليوم الأول للدورة التدريبية المشتركة لأئمة وواعظات بوركينا فاسو بأكاديمية الأوقاف الدولية عُقدت المحاضرة الثالثة للدكتور/ هاني تمام أستاذ الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، وكانت المحاضرة تحت عنوان: “الفهم المقاصدي للسنة النبوية”، وقدم للمحاضرة الدكتور/ أشرف فهمي مدير عام الإدارة العامة للتدريب.
وفي محاضرته أكد الدكتور/ هاني تمام أن الوحي الشريف ينقسم إلى قسمين: القرآن والسنة، وأن كلًا منهما له مقاصده وغاياته التي ينبغي أن تحقق، وأن المسلم لابد أن ينظر إليها نظرة تدقيق، وليس نظرة حفظٍ فقط، فليس الغرض من إنزال القرآن الكريم ومن أقوال النبي (صلى الله عليه وسلم) مجرد الحفظ، وإنما الفهم، ثم التدبر، ثم العمل، حتى يتعرف المسلم على دينه التعرف الصحيح، إذ إنّ الوقوف عند حرفية النص وظاهره يوقع في المزالق، وأنه هو ما أوقع الخوارج في الماضي والحاضر في موقف الجمود، فاستحلوا بذلك دماء المسلمين، وبَثُّوا أفكارهم الذميمة في المجتمع، وأن أكبر جريمة ارتكبها هؤلاء الخوارج هي جريمة حرفية النص، وقد نزل القرآن الكريم ليعمل به، يقول الحسن البصري (رحمه الله): “نزل القرآن ليُتَدَبَّر ويعمل به؛ فاتخذوا تلاوته عملاً”، ولذلك فإن العمل لابد أن يكون بعد وجود الفهم الصحيح المنضبط الذي يتوافق مع مقصود الشارع من هذه النصوص الشرعية، مشيرًا إلى أن بعض الجماعات المتطرفة قد قامت بقراءات انتقائية مجتزأة للتراث بما يخدم أيدولوجيتها، متجاهلين كثيرًا من الآراء الواعية المستنيرة التي تحتم علينا أن ننقب عنها وأن نقف عندها بأناة، بما يكشف زيف هذه الجماعات المتطرفة وقراءتها الانتقائية المغرضة من جهة.
وبَيَّن الدكتور/ هاني تمام أن الحكم الشرعي هو النتاج الحاصل عند فهم النص والقاعدة الفقهية، لأنه من خلال القواعد الفقهية نستطيع أن نصل إلى مقاصد النصوص، كقاعدة “الأمور بمقاصدها” وهي قاعدة علمية رصينة منضبطة تساعدنا على فهم كثير من الأدلة، وتعني أن الأمر التكليفي حكمه يتبع مقصده، وغايته، وثمرته، كما بين أن معرفة الأحكام لا يتأتى إلا من خلال وجود الدليل وهو النص الشرعي من قرآن وسنة مع معرفة القواعد الفقهية، فحكمنا مثلًا بأن الصلاة واجبة إنما نتج من خلال وجود النص وهو قول الله (عز وجلَّ) : “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ”، فهذا دليل شرعي فيه الأمر بإقامة الصلاة، وقد أفاد هذا الدليل بالوجوب لوجود القاعدة الفقهية التي تقتضي أن “الأمر يفيد الوجوب”، مؤكدًا على أهمية توافر أدوات الفهم والاستنباط اللازمة لمعرفة النصوص الشرعية، ومنها علم اللغة العربية فهي اللغة التي نزل بها القرآن، ولا بد من الانضباط بقواعدها.
وأكد الدكتور/ هاني تمام أستاذ الفقه على أهمية معرفة اللغة العربية وأثرها في فهم النص الشرعي من القرآن الكريم والسنة النبوية، محللا بعض النصوص التي قد يوهم ظاهرها خلاف المراد والتي يستغلها المتطرفون في تقوية مواقفهم، كما أشار إلى أهمية الجمع بين النصوص وأن لا تفهم النصوص الشرعية بعيدًا عن إدراك الواقع.