في الحلقة العاشرة من ملتقى الفكر الإسلامي بعنوان : ” قيمة التسامح” العلماء يؤكدون : التسامح بين الناس طلاقة الوجه واستقبال الناس بالبشر ومبادرتهم بالتحية والسلام
في الحلقة العاشرة من ملتقى الفكر الإسلامي
بعنوان : ” قيمة التسامح”
العلماء يؤكدون :
التسامح بين الناس طلاقة الوجه
واستقبال الناس بالبشر ومبادرتهم بالتحية والسلام
في إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام لنشر الفكر الإسلامي الصحيح ، ومواجهة الفكر المتطرف ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، أذيعت مساء الاثنين 10رمضان 1443هـ , الموافق 11/ 4 / 2022م الحلقة العاشرة لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، وجاءت بعنوان : ” قيمة التسامح” ، حاضر فيها كل من : الأستاذ الدكتور /عوض إسماعيل عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة ,و د/ رمضان عفيفي مدير عام المراكز الثقافية والمكتبات، وقدم للملتقى الإعلامي أ/ عمر حرب المذيع بقناة النيل الثقافية.
وفي كلمته أكد الأستاذ الدكتور/ عوض إسماعيل أن التسامح هو: الصفح والعفو والإحسان، والإسلام دعانا إلى التعارف والتقارب، لا التنافر والتفرق، قال (سبحانه وتعالى) : “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ” مبينًا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يُربِّي الناسَ على الفضائل والمكارم حتى يكون المجتمع متحابًا متعاونًا؛ كما بين أن مكارِمَ الأخلاق لها أجر عظيم عند الله , ففي الحديث يقولُ عبدُ اللهِ بنُ سلَامٍ رَضي اللهُ عنه: “لمَّا قدمَ النَّبيُّ (صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ) المدينةَ، انجَفلَ النَّاسُ قبلَهُ، وقيلَ: قد قدمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، قد قدمَ رسولُ اللَّهِ، قد قدمَ رسولُ اللَّهِ ثلاثًا، فَجِئْتُ في النَّاسِ، لأنظرَ، فلمَّا تبيَّنتُ وجهَهُ، عرفتُ أنَّ وجهَهُ ليسَ بوَجهِ كذَّابٍ، فَكانَ أوَّلُ شيءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ، أن قالَ: يا أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ، وأطعِموا الطَّعامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ، والنَّاسُ نيامٌ، تدخلوا الجنَّةَ بسَلامٍ” والمقصود “بإفشاءِ السَّلامِ” نشره والإكثار منه، والسلام اسم من أسماء اللهِ (عزَّ وجل) , وإفشاءُ السَّلامِ طريق موصل للمحبة بين المسلِمين ، والسلام هو التحية المباركة في هذه الأمة، وقد جعَل النبي (صلى الله عليه وسلم) مِن خير الأقوال في البِرِّ والإكرامِ إفشاء السلامِ الذي يَعُم ولا يَخُص، مَن عرَف ومَن لم يَعرِف، حتَّى يكونَ خالِصًا للهِ تعالى, “وأطْعِموا الطَّعامَ” ويَعُم الإطعام ويَدخُل فيه ما يكون بالصَّدقة والهدية والضيافةِ, “وصِلُوا الأرحامَ”، والأرحامُ: هم كلُّ مَن تَربِطُك بهم رَحِم أو قَرابة مِن جِهةِ الأبِ أو الأمِّ، وقد حثَّ القرآنُ الكريمُ على صِلَتِهم، وحَذر أشَد التحذير مِن قَطعهم، قال (سبحانه تعالى): “وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا” ، “وصَلُّوا باللَّيلِ، والنَّاسُ نِيامٌ”، أي: صَلُّوا النَّوافلَ؛ مِن القِيامِ والتَّهجدِ في اللَّيل كما قال (سبحانه تعالى) واصفًا عباده المؤمنين: “تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا”، وينبغي الحرص على قيامِ اللَّيل والأخذ بالأسباب المعينَة على ذلك، وقوله: “تَدخُلوا الجنَّةَ بسَلامٍ”، أي: تكون الجنة جَزاء لمن فعَل هذه الخِصال مخلِصًا فيها للهِ (عزَّ وجلَّ ), ففي الحديث: الحثُّ على نَشْرِ السَّلامِ تحية وسلوكًا بين الناس، والتراحم بين الناس بفِعلِ الخِصالِ الحَميدةِ, و الأمر بصِلَة الأرحامِ وعدمِ قطعِها .
مختتمًا حديثه بأن الأخلاق أحد مقومات شخصية المسلم؛ وتزرع في نفس صاحبها الرحمة والصدق والعدل والأمانة والحياء والعفة والتعاون والتكافل والإخلاص، والتواضع وغيرها من الأخلاق الحميدة، فالأخلاق الحسنة هي اللبنة الأساسية للفلاح والنجاح، قال (سبحانه تعالى): “قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا” والتزكية تعني تهذيب النفس باطناً وظاهراً في حركاته وسكناته.
ومن جانبه أشار الدكتور/ رمضان عفيفي إلى أن التسامح قيمة عالية أكد عليها ديننا الحنيف وعاشها النبي (صلى الله عليه وسلم ), ومن مفردات التسامح الصفح والعفو والتحلي بالقيم العظيمة وقبول الآخر, مشيرً إلى أن من التسامح الاستماع للآخر وقبول كلامه, وأن النبي (صلى الله عليه وسلم ) كان من هديه الاستماع للآخر ولا سيما المخالفين في المعتقد قال (سبحانه وتعالى):” لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ “وقوله (سبحانه وتعالى) : ” لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ ” أي لا ينهاكم عن الإحسان إلى المخالفين لكم في المعتقد الذين لا يقاتلونكم في الدين ، كالنساء والضعفة منهم ، ( أن تبروهم ) أي : تحسنوا إليهم ( وتقسطوا إليهم ) أي : تعدلوا , موضحًا أنَّ الشريعة الإسلامية تدعو المسلمَ لأن يكون مُتخلِّقاً بالتسامح في تعامله مع الناس، وجميع تصرفاته من بيعٍ وشراءٍ وقضاء، وفي كل أحواله، فإذا تخلَّق بهذا الخلق الكريم؛ يسَّر الله له أمرَه، وبارك له في أحواله كلِّها، وضاعَف له الثواب، وسادتْ المودَّة والمحبَّة بين أفراد المجتمع, ومن أبرز مظاهر التسامح بين الناس: طلاقَةُ الوجه، واستقبالُ الناس بالبِشر، ومبادرتهم بالتحية والسلام والمصافحة، وحُسن المحادثة، وحُسن الصُّحبة والمعاشرة، والتغاضي عن الهفوات والزلات, ومن أبرز صور التسامح في حياة الناس: التنازل عن الحق، ورفع الحرج عن الناس. فالرجل السمح السَّهْل لا تطيب نفسه بأن يحصِّل حقا لم تَطب به نفس الطرف الآخَر، فيُؤثر لذلك التنازل عنه، والسماحة به، وإنْ كان له, مختتمًا حديثه عن ثمرات التسامح ومنها :مغفرة الله (سبحانه وتعالى) ذلك لأن الجزاء من جنس العمل، فمن أحسنَ إلى الناس وتسامح معهم عامله الله( سبحانه وتعالى) بالمثل فعفا عنه وغفر له، قال الله( سبحانه تعالى): ” وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّـهُ لَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”, ولا شك أن الوصول إلى المغفرة هو أسمى وأجل ما يطلبه العاقل، فإن أدرك أن باب الوصول إلى مغفرة الحق هو التسامح مع الخلق لازمه في جميع أحواله, ومنها: انتشار الألفة والمحبة بين الناس عند النظر إلى المجتمع فلا شك أن التسامح ما ساد في مجتمع إلا انتشرت المحبة ,والأُلفة بين أفراده، فالأنفس جُبلت على حب من أحسن إليها، قال الله (سبحانه وتعالى): “هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ”، فالمبادرة إلى التسامح من الفرد الأصل أن تُقابل بالمثل من غيره، فيصبح التسامح هو الأصل لأغلب أفراده.