*:*الأخبارأخبار الأوقاف2

افتتاح دورة اتحاد الإذاعات الإسلامية بأكاديمية الأوقاف الدولية “المواطنة والسلام المجتمعي والعالمي” وزير الأوقاف: الهوية الإسلامية لا تتناقض مع الهوية الوطنية بل تدعمها ومصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان والجماعات الإرهابية لا يمكن أن تعمل في ظل دولة قوية مستقرة

افتتاح دورة اتحاد الإذاعات الإسلامية بأكاديمية الأوقاف الدولية
“المواطنة والسلام المجتمعي والعالمي”
وزير الأوقاف:
الهوية الإسلامية لا تتناقض مع الهوية الوطنية بل تدعمها
ومصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان
والجماعات الإرهابية لا يمكن أن تعمل في ظل دولة قوية مستقرة
ويؤكد :
واجبنا العمل على استصدار قوانين دولية مُلزمة لمن يتطاول على ديننا أو على مقدساتنا
ودورنا كعلماء وإعلاميين هو البلاغ وليس الهداية ولا الحساب
مفتي الجمهورية :
الإعلام رسالة سامية ووسيلة فعالة في نشر القيم ونشر الأخلاق والاستنارة للعالمين
والإعلام الراقي هو ركيزة أساسية من ركائز تقدم الأمم والشعوب
وحضارات الأمم والشعوب تقاس بمدى ما يتمتع به إعلامها من مصداقية في رسالته
ويؤكد :
رسالة الإعلام إذا تكاملت مع الرسالة العلمية والتربوية أنتجت جيلا ناضجا علميًّا وعقليًّا
رئيس اتحاد الإذاعات الإسلامية:
نشكر الأوقاف على تقديمها برنامجًا تدريبًّا متميزًا لبناء الوعي الديني الرشيد
وهذه الدورة حلقة في سلسلة الدورات التي بدأنا في تنفيذها
ونهدف إلى تعزيز قدرات السادة الإعلاميين المهنية
ويؤكد:
يتقدم المجتمع حين يقوم الإعلام فيه بدوره التنويري
والإعلام سلاح فاعل ومؤثر ذو حدين
*****************************
في إطار دور وزارة الأوقاف المصرية في نشر الفكر الوسطي المستنير داخل مصر وخارجها، افتتح معالي وزير الأوقاف أ.د/محمد مختار جمعة الدورة العلمية الدولية لاتحاد الإذاعات الإسلامية اليوم السبت 14 مايو 2022م بأكاديمية الأوقاف الدولية لتدريب الأئمة والواعظات وإعداد المدربين بمدينة السادس من أكتوبر ، بحضور كل من أ.د/ شوقي علام Grand Mufti of Egypt مفتي جمهورية مصر العربية ، والدكتور/ عمرو الليثى – Amr Ellissy رئيس اتحاد الإذاعات الإسلامية ، والأستاذ/ محمد نوار رئيس الإذاعة المصرية، و الدكتور حسام موافي رائد الطب الباطني أستاذ أمراض الباطنة بكلية الطب جامعة القاهرة، وبمشاركة نخبة ممتازة من رؤساء ووكلاء ومديري الإذاعات الإسلامية وكبار المسئولين و المذيعين باتحاد الإذاعات الإسلامية، وعدد من قيادات وزارة الأوقاف وعدد من السادة الإعلاميين ووسائل الإعلام.
وفي مستهل افتتاح الدورة دعا أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف الحاضرين للوقوف دقيقة حدادًا على روح المغفور له سمو الشيخ/ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.
وفي كلمته رحب أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بفضيلة أ.د/ شوقي علام مفتي الجمهورية ، كما رحب بالدكتور/ عمرو الليثي رئيس اتحاد الإذاعات الإسلامية ، والسادة ضيوف مصر الكرام والأئمة والواعظات والإعلاميين وممثلي وزارة الخارجية ، مؤكدًا أن موضوع هذه الدورة ذو طابع إسلامي خاص ، حيث تدور حول “المواطنة والسلام المجتمعي والعالمي” ، مؤكدًا أن المواطنة لا تتناقض مع العمل الإسلامي المشترك ، بل يدعمان بعضهما ويغذي أحدهما الآخر.
مشيرًا إلى أن مفهوم الوحدة الإسلامية عام وشامل ، حيث يضم تحت لوائه فيما يخص هذه الدورة اتحاد الإذاعات الإسلامية ، والتي تضم بدورها جميع دول مؤتمر العالم الإسلامي ، وهذا يُشكل نوعًا من أنواع الوحدة الإسلامية ، مبينًا أن الوحدة الإسلامية يتنازعها تياران ؛ الأول: تيار عقلاني وموضوعي وواقعي وشرعي ويتمثل في مثل هذا الاجتماع وهو أن يتعاون المسلمون في قضاياهم المشتركة ، سواء التعاون في المجال الاقتصادي بين الدول الإسلامية ، أم التعاون الثقافي في مثل هذه الدورات واللقاءات ، وتوحيد الرؤى والأهداف ، أو توحيد المواقف أمام المؤسسات الدولية ، فيكون لدينا رأي موحد أمام المحافل الدولية إذا واجهنا أمرًا يمس شرعنا وديننا ، كأن نتقدم بميثاق دولي مُلزم لتجريم الإساءة للأديان والمقدسات وليس الإسلام فقط ، وعندما يتم التطاول على مقدساتنا بمثل ما حدث في الرسوم المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم) ، أو المحاولات الآثمة والمتكررة لحرق المصحف الشريف ، بأن يكون لنا صوت إعلامي وثقافي واحد نُشعر الناس بغيرتنا على ديننا ، ونسعى جميعًا لتجريم مثل هذه الإساءة ، ومحاولة إصدار قوانين دولية مُلزمة لمن يتطاول على ديننا أو على مقدساتنا ، إذًا فوحدة الصف الإسلامي من هذا المنطلق بما يخدم قضايانا الإسلامية ، وهذا هو التيار العقلاني الموضوعي ، أما التيار الآخر وهو الذي تاجرت به الجماعات الإرهابية والمتطرفة تحت دعوتهم إلى ما يُسمى بدولة الخلافة وهي في منظورهم جمع المسلمين جميعًا في دولة واحدة وعلم واحد وحاكم واحد ، وهذا أمر خارج عن العقل والمنطق والموضوعية، فكيف نطلب من جميع المسلمين في العالم أن يتركوا أوطانهم ويتكتلوا في منطقة جغرافية واحدة ، وهذا أمر غير قابل للتطبيق فلمن يكون ولاؤهم وهم في دولة أخرى؟
مؤكدًا أن مفهوم الدولة الآن له تشابكات كبيرة ، فما يحدث في دول العالم من حروب الآن لا يؤثر على المحيط الجغرافي لهذه الدول فقط وإنما يؤثر على العالم كله ، فمفهوم الدولة وتشابكات وتعقيدات الدولة الحديثة أمر مختلف تمامًا ، فالإسلام لم يضع قالبًا جامدًا ثابتًا لنظام الحكم ، وحين يطالب الشباب بالحكم بشرع الله فنحن كذلك أيضا نحب أن نحكم بشرع الله ، وهنا نسأل سؤالا وهو ما الذي لا نحكم فيه بشرع الله؟ فحين نطالع حديث الإسلام : “بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ شَهادةِ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّهِ وإقامِ الصَّلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ وصَومِ رمضانَ وحجِّ البيتِ لمنِ استطاعَ إليهِ سبيلًا”، فهذه هي أركان الإسلام الخمسة ، هل نص النبي (صلى الله عليه وسلم) فيها على قضية الخلافة ، وحديث الإسلام والإيمان : “أن تؤمنَ باللهِ وملائكتِهِ وكتبِهِ ورسلِهِ ولقائِهِ و القدرِ خيرِهِ وشرِّهِ أُرَاه قال : وحلْوِهِ ومُرِّهِ قال : صدقْتَ فقال النبيُّ هذا جبريلُ جاءَكم يعلِّمُكم أمرَ دينِكم” ، فلا هي من أركان الإسلام ولا من أركان الإيمان ، ولو كانت أصلا لتضمنتها هذه الأحاديث النبوية الصحيحة ، فما جاء في شأن الخلافة يحمل على أن يكون هناك نظام حاكم للناس ، وأن لا يترك الناس فوضى ، فلم يضع الإسلام تفاصيل دقيقة لنظام الحكم وإنما وضع ضوابط للحكم الرشيد ، منها: تحقيق العدل ، فغاية الحكم الإسلامي العدل بين الناس ، كما أنه يعمل على منع الفساد بكل أنواعه سواء أكان رشوة أم محسوبية أيًّا كان نوع الفساد ، كما أنه حكم يوفر حرية المعتقد ولا يضيق على الناس في إقامة شعائرهم ، كما أنه حكم يسعى لقضاء احتياجات الناس الحياتية ، فأي حكم يوفر هذه الأمور فهو حكم رشيد سمه بعد ذلك ما شئت ، ففي أي دين من الأديان لا يختلف اثنان على ضرورة هذه الضوابط لكل الشعوب.
مؤكدًا أن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان ، وأن الجماعات الإرهابية اتخذت من الهجوم على الأوطان خطًا ثابتًا ، لأنهم لا يمكن أن يعملوا في ظل دولة قوية مستقرة فهم لا يعملون إلا في الدول الرخوة اقتصاديًّا أو أمنيًّا ، فهم لا يبنون جماعاتهم إلا على أنقاض الدول ، والتجربة خير شاهد ، فعندما تتعرض الدول لهزة أمنية أو اقتصادية تنشأ هذه الجماعات ، والدول المستقرة لا مجال لعمل الجماعات فيها لذلك هم أعداء الاستقرار والأمن ودورهم هو زعزعة هذا الاستقرار ، إذًا الهوية الوطنية لا تتناقض أبدًا مع الوحدة الوطنية.
مشيرًا إلى أن الهوية الإسلامية ليست هوية انعزالية بل على العكس ؛ فهي هوية تعايش ، وميثاق المدينة خير شاهد فديننا دين التعايش وقبول الآخر ، يقول الحق سبحانه : “لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ” ويقول سبحانه: “أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ” ، بل إن جمع الناس قسرًا تحت هوية واحدة عكس سنة الله في الكون ، ودورنا كعلماء وإعلاميين هو البلاغ وليس الهداية ولا الحساب يقول سبحانه : “إِنْ عَلَيْكَ إِلا الْبَلاغُ” لكن للأسف يقوم البعض بتنصيب نفسه حاكمًا على الناس أو الحكم على الناس بالتكفير ، كما تقوم به هذه الجماعات ، وكأنه يملك الجنة والنار ، فالحساب الدنيوي مجاله القانون والحساب الأخروي أمره إلى الله ، فلو آمنت أن دورك هو البلاغ فلا تذهب نفسك عليهم حسرات “إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ”، دورنا إذن هو البلاغ والتعايش فلو لم نعامل الناس بما يجب أن نكون عليه من السماحة كيف ننشر ديننا ويعلم الناس سماحة ديننا.
مؤكدًا أن الهوية الإسلامية لا تتناقض مع الهوية الوطنية ولا تتناقض مع العيش الإنساني المشترك ، فالدول ذات الأقلية المسلمة يجب على المسلم أن يكون وفيًا فيها لوطنه، سواء أكان يعيش في دولة ذات أغلبية مسلمة أم دولة ذات أقلية مسلمة، فيجب عليك أن تكون وفيًّا لوطنك هذا فقه العيش المشترك .
وفي ختام كلمته أشار معاليه إلى أننا مع قامات إعلامية وثقافية كبيرة مؤكدًا على ضرورة الاهتمام بالعلم من المهد إلى اللحد ، ومن المحبرة إلى المقبرة ، وبالنهاية : “وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا” ، “وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ” ، ففي مجال العلم والثقافة مهما كان علمك ومهما كانت ثقافتك ومهما كانت خبراتك فحيث تتوقف عن التحديث والتطوير والتعلم يسبقك الزمن ويسبقك الآخرون ، في زمن شديد التصارع كثيف المعلومات ، فمن اعتمد على خبراته ربما خانته أو توقفت به عند حد معين ، ولذا كان الشافعي (رضي الله عنه) يقول:
أأََبيتُ سَهرانَ الدُجى وَتَبِيتُهُ
نَوماً وَتَبغي بَعدَ ذاكَ لِحاقي
وكان المتنبي يقول:
كلامي منطق العربي الأصيل
وَكانَ بِقَدرِ ما عانيتُ قيلي
وَلَيسَ يَصِحُّ في الأَفهامِ شَيءٌ
إِذا اِحتاجَ النَهارُ إِلى دَليلِ
وكان أبو فراس يقول:
وَنَحنُ أُناسٌ لا تَوَسُّطَ عِندَنا
لَنا الصَدرُ دونَ العالَمينَ أَوِ القَبرُ
تَهونُ عَلَينا في المَعالي نُفوسُنا
وَمَن يخَطَبَ الحَسناءَ لَم يُغلِها المَهرُ
مؤكدًا أن مهر الثقافة والعلم أن تظل إلى آخر نفس تتعلم ، وقالوا الناس عندنا يتحدثون يدونون أفضل ما يقرأون ، ويقولون أفضل ما يحفظون ، فعلى قدر ما تكون من حصيلة علمية وثقافية تستطيع أن تؤدي ، والإنسان مهما كبرت سنه يظل في حاجة إلى طلب العلم، وإلى أن يتعلم لغات الآخرين ، فمن قال لا أعلم قلنا له تعلم ، ومن قال لا أستطيع قلنا له حاول ، ومن قال مستحيل قلنا له جرب.
وفي كلمته أكد الأستاذ الدكتور/ شوقي علام مفتي جمهورية مصر العربية أن الإعلام رسالة سامية ، وهو وسيلة فعالة في نشر القيم ونشر الأخلاق والاستنارة للعالمين ، ولا ريب أن الإعلام الراقي هو ركيزة أساسية من ركائز تقدم الأمم والشعوب ، فهو من أهم مؤسسات صناعة وتشكيل الوعي والاستنارة ، فحضارات الأمم والشعوب تقاس بمدى ما يتمتع به إعلامه من مصداقية في الرسالة ، وسمو في الغاية ونبل في الهدف ، بلا ميل ولا تحزب لغير الحق والحقيقة ، فالإعلام الجاد الذي غايته إظهار وعي الحق والوصول إلى الحقيقة عامل أساسي من عوامل نهضة الأمم وتقدمها ، كما أن تشكيل الوعي الصحيح والفهم المستنير يسهم فيه الإعلام بنصيب وافر ، حيث يقوم هذا الإعلام على إزالة كل ما يعلق بالعقل والوعي من شائعات وأوهام وأكاذيب وأضاليل ، وكذلك محاربة كل ما من شأنه تزييف العقل في الجوانب العلمية أو الدينية أو السياسية.
مشيرًا إلى أن هذه الضلالات من شأنها استهلاك طاقة العقل وطاقة الإنسان في ما لا يجدي ولا يفيد ، وقد تجره تحت ستار من العقائد الآثمة إلى ارتكاب الجرائم الإرهابية والأعمال التخريبية على الرغم من أن مرتكب هذه الأعمال الآثمة ربما يحمل أرقى الشهادات العلمية لكنه عرض نفسه لإلغاء نعمتي العقل والعلم معًا ، فحين عرض نفسه لهذا الكم من الشبهات والأفكار الزائفة بتلقيه المعلومات من غير المتخصصين ، فقضية التخصص ركيزة أساسية في هذا الشأن ولا يقتصر على مجال دون مجال بل لا بد من مراعاتها في كل المجالات ، فمن لجأ إلى غير الاختصاص فقد البناء المنهجي العلمي وازدادت العشوائية عنده ، وازداد عندهم عدم تحملهم المسئولية في التعليم والإفتاء مع الغياب التام أو التغييب عن إدراك الواقع والمتغيرات ، وأنه لابد أن تقوم مؤسسات صناعة الوعي وصياغة العقل بإعادة البناء ، أولا بهدم أسس الزيف التي رسخها هؤلاء وإزالة هذا الركام من الأفكار التي بثتها تلك الجماعات المتطرفة عبر عشرات السنين من خلال العديد من الأبواق الإعلامية والأذرع الدعائية الموازية لإعلامنا الرسمي المؤسسي الجاد.
مؤكدًا أنه من الضروري أن تكون رسالة الإعلام وهو في طريقه لبناء وتشكيل الوعي أن يقوم بحملات متعددة الوسائل لتصحيح المفاهيم الخاطئة ، وأن يلاحق الشائعات والأكاذيب التي تطلقها الأبواق الدعائية المضادة التي تعمل على تشويه صورة الدين والوطن ، ولا شك أن هدم كل هذه الأكاذيب هي معركة للإعلام في المقام الأول ، فالإعلام الجاد يلتزم المصداقية والجدية ، وتفنيد الشبهات وتصحيح المفاهيم والأفكار وهو ما يطلق عليه في اصطلاح علماء الشريعة التصفية أو التخلية ، فالتخلية قبل التحلية ، فمقاصد الشريعة الستة أتى التشريع كاملا للحفاظ عليها بالبناء على أرض الواقع ، ومواجهة التحديات التي تحاول هدم بناء الأمة ، وقد اتخذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من أول لحظة كتبة للوحي ، ثم أتى بعد ذلك دراسة الحديث وفق منظومة توثيقية لعلماء المسلمين لم يسبقوا إليها فالعقلية المسلمة عقلية توثيقية لا تلتفت للشائعات، فنحن في حاجة إلى البناء الصحيح في كل ما يتعلق بطبيعة الإسلام العالمية السلمية التي تحسن ربط المسلم بالآخرين ، مع عدم الاقتصار على العلم الشرعي ، حيث إن القرآن دعانا إلى النظر في الكون والآفاق قال تعالى : ” قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا” ومن هنا قال علماء التوحيد : أول واجب على المكلف هو النظر الموصل إلى المعرفة بالله (عز وجل) المبنية على الدلائل القاطعة والبراهين الساطعة ، فالعلوم التجريبية والشرعية يقومان على التلقي من العلماء المتخصصين ، والتيارات المتشددة تخاصم العلم وتعادي العلماء وقد كان العلماء المسلمون قبل ظهور هذه التيارات المنحرفة يصدرون العلوم والحضارة الإسلامية إلى العالم كله، ومنهم ابن رشد الحفيد الذي كتب في كل شيء، في الفقه والطب وسائر العلوم، فالعلوم الشرعية والتجريبية تؤديان إلى المعرفة الحقيقية بالله (عز وجل) ، وكان رجالات أوروبا يرسلون أبناءهم لتعلم شتى أنواع الفنون ، فالذي يفرق بين حالنا قديمًا وحديثًا هو حالة الوعي والعقل الذي لم يُلوث بالأفكار الإرهابية المتطرفة ، ونحن اليوم نعيش في تلوث فكري أنشأته تلك الجماعات الإرهابية ، لأنهم بنوا أفكارهم على مجرد أفكار مغلوطة ولم يعودوا إلى أهل الاختصاص ، مؤكدًا أن رسالة الإعلام إذا تكاملت مع الرسالة العلمية والتربوية أنتجت لنا أجيالًا ناضجة في عقولها وعلومها ، وانتجت لنا شعوبًا مستعصية على قبول الشائعات والأكاذيب ومؤسسات وطنية تعمل ليل نهار لرفعة هذا الوطن ، فعلينا جميعًا أن نسهم في صناعة وتشكيل العقل المسلم على أسس علمية صحيحة.
وخلال كلمته وجه الدكتور/ عمرو الليثي رئيس اتحاد الإذاعات الإسلامية الشكر للأستاذ الدكتور/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف على التعاون البناء بين وزارة الأوقاف واتحاد الإذاعات الإسلامية في أول دورة من نوعها تعقد على أرض الكنانة وفي هذا الصرح العلمي المتميز للإعلاميين باتحاد الإذاعات الإسلامية من واحد وعشرين دولة.
مؤكدًا أن اتحاد الإذاعات الإسلامية يضم في عضويته 57 دولة إسلامية ، لتشكل أكبر اتحاد إعلامي في العالم الإسلامي ، موجهًا الشكر لكل زملائه الضيوف منسوبي الإذاعات والهيئات الإعلامية بالدول أعضاء الاتحاد، والذين شرفوا مصر بوجودهم الكريم، مثمنًا حضورهم، متوجهًا إلى الله تعالى بتعظيم الإفادة والنفع من هذا الجمع العلمي الرصين.
مشيرًا إلى أنه من خلال عمله الإعلامي أكاديميًّا وعمليًّا لما يربو على عقدين ونصف يستطيع أن يؤكد أن للإعلام قوة لا محدودة في بناء الأمة والتأثير في المجتمع ، فلا يمكن للمجتمع أن يتقدم إلا إذا قام الإعلام فيه بدوره التنويري ، فالإعلام سلاح فاعل ومؤثر ذو حدين ، إذا أحسنا استخدامه كان نعمة تنهض بالمجتمعات وتنشر فيها كل القيم والأخلاقيات السمحة التي يحثنا عليها ديننا الحنيف.
موضحًا أنه في ظل ما نشهد من آليات ووسائط إعلامية مستحدثة لا تزال الوسائط المسموعة والمرئية من أبرز وسائل الإعلام الجماهيري انتشارًا، وأكثرها قدرة على التأثير على الرغم من المنافسة الشديدة والمنقطعة النظير التي تواجهها مع ظهور الوسائط الإعلامية الأخرى المستحدثة ، والتي ذاع صيتها في السنوات الأخيرة مع تعاظم دور الشبكات العنكبوتية وما تبعها من آثار أصبحت واضحة جلية للجميع، من هنا كانت الرؤية الموحدة والمؤكدة وهي تنمية وتحديث الآليات الإعلامية كي تبقى قادرة على المواكبة والتأثير والاستمرار في مواجهة غزو الآليات الأخرى.
مؤكدًا أنه من أهم أهداف الاتحاد الحفاظ على الهوية الإسلامية ونشر قيم ديننا الحنيف ، وتحقيق التواصل الفعال بين الإذاعات الإسلامية ، وإتاحة التبادل البرمجي والتنسيق فيما بينهم، إضافة إلى توفير الدعم اللوجيستي والتقني المحرك لهذا التكامل.
مشيرًا إلى أنه لا تزال جهودنا متكاتفة وفاعلة في هذا الاتجاه، مع عدم إغفال الركن الأجل الأرسخ في هذا المضمار ألا وهو الإنسان من خلال تسليحه بالمعرفة الصحيحة، وتعزيز قدراته ، بما يكلل تلك الجهود بالمردود الإيجابي المؤثر وأن الجميع قد تفاعل وتعاون لتحقيق هذه الأهداف الراسخة، مشيرًا إلى دور وزارة الأوقاف الفاعل في ذلك.
موضحًا أن الاتحاد شهد خلال السنوات الماضية العديد من الدورات التدريبية لمديري إذاعات القرآن الكريم، وأيضًا دورات تدريبية في مجالات أخرى تعنى بفنون التليفزيون وعلوم الإعلام، حيث تم عقد اتفاقيات مع وزارة الأوقاف ومشيخة الأزهر على تنظيم دورات تدريبية لمقدمي البرامج، سواء مسموعة أو مرئية، في وسائل الإعلام العربية والإسلامية داخل مصر، لصقل إمكاناتهم علميًّا وعمليًّا ، وتعزيز قدراتهم المهنية بأحدث وسائل التدريب والأساليب العلمية، مقدمة لهم من خلال صفوة من الكوادر الأكاديمية المهنية المتميزة.
مؤكدًا أن هذه الدورة هي حلقة في سلسلة الدورات التي بدأنا في تنفيذها من خلال دعم منقطع النظير من معالي رئيس المجلس التنفيذي أ.د/ماجد القصب وترحيب مكافيء من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة ، حيث تم الإعداد لهذه الدورة بعناية فائقة، حرصنا في برنامجها على شمولية موضوعاتها وحداثة محاضراتها، آملين أن تكون إضافة مهنية للسادة الحضور.
وفي ختام كلمته وجه الشكر لكل فريق العمل الذي كان حريصًا كل الحرص على إخراج هذه الدورة في صورتها الحالية، غير غافلين عن البرنامج السياحي المصاحب، متمنيًا للمشاركين قضاء دورة مفيدة وأوقات ساحرة في القاهرة العامرة.
اظهر المزيد

منشور حديثّا

زر الذهاب إلى الأعلى