تحذير الأنام من هجر القرآن
تحذير الأنام من هجر القرآن
أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف
القرآن الكريم كلام رب العالمين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهـو أحسن الكلام وأجمــله ، وأصـدق الحــديث وأبلغـه ، وأحسن القصـص وأعـذبه ، يقول الحق سبحانه: ” نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ” (يوسف:3) ، ويقول سبحانه: ” الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ الله ذَلِكَ هُدَى الله يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ” (الزمر:23).
وهو عِزُّ هذه الأمة وشرفها ، يقول الحق سبحانه:” لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ” (الأنبياء:10) ، ويقول سبحانه وتعالى: “وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ”(الزخرف:44)، وهذه الأمانة وتلك المسئولية تحتم علينا خدمة كتاب الله (عزّ وجلّ) ، والعناية به وبأهله ، حفظًا ، وتجويدًا ، وتلاوة ، وترتيلًا ، وفهمًا ، وتطبيقًا ، سواء في جانب المداومة على التلاوة والتحذير من هجره أو نسيانه ، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: “وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا” (الفرقان:30) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ ، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإِبِلِ في عُقُلِهَا” (متفق عليه)، أم في جانب المداومة على الحفظ والتذكر والحث عليه ، يقول نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم): “مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ الله فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ ” (سنن الترمذي) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ، وَارْتَقِ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا ” (سنن أبي داود) .
على أن الهجر لا يقف عند حدود هجر التلاوة أو نسيان الحفظ ، إنما الهجر الأكبر هو أن نحفظ القرآن ولا نعمل به ، أو أن يكون حفظنا في جانب وسلوكنا في جانب آخر .