في الحلقة الثامنة من ملتقى الفكر الإسلامي بعنوان : “فضيلة الصبر وجزاء الصابرين” العلماء يؤكدون : رمضان شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة
في إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام لنشر الفكر الإسلامي الصحيح ، ومواجهة الفكر المتطرف ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، أذيعت مساء السبت 8 رمضان 1443هـ , الموافق 9 / 4 / 2022م الحلقة الثامنة لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، وجاءت بعنوان : ”فضيلة الصبر وجزاء الصابرين” ، حاضر فيها كل من : أ.د/ أحمد ربيع يوسف عميد كلية الدعوة بجامعة الأزهر الأسبق ، والدكتور/ أشرف فهمي مدير عام التدريب بوزارة الأوقاف، وقدم للملتقى الإعلامي أ/ تامر عقل المذيع بقناة النيل الثقافية.
وفي كلمته أكد أ.د/ أحمد ربيع يوسف عميد كلية الدعوة بجامعة الأزهر الأسبق على أهمية الصبر وأنه من الفضائل الكريمة التي يجب أن يتحلى بها المسلم في جميع أحواله ، وأن لفظ الصبر من أكثر المعاني الأخلاقية التي ورد ذكرها في القرآن الكريم ، وأنها صفة لازمة للأنبياء والمرسلين (عليهم السلام) لقول الله (عز وجل): “فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ” ، وأن الأنبياء قد تعرضوا لمواقف كثيرة استقبلوها بالصبر والثبات، وقد صبر النبي محمد (صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ) على ما لاقاه من أذى المشركين واضطهادهم له وأصحابه إلا أنه (صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ) قابل ذلك بالصبر الجميل والعفو والصفح عنهم عندما كان في موضع القوة والغلبة ، وأشار أيضًا أن الصبر لا يقتصر على كونه صبر على المصائب بل الصبر يشمل الصبر على النعم كما يشمل الصبر عن المعاصي كما هو الحال مع سيدنا يوسف (عليه السلام) الذي صبر عن الوقوع في المعصية وقد تهيأت له أسبابها فكان صبره عندئذ أعظم من صبره علي ما وقع فيه من ابتلاءات؛ وأضاف أيضا أن التشريع الإسلامي يراعي طبيعة النفس البشرية ، حيث ثبت عن النبي (صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ) أنه عندما مات ابنه إبراهيم عليه دَمعتْ عَيْنَا رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ) وقالَ: تَدْمَعُ العَيْنُ وَيَحْزَنُ القَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا ما يَرْضَى رَبَّنَا، وَاللَّهِ يا إِبْرَاهِيمُ إنَّا بكَ لَمَحْزُونُونَ. والملاحظ في دعوات الأنبياء (عليهم السلام) عدم التطاول في دعواتهم برفع البلاء كحال نبي الله أيوب (عليه السلام) حيث يقول الله (عز وجل): “وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ” حيث إنه لم ينسب البلاء إلى الله (عز وجل) فلذلك أنزل الله له الفرج وصفه الله (عز وجل) بقوله: “وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِّعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ”.
ومن جانبه أكد الدكتور/ أشرف فهمي مدير عام التدريب بوزارة الأوقاف أن الصبر هو خلق المؤمنين الصادقين حيث إن الله (عز وجل) أمرهم أن يستعينوا بالصبر كما جاء في قول الله (سبحانه): ” وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ” لأن الصبر طريق الهداية والصواب ، وبين أن عند الابتلاء يُعرف معدن المؤمن الحقيقي، فالمؤمن الحقيقي هو الذي يصبر ويحتسب ، وأن الصبر لا يقتصر على كونه على العبادات أو عن المنهيات؛ بل يكون في المعاملات لأن الدين يأمر بحسن المعاملة ، وقد ذكر القرآن الكريم جزاء الصابرين وذلك في قول الله (عز وجل): “إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ”؛ مضيفا أن الصابرين هم المهتدون كما بين ذلك المولى (عز وجل) في قوله: “وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ”، كما أن جزاء الصبر يكون أيضا بالعوض من عند الله (عز وجل) حيث يقول الله (عز وجل) في مجازاته لنبيه أيوب (عليه السلام): “فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ”، ولذلك يقول النبي (صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ): “وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ”.